خارج الحدود

“السدايرة” يعززون قبضتهم على حكم السعودية وسط تخوفات أمنية

عززت قرارات التعيين الجديدة المرافقة لتصعيد محمد بن سلمان إلى منصب ولاية العهد من قبضة الجناح السديري على الحكم في المملكة.

ويعد جناح أبناء الملك عبد العزيز من زوجته حصة السديري القوة المسيطرة على الحكم في السعودية على الرغم من المرحلة التي حاول فيها الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز تهميشه وإدخال عناصر من خارجه إلى الحكم لكن وفاته وتربع سلمان أحد “السدايرة السبعة” كما يطلق عليهم في السعودية قوى نفوذ هذا التيار وأنهى كل ما قام به سلفه لإضعافه.

وفي التعيينات الأخيرة بمناصب الدولة ومستشاري الديوان والسفارات كان 5 من أصل 7 أشخاص من الجناح السديري بينما كان الاثنان الآخران من أحفاد الملك فيصل الذين ما زالت لهم الحظوة في مناصب الدولة السعودية.

إلى ذلك، تناولت صحف بريطانية وأميركية الشأن السعودي في ظل قيام الملك سلمان بن عبد العزيز بتعيين نجله الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد بموجب أمر ملكي بعد أن كان وليا لولي العهد، وإعفائه الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز من مناصب عدة أبرزها ولاية العهد نفسها التي كان يشغلها. وأشار بعضها إلى تخوف أمني مع صعود محمد بن سلمان ليحكم السعودية.

فقد أشارت صحيفة تايمز البريطانية من خلال مقال للكاتب ريتشارد سبنسر في هذا السياق إلى مخاوف أمنية، وذلك إذا ما تولى الأمير الشاب محمد بن سلمان زمام الأمور وسدة الحكم في السعودية، بعد أن تمت ترقيته من ولي لولي العهد إلى منصب ولي العهد.

وأضافت أن السعودية سعت إلى طمأنة بريطانيا والولايات المتحدة بالتزام الرياض بالتعاون لمكافحة الإرهاب، في ظل إعفاء الملك سلمان ابن أخيه ولي العهد محمد بن نايف بن عبد العزيز (57 عاما) من مناصبه.

وأشارت إلى أن الملك سلمان (81 عاما) أراد أن يتأكد من تولي نجله الأمير محمد بن سلمان (31 عاما) الحكم ملكا للمملكة العربية السعودية من بعده، وإلى أن شائعات تدور مفادها أن الملك سلمان قد يتنازل عن العرش لصالح نجله محمد بن سلمان.

عرش وحرب وحصار

واستدركت تايمز بالقول إنه يُنظر إلى ولي العهد الجديد بأنه يقف وراء القرار الذي اتخذته السعودية والمتمثل في شن الحرب على اليمن عام 2015، مضيفة أن هذه الحرب أسفرت عن مقتل عشرة آلاف من المدنيين، وذلك جراء الغارات الجوية التي تشنها السعودية وحلفاؤها على الجارة اليمنية.

وأشارت إلى أن محمد بن سلمان قاد الحصار الذي فرضه المعسكر السعودي على دولة قطر.

وأضافت أنه يُنظر في الغرب إلى الأمير محمد بن نايف -الذي كان يتولى أيضا منصب وزير الداخلية- على أنه يتمتع بسمعة طيبة، وذلك باعتباره الرجل الذي تسبب في إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية في السعودية، وأنه أسهم في إحباط وإفشال مخططات منها ما كان موجها ضد أهداف غربية.

وأشارت إلى أن محمد بن نايف كان بالنسبة للغرب مصدرا استخباريا لا يقدر بثمن، وأن تنظيم القاعدة استهدفه محاولا اغتياله، وتحدثت عن تفاصيل هذه المحاولة، وأن رحيله بالنسبة لبريطانيا لم يكن متوقعا.

عديم الخبرة

وتطرقت الصحيفة إلى تعيين الأمير الشاب عبد العزيز بن سعود بن نايف -الذي هو في بداية الثلاثينيات من العمر- وزيرا للداخلية، مشيرة إلى أنه عديم الخبرة في النواحي الأمنية، وأن الجهاز الأمني في هذه الحال سيشكل مصدر قلق لأوساط الاستخبارات الدولية.

