مجتمع

التايدي: التحاقي بالصحافة بشكل مهني جاء عن طريق النضال الحزبي

نقرأ لهم دون أن نعرف تقاسيم وجوههم ولا ملامحهم، يكتبون لنا وعنا وقائع وملاحم، يخوضون “في عمق” المجتمع، في ثنايا الذات وفي قعر الذاكرة، يرسمون واقعنا ووعينا ولاوعينا بأقلامهم، بالألم حينًا وبالأمل حينا آخر. هم حملة الأقلام الذين امتهنوا المتاعب عن طواعية وقدر محتوم، هم الذين انصهروا في رحاب صاحبة الجلالة حد الذوبان.

التقيناهم بعيدا عن مكاتبهم .. قريبا من القارئ، حيث تم قلب الأدوار والوضعيات وتجريب مواجهة السؤال الذي هو زاد الصحافي. وفي خضم البحث عن الجواب تحدثنا عن الطفولة وتفاصيل الحياة الشخصية في بوح صريح.

ضيف الحلقة الـ 21 ضمن هذه السلسلة ابنة تلال الريف بين وزان وشفشاون مريم التايدي الصحفية بجريدة “التجديد” سابقا.

ما الذي تتذكرين من طفولتك؟

طفولتي تشبه كثيرا طفولة من هم من جيلي، أتذكر منها الكثير من معالم وطني في ذاك الوقت، وأتذكر منها تحديدا بعض الشغب والمشاكسة والكثير من الأمل والاجتهاد، حيث كنت واحدة من أبناء المغرب العميق بالبادية المغربية وتحديدا في منطقة مقدمة تلال الريف بين وزان وشفشاون، وكان علي أن أواجه الصعاب للولوج لحق أساسي هو التعليم، وكان علي التمسك بالكثير من الأمل والصبر والتسلح بالكثير من الطموح، وكان علي أن أقنع أبي في كل سنة بضرورة استمراري في الدراسة، فالبنات في بلدي آنذاك لا يتجاوزن الشهادة الابتدائية، وإذا تجاوزنها لا ينهين الإعدادي، بعدها يتزوجن ويهاجرن. لنقل أنها كانت طفولة صعبة بطعم التحدي والإصرار ممزوجة بنشوة النجاح والتفوق.

كيف جاء التحاقك بالصحافة؟

التحاقي بالصحافة بشكل مهني جاء عن طريق النضال الحزبي، حيث انطلقت في أول مرة في تجربة جريدة حزبية، لأعتكف بعدها في رحاب صاحبة الجلالة، وأصير واحدة من وصيفاتها الطامحات لمزيد قرب.

هل كنت تتوقع يوما أن تصيري صحافية؟

نعم، كانت من أحلامي الصغيرة التي نسجتها صاحية أكثر من مرة، وعندما كنت بالجامعة وجدت أنني أخطأت طريق التوجه إليها أكاديميا، لكن الكتابة الصحفية كانت إحدى هواياتي، ولكم أعددت من مجلة حائطية في مساري التعليمي أحيانا لوحدي، وكم انخرطت في لجن إعلامية بالمؤسسات التي درست فيها وغيرها.
بعيدا عن الصحافة، ماهي اهتماماتك في السياسة والثقافة والرياضة والمجتمع؟

أعتقد أنه عندما تكون صحفيا فاهتماماتك لابد أن تتنوع ولابد أن تتشابك في كل حين، لنقل إذن أن قضايا المجتمع تجذبني أكثر من غيرها وتحديدا قضايا المرأة رغم أنني لا أكتب عنها كثيرا، ويزعجني النقاش حولها لما يعتريه من مغالطات.

بخصوص السياسة تبقى الديمقراطية والحرية شغلي الشاغل. واعتبر أن تنمية أي بلد وتنمية المغرب تحديدا تتحقق حين تُحترم الديمقراطية وحين يتم الإنصات لصوت الشعب والالتحام بقضاياه العادلة.

بخصوص الثقافة أميل كثيرا لقراءة الشعر وأتنفس حرية أكثر حين أخربش بين الفينة والأخرى، واعتقد أن الثقافة التي تنقصنا هي ثقافة الحوار وحقوق الإنسان، مناخ ثقافي ينبع من الشعب ويعود إليه ولا يتعالى عنه في أبراج ومتاهات لا يعرفها غير من يعتبرون أنفسهم مثقفين. أما عن الرياضة لنقل أنني “كسولة” حيث لا أمارس أي رياضة ولا اهتم ولا أتابع للأسف.

ما هي المدينة الأقرب إلى قلبك؟

شفشاون الجمال والشموخ، شفشاون الحب والأمل، فيها تتفتح روحي وتسمو، وبها أجد السلام الداخلي، تلهمني وتلهب عشقي للبساطة.

ألم تشعري بالندم لأنك لم تختاري طريقا آخر غير الصحافة؟

لا أبدا، لأنني بالفعل اخترت وندمت على الوقت الذي أضعته بعيدا عن الصحافة، يقولون أن عشق الصحافة له ومضة بالعيون، يرهف الحس ويوقظه.

ألا تظنين أن دور الصحفي أو السياسي ليس هو دور الكاتب؟

أكيد أدوارهم تتقاطع وتتكامل، لكن لكل دوره، ودور الصحفي يرتقي لدورهما فهو رقيب وراصد ومتتبع ووسيط بينهما وبين الرأي العام، قد يمارس السياسة حين بالرأي يجهر وقد يصير كاتبا إذا تفتقت قريحته إبداعا.

هل تفضلين أن يصفك الناس صحافية أم كاتبة؟

أفضل أن أكون صحافية، وأصنف نفسي كذلك، بالنسبة للكتابة عندي هي لفحة إبداع تتوهج وتخبو.

هل أنت منتظمة في أوقات الكتابة؟

الكتابة خارج العمل الصحفي لا، كما قلت سابقا تتوهج وتخبو، وبالنسبة للانتظام في الكتابة الصحفية تفرضها طبيعة وإيقاع العمل.

كيف عشت أجواء رمضان خلال الطفولة وبعدها؟

لا زالت أجواء رمضان في الطفولة تعيش بداخلي، هي مشاعر فرح ورضا واقتسام، واعتقد أنها نفسها التي أعيشها اليوم، مع تغيير في الأدوار بين الطفلة والأم. رمضان دائما محطة خير سنوية نتوقف فيها لنتزود ولنغسل قلوبنا ونمضي قدما، احمل بداخلي الكثير من أحاسيس رمضان في الطفولة التي صاحبت طقوس إعداد الأطباق، أعد بعضها اليوم في بيتي بنفس الطريقة اشتياقا لأمي ورحمة على روحها.

ماذا تمثل لك هذه الكلمات؟

الحرية: نفس مقدس

الحب: حياة وامتداد

الوطن: نبض وانتماء

ما رأيك في هؤلاء؟

ابن كيران : زعيم سياسي، شهد له بالذكاء وبقوة الخطاب، صاحب كاريزما وبعد نظر.

العربي المساري: من رجالات المغرب الأوفياء، حمل هم الوحدة الترابية وساهم بطريقته في التلاقح الثقافي.

خالد الجامعي: صحفي بمواقف سياسية