أخبار الساعة، أدب وفنون

الدكتور بوجنال من بني ملال: الثورة الثقافية هي الحل

قدم الدكتور والأستاذ الباحث محمد بوجنال مساء السبت 22 يوليوز، ورقة حول موضوع “الوعي بمعنى الوجود، شرط تحرير الإنسان العربي”، في لقاء جمعه مع ثلة من النخبة بفضاء مقهى الموعد بمدينة بني ملال، وفي إطار برنامج “قهيوة مع” الذي تنظمه جمعية التنمية للطفولة والشباب كل شهر.

وفي مستهل محاضرته، انطلق الدكتور محمد بوجنال، من قراءة سريعة للمحيط الدولي، والعربي على أدق التحديد، والذي سمى أنظمته بالأنظمة السلبية العربية، لأنها تقوم على تبني أسلوب النظام الأب الرأسمالي، والذي ينبني على أساسين، القوة العسكرية والأيديولوجيا، مستشهدا في ذلك ببعض أنظمة الدولة العربية المهيمنة.

وانتقل داخل السياق هذا، إلى نقطة هامة تتعلق بمكونات صيغة الوعي ووظيفتها، والتي قسمها إلى ثلاث محاور، المعنى أي كل ما له علاقة داخل بنية العقل، ثم الوعي بمعنى العلاقات الاجتماعية والإنتاج، وصولا إلى الوجود.

وتمحورت مداخلة الدكتور محمد بوجنال، الذي يشتغل مؤخرا على كتابه الجديد “نفي الجسم والعقل، نفي للإنسان العربي”، حول أربعة محاور أساسية، اعتمدها في منهج تقديم محاضرته، وقدمها كنماذج لتيارات فكرية عربية معاصرة، ابتداءً من تيار الكتلة التاريخية لصحابها خير الدين حسيب، الذي يقول أن الثورة الثقافية هي المدخل الأساسي والرئيسي لأي ثورة اجتماعية، وتغيير مجتمعي.

ليأتي بعد ذلك تيار الوحدة القومية والذي يتزعمه الدكتور نديم البيطار، حيث يؤكد على أن العالم العربي يتميز بالتخلف التاريخي، أي أن الأولوية الآن يجب أن تعطى للانتلجنسيا الثقافية الثورية، لتسلم السلطة، وهو المدخل الذي سيمكنها من تسطير برنامجها للتأسيس للمشروع الاجتماعي الذي يأخذ شكل الثورة الاجتماعية كمرحلة ثانية، ثم ثورة البروليتاريا كمرحلة ثالثة. وقال الدكتور بوجنال إن الانتقال من الانتلجنسيا إلى البروليتاريا هو النهج الذي دافع عنه نديم البيطار، من أجل تحقيق الثورة الثقافية، ثم الثورة الاجتماعية، ثم الاشتراكية.

وفي حديثه عن سمير أمين، صاحب الماركسية الماوية، قال إن هذا الأخير، اعتبر الماركسية العربية خشبية، تكرر فقط ما يقوله الآخرون، وأنها ما تزال تخلط بين المنهج والنظرية، معتبرا هو أيضا أن المدخل هو الثورة الثقافية، والتي ستنتج لنا الإنسان المركزي، والذي بدوره سيؤثر في المجتمع.

ليصل الدكتور المحاضر في نهاية ورقته، إلى التاريخانية، لمنظرها الدكتور عبد الله العروي، الذي وصف المثقف العربي والمغربي بـ “الأمي”، أي نسبة إلى أمه، وقال بوجنال إن العروي كان دائما يرغب في التأسيس لنوع آخر من المفكرين، عبر ما كان يطلق عليه “القطيعة مع المنهجية” وهو الأمر الذي خلق بينه وبين الجابري خلافا كبيراً.

وتفاعل الحضور مع هذه الورقة الفكرية التي قدمها الدكتور محمد بوجنال، أحد مؤسسي أكاديمية الرابطة العربية للفسلفة بدولة العراق، وقالوا إن هذا الموضوع له راهنية كبيرة، خصوصا بعد الأوضاع العربية المتأزمة الآن، والتي بدأت تعيط تشريح خريطة الشرق الأوسط، وتطرح سؤال الهوية الثقافية، وارتباطها بالمتغيرات الجيوسياسية والسوسيو اقتصادية. دون إهمال الجانب الديني والطائفي.

وفي حديثه إلى جريدة “العمق”، قال سعيد غيدَّى كاتب فرع جميعة التنمية للطفولة والشباب بالمناسبة: “إن اختيار الدكتور بوجنال، ضيفا في حلقة “قهيوة مع” الثانية، له أسباب كثيرة، أولا قيمة الضيف العلمية والأكاديمية، حيث يعتبر الدكتور محمد بوجنال من المفكرين والباحثين والكتاب المغاربة الذين اشتغلوا على الفلسفة السياسية المعاصرة، بمقاربات فكرية عديدة، وهذا تجلى لنا أكثر في المحاضرة التي قدمها هنا في بني ملال، ثم بالنظر كذلك إلى طبيعة المرحلة الراهنة التي نعيشها، إذ باتت الرغبة ملحة للعودة إلى فكر هؤلاء المنظرين والفلاسفة لمحاولة فهم ما يدور حولنا من متغيرات دخلت دوامة التعقيد، وكنوع أيضا من محاولة لاستقراء التاريخ”.