وعودة إلى ولي العهد الجديد، فقد أشارت تايمز إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب سبق أن التقى به، ويبدو أنه يقف إلى جانبه.

وقالت إن ولي العهد السعودي الجديد لم يكن معروفا قبل تولي والده الملك سلمان بن عبد العزيز زمام الأمور في السعودية، وأنه سرعان ما أصبح وليا لولي العهد بعد ثلاثة أشهر من تولي والده الحكم.

وأشارت إلى أن لدى الأمير السعودي الشاب العديد من المشروعات والإصلاحات التي قد تسهم في تطوير بلاده، لكنه لم يبدِ أي إشارة إلى الليونة بشأن التعامل مع المعارضين الذين ما زالوا يواجهون فترات سجن طويلة في بلاده.

انقلاب ناعم

من جانبها، أشارت صحيفة غارديان البريطانية -في مقال للكاتب مارتن شلوف- إلى أن نجل الملك السعودي أقرب إلى الحكم بعد هذا الانقلاب الناعم، وأضافت أن هذا الإجراء من جانب الملك سلمان إنما يهدف إلى دعم خطوات بلاده كي تصبح قوة إقليمية مؤثرة.

وأشارت إلى أن هذا الأمر الملكي الذي صدر بعد منتصف الليل قد أذهل المؤسسة السعودية التي كانت تتابع بزوغ نجم الأمير الشاب محمد بن سلمان، إلا أنها لم تكن تعرف أن منصب ولي العهد السابق محمد بن نايف كان في خطر.

وتحدثت الصحيفة بإسهاب عن الأمير الشاب، وقالت إن البعض يرى أنه لا يستحق كل هذه الصلاحيات التي مُنحت له.

وفي السياق ذاته، تساءلت مجلة فورين بوليسي الأميركية، في مقال للكاتبة إيليزابث ديكنسون: ماذا يعني صعود ولي العهد الجديد الشاب بالنسبة للشرق الأوسط؟ وتحدثت بإسهاب عن خلفية الأمير الشاب والطموحات التي يرنو إليها بشأن بلاده والمنطقة.

وقالت إن محمد بن سلمان هو من قاد الحرب على اليمن والتي أسفرت عن تدمير البنية التحتية الضعيفة أصلا للبلاد، وإنها أدت إلى ترك الشعب اليمني على حافة مجاعة كارثية، وذلك بالرغم من تجميد خط الجبهة في هذه الحرب إلى حد كبير.

صراع إقليمي

وأضافت المجلة أن محمد بن سلمان يأمل في أن يحظى بدعم من الرئيس ترمب، وذلك في صراع إقليمي آخر.

وقالت إن السعودية تتعرض حاليا لأسوأ أزمة سياسية داخلية في التاريخ، وأوضحت أن المعسكر السعودي يفرض حصارا على دولة قطر، وتحدثت عن تفاصيل هذا الحصار وعن طرد السعودية المواطنين القطريين من أراضيها.

كما أسهبت المجلة في الحديث عن التطورات السياسية التي شهدتها السعودية، وعن نظرة الغرب لابن نايف وعن دوره في مواجهة تنظيم القاعدة.

وعادت المجلة للحديث عن إجراءات التغيير في ولاية العهد في السعودية، وقالت إنه ما إن انتهى السعوديون من تناول طعام السحور حتى بلغهم النبأ، وإن محمد بن سلمان بدأ فترة ولايته بالإعلان عن عطلة رسمية لأسبوع جديد بعد عطلة عيد الفطر المعروفة.

وأشارت إلى أن الحكم في السعودية يشهد انتقالا من الجيل القديم إلى الجيل الجديد الذي سيواجه تحديات جمة، سواء في مواجهة إيران أو الضغط على قطر أو التعامل مع هزة اقتصادية.

وأشارت إلى أن محمد بن نايف قال لمحمد بن سلمان في آخر كلامه: أنا سأرتاح الآن، والله يعينك.