وجهة نظر

سلسلة “وهم الالحاد” – الجزء الثالث

بسم الله الرحمان الرحيم، و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين ، أما بعد:

في الجزء السابق تحدثنا عن أهم الحجج و الأدلة المطروحة بالساحة الثقافية على وجود الله ، و كان الحديث عن الحجة الكوسمولوجية:
Cosmological Argument و أيضا عن حجة الصنع( الصبط الدقيق) : Design Argument و أيضا عن حجة الأخلاق أو البوصلة الأخلاقية :
Morality Argument و عن الأدلة العقلية و الرياضية المطروحة بالساحة الثقافية .

سنبحر اليوم في قراءة عن هذه الحجج السابقة و أيضا عن بعض الفرضيات المطروحة بقوة بالساحة العلمية اليوم و عن بعض الإدعاءات من قبل الماديون لمواجهة كل هذا.

إنتقلنا بحمد الله و قوته بعد هذه المقدمة و هي عبارة عن جزئين أولين تطرقنا من خلالهما الحديث عن الموضوع من جوانبه العامة، ننتقل و إياكم اليوم إلى أهم المراحل الموضوع و هي مرحلة المنهج العلمي.

-حقيقة إن هذا الموضوع ” المنهج العلمي” أكثر الجوانب المتمثلة في الإشكالات و المغالطات الكبرى التي تطرح ، و لعل أهم من كتب عنها بالعالم و هو العالم الإسلامي الكبير إبن الهيثم الذي يعتبر المؤسس الأول للمنهج العلمي بالعالم التي ترجمت كتبه إلى كل اللغات و الألوان .

-عندما نتكلم عن أهم النظريات و الفرضيات العلمية و الفلسفية المطروحة بالساحة الفكرية سواء :

The Big bang theory ” نظرية الإنفجار العظيم”
أو : The theory of evolution ” نظرية التطور”
أو String theory high ” نظرية الأوتار الفائقة ”
أو كذلك عن ..
Multivers hypothesis
” فرضية الأكوان المتعددة ”

لا نقول عنها النظرية الإلحادية ، أو النظرية المادية ، أو النظرية التي تؤدي إلى الإلحاد ، أو تؤدي إلى الإيمان أو شيئ من هذا القبيل،
فهناك مستويات تتطرق لها كل نظرية ، فعلى سبيل المثال : التطور : evolution
فهذا المجال أو أيا كان ينبني على ثلاث مستويات رئيسية و هي :

-المستوى الأول و هو مستوى الحقائق مثلا ” جينوم البشر ، جينوم الدلفين ، كروموسومات ، حفريات ،…..” فهذه حقائق غير مرتبطة بأي نظرية ، شاهدو ماذا نرى على الأرض ، ماذا نرى بالمختبر ، فهذه حقائق لا يختلف عنها اثنان .

– المستوى الثاني وهو مستوى النظرية التي تفسر لنا هذه الحقائق ، أو القادرة على تفسير هذه المعطيات ، أو الحقائق ، فعلى سبيل المثال ” نظرية التطور أو ماتعرف الآن الدروينية الجديدة ، المتمثلة في إطار متكامل ينبني على الأسس و هي الحقائق و القوانين العلمية و النماذج العلمية المقبولة ، و بعض الآليات ”

الإنتخاب الطبيعي ،التطور الكبير ، التطور الصغير ، الطفرات التي تحدث ، الإنتخاب و البقاء للأنسب ، …..” المتمثلة في إعطاء تفسير لهذه الحقائق .
-المستوى الثالث : و هو مستوى التأويلات ، ” شاهدو ماذا قال ستيفن ماير مثلا ، لاحظو تأويل مايكل بيهي ، أو دوكنز مثلا …. ” فهذه تأويلات لا تهم و لا تؤثر في النظرية ..

هل هناك إله ؟ هل يوجد صانع؟
فالنظرية هي مستقلة تماما عن كل هذه التأويلات و الإدعاءات ،
أو كثيرا ما نسمع أن هذه النظرية إلحادية ، أو تؤدي إلى الإيمان ، أو ….إلخ ، فهذه تعتبر من أكبر الأخطاء العلمية بالمنهج المنتشرة بالساحة النقاشية المتمثلة لكلى الطرفين ، و تبين على أنه يوجد خلل كبير في بناء المنهج العلمي .

