وجهة نظر

بؤس الساسة أفقد معنى السياسة

إن المتتبع لمجريات الساحة السياسية الوطنية، يقف على حجم التراجعات الكبيرة وعلى مختلف الأصعدة، وللغوص أكثر في تحليل هذه الوقائع سنطرح بعض التساؤلات، ما هي أسباب تدني منظومة القيم؟ وماهي العوامل المتحكمة في إختفاء رجالات الدولة من طينة الحكماء؟ وما هي معايير اختيار القيادة السياسية للتنظيمات السياسية والنقابية؟ وهل فعلا نعيش في دولة تحترم دستورها ومؤسساتها؟ وهل الديمقراطية وحقوق الإنسان مجرد أوهام، وشعارات؟ ومن المتحكم في دواليب القرار السياسي الوطني؟.

هي مجرد أسئلة حارقة ستظل تطرح نفسها في ظل الواقع الحالي، ولندخل في عمق صلب هذا المقال، لا بد أن نشير بأن المواطن ومن مختلف الشرائح، واﻹنتماءات، ولو بنسب متباينة، استبشر خيرا مع قدوم ما عرف بـ “العهد الجديد”، مع مجموعة من الإصلاحات، سواء على المستوى الحقوقي، من أجل المصالحة مع التاريخ الديكتاتوري السابق، وأيضا من جانب حرية التعبير، والعمل الصحفي، والسياسي، لكن تقريبا ومع مستجدات الحياة السياسية، يبدوا بأن أذناب المخزن والتي لا تموت، تحكمت ومنذ سنة 2009، لتعزف مقطع غير واضح المعالم، هي نفس الأدوات تسببت في كارثة حقوقية، وإجتماعية، إبان “مخيم أكديم-إيزيك” هي نفس الآلة التي دهست كل شيء، وأصبحت تتحكم في تعيينات الولاة، والعمال، وتهدد البرلمانيين، والمستشارين، للترحال أو الإحالة على القضاء، عن طريق إحياء قضايا، وملفات ظلت مركونة في رفوف المحاكم، سرعان ما اختلطت الأمور في الشارع العربي سنة 2011، مع ما عرف بـ “ثورات الربيع العربي” ليشكل المغرب بالفعل “الإستثناء المرحلي”، لكن مع سبق الإصرار والترصد، لأن الأصل هو نفسه والمقاربة لا تتغير، وهو ما اتضح بشكل ملموس مع المحطات الإنتخابية، سواء مع الانتخابات الجماعية، والجهوية، لـ 04 شتنبر 2015، أو الإنتخابات البرلمانية، لـ 07 أكتوبر 2016. وهو ما عجل بتسريع وتيرة هجمة التحكم، من جديد وهذه المرة بوجه مكشوف وممسوخ، لكن أحيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، كانت التخريجة مع “حراك الريف” والذي عرى المستور، وأظهر الحقائق، فهل بعد كل هذا العبث تستطيع الدولة الحفاظ على ما تبقى من ماء الوجه، ويستطيع السياسيون التكفير ولو عن أدنى الأخطاء، وتقديم التنازلات من أجل بناء ديمقراطي حقيقي، وليس مزيف، ولن يتأتى ذلك دون الإسهام في بلورة البدائل التالية:

– ملكية برلمانية يسود فيها الملك ولا يحكم.

– تعديل الدستور وتوسيع هامش الحقوق والحريات، وتكريس إحترام القانون، والمؤسسات.

– إستقلالية القضاء فعلا لا قولا.

– حياد وزارة الداخلية، وتقليص هامش التحكم، في الأحزاب، وفي الحياة السياسية ككل.

– الإيمان بأن عقلية أجيال اليوم، ودور وسائط التواصل الاجتماعي، يفرض تغيير العقليات، والمقاربات.

وأخيرا تكريس مبدأ المساواة، والحرص على أن الوطن يسمو فوق الجميع، والكرامة هي السبيل لتجسيد دولة الحقوق، التي تحترم مواطنيها.

* باحث في العلوم السياسية – رئيس حكومة الشباب الموازية