أما مجال الإلحاد فله مجاله المتوسع للنقاش فيه إنطلاقا من الأدلة المتنوعة التي سنريها إن شاء الله بهذا الجزء .
– فرانسيس كولنز Francis Collins الملحد السابق و رئيس أكبر و أضخم مشروع البيولوجيا في التاريخ البشري Human Genome Project
و عالم في البيولوجيا الجزئية يكتب أهم جمله الشهيرة :
” لماذا نحن جميعا هنا ؟ لماذا يوجد شيئ بدلا من لا شيئ ؟ هل هناك إله ؟ أليس من الواضح أن هذه الأسئلة ليست أسئلة علمية ! و العلم ليس لديه الكثير ليدلي به في هذا الخصوص ” “Whay are we all here? why is there something intead of nothing ise here a god ? Is not it clear that those are not Scientific question ? and that Science doesn’t have much to say about them”
– أنتوني فلوو في كتابه ” هناك إله ” طرح السؤال الذي تحول اليوم إلى أحد أهم الأسئلة المطروحة بالساحة اليوم .. و هو :
من الذي كتب القوانين الطبيعية لتحكم كونا لم يشكل بعد ؟
العالم الكبير ستيفن هوكينغ في كتاب التاريخ الموجز للزمن يقول :” القوانين تصف العلاقات بين كميات من المادة و فقط ، لكنها في الأصل تحتاج إلى من ينفخ فيها الروح ” من الذي يلزم الإلكترون أنه يدور بسرعة محددة و شحنته المحددة سواء في المجرة الفلانية أو في DNA أو في المخ أو في عمان ؟ هل هذه السرعات المظبوطة بالضبط الدقيق  Desieng argument  التي تحترمها هذه العناصر المجهرية سواء الإلكترونات ، الفوتونات ، … إلخ . في الكون كله تعتبر من العشوائية ؟ العشوائية معناها العشوائية إسم على مسمى ، لماذا نرى هذا الضبط الدقيق في كل مكان بالكون قائم بقانون محدد منذ بدأ الخلق حتى الآن ؟ من الذي يلزم هذه الأشياء في الكون لكي تتصرف هكذا ؟
فعندما نتحدث عن القوانين المتعارف عليها اليوم ” قانون كيبلر ، قانون هابل لتباعد المجرات ، قوانين ميكانيك الكم . نتحدث عن التفسير العلمي المتعارف عليه ، لا أن تظن على أن هذا هو كل شيئ ،

كيف يعرف الإنسان هذا خير و هذا شر؟
لماذا الكذب خطأ؟
فهل الروح عنصر كيميائي؟
هل العقل مكون من خلايا ذات نواة و إلكترونات تدور حولها ؟
هل الرحمة جزيئ ؟
أم الكذب خلية مادية لاغير ؟
و الندم أيضا من مشتقات الحديد؟
على أنها كلها عناصر كيميائية ممكن تعديلها .

برتراند راسل Bertrand Russel الملحد المشهور قائد الإلحاد الأربعة ” الإلحاد ، الربوبية ، اللائدرية ، لا دينية “يقول في مقدمة كتابه تاريخ الفلسفة الغربية Hystory of westren philosophy ” إن أكثر الأسئلة أهمية و إثارة للعقول النيرة تقع خارج دائرة العلم ” ” Almost all the question of most interest to speculative mind are such as Science cannot answer”  فيتسائل برتراند عن الوجود ” هل ينقسم إلى مادة و عقل .. و ما المادة و ما العقل ؟ ” “To such question no answer car be found in the loboratoy?” كما يقول العالم الكبير بيتر مداور Peter Medawer الحاصل على جائزة نوبل في الطب يقول ” لا شك أن للعلم حدودا لا يستطيع تجاوزها ، فالعلم لا يستطيع الإجابة عن الأسئلة البديهية التي يطرحها علينا أطفالنا : كيف بدأ هذا الوجود؟ كيف جئنا من هنا ؟ ما الغرض من حياتنا ؟ و غيرها كثير ”

فالعلم في آخر المطاف بأدلته المتنوعة ( التي تدرج بالمستويات التالية : الدليل الرياضي ثم يليه الدليل العقلي ثم الدليل التجريبي و أخيرا الدليل الحسي ) يجيب و قادر على الإجابة فقط عن سؤال كيف ” كيف تشكلت الأرض و السدائم و النجوم و الثقوب السوداء و المذنبات و…. ” أما السؤال لماذا ” لماذا وجدت يا إنسان ؟ ما الغرض من وجودك ؟ …” قال عنها المفكرون و العلماء عبر التاريخ على أن هذا المجال هو مجال الدين و العقيدة .. فليس مجال العلم.

#يتبع

هذا هو العلم الذي يسير دائما إلى أفق الأحسن و الأجود إلى البحث عن الحقيقة إلى تغيير التصورات الخرافية و تدبر عظمة الخالق .
فهي فكرة أولية ترجمت إلى ثورة فكرية من الجذور و انتقلت بنا إلى عالم الفكر و المعرفة إلى عالم النور إنها العلوم الحقة التي تسمونها فهي كذلك .
ففعلا أخرج من محيط يتوهج بالتخمين و إنتقل بذاتك إلى عالم الفكر و المعرفة . فكن غيورا لذاتك قبل أن تصل إلى أن تكون عاجزا عن أي شيء .

سنكمل إن شاء الله سلسلتنا مع تغمس أكبر و عن بعض المغالطات التي يرددونها الملاحدة و عن الثوابت الكونية الدقيقة و الترويج الزائف لها دمتم للعلم أوفياء.