خارج الحدود

في السعودية الجديدة .. التدوين والتغريد “بأمر السلطان”

يكشف كاتب صحفي شهير عما تعرض له عدد من مشاهير المغردين في المملكة العربية السعودية في الأشهر الأخيرة من ضغوط جعلت “تغريداتهم” على موقع التدوينات القصيرة “تويتر” تمر عبر رقابة مسؤول بالديوان الملكي، أو عبر “مصفاة” الرقابة الشخصية التي دفعت بعضهم للتغريد المحسوب حد التوقف أحيانا.

الكاتب الذي طلب من الجزيرة نت عدم ذكر اسمه، كشف عن شكوى بثها له عدد من أصدقائه السعوديين الذين أكد بعضهم أن شهرتهم على موقع تويتر لم تعد أمرا إيجابيا، بل باتت عبئا عليهم.

ويشرح كيف طلبت جهات في الديوان الملكي من بعض أصحاب الحسابات الشهيرة من الدعاة والفنانين وقادة الرأي العام؛ إعلان التأييد لخطوات السعودية التي اتخذتها لحصار دولة قطر، بل إن أحدهم أكد أن بعض التغريدات كتبت في المقار الأمنية أثناء استدعاء صحفيين ونشطاء ومشاهير، ومنها تغريدات الاستقالة أو البراءة من العلاقة مع مؤسسات قطرية.

في المقابل فإن بعض الذين رفضوا الكتابة عللوا ذلك بأنهم لا يريدون التغريد في هذه الأزمة، وعندما دعا أحدهم وهو الشيخ سلمان العودة لأن يؤلف الله القلوب تعليقا على خبر الاتصال بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، جرى اعتقاله لأنه “اخترق اتفاق عدم التغريد حول الأزمة”، لاسيما أن تغريدته اعتبرت متعاطفة مع قطر.

مستشار الديوان

وتكشف حسابات متعددة كانت موجودة قبل الأزمة الخليجية لكنها نشطت أكثر بعد الأزمة؛ الدور الكبير الذي يلعبه الوزير المفوض والمستشار في الديوان الملكي سعود القحطاني الذي لا يقتصر دوره على إدارة دفة الإعلام السعودي في الأزمة، والذي يبدو متناغما حد التطابق في كثير من الأحيان، بل انتقل الأمر لتوجيه العديد من أصحاب الحسابات.

وكثيرا ما تحدثت هذه الحسابات -التي أثبتت أن لديها معلومات دقيقة عما يجري في أروقة القرار السعودي- عن كيفية توجيه القحطاني لكثير من أصحاب الحسابات الشهيرة إما عبر الاتصال المباشر، أو عبر أجهزة الأمن، أو عبر شخصيات نافذة لكتابة تغريدات بلون معين وبلغة بدت كثيرا شبه موحدة، مدعوما بقوة الدفع والصلاحيات التي منحه إياها ولي العهد محمد بن سلمان.

تغريد حسب الطلب

كما يشير الحساب إلى أن مضمونا موحدا وزع على عدد من المطربين كتبوا في يوم واحد تغريدات معادية لدولة قطر وتؤيد الإجراءات السعودية ضدها، ثم انتقل الأمر إلى توجيه الفنانين أنفسهم للتوحد في أغنية ضد قطر.

وعن هذا الدور كشف حساب “تاريخ وذكريات” نهاية الشهر الماضي عن اختراق القحطاني -المعروف اختصارا عند خصومه باسم “دليم”، وهو اسم يطلق في الخليج على الخادم الذي يسند له سيده الأعمال القذرة- العديد من هواتف الصحفيين والإعلاميين والنشطاء السعوديين عبر أجهزة الأمن السعودي بهدف التجسس عليهم ومعرفة اتصالاتهم بالتفصيل.

كما كشف الحساب صورا ومعلومات حصل عليها تؤكد أن القحطاني عضو في شركة “تهكير” معروفة تعرضت للقرصنة العام الماضي، وأظهرت بياناتها أنه كان يملك حسابا فيها عبر بريده الخاص الذي كان يتواصل من خلاله مع جهات عدة.

واللافت أن القحطاني يؤكد بين الفينة والأخرى أنه لا يفعل أي شيء أو يغرد إلا بما يأتيه من توجيهات.

القائمة السوداء

فبعد أن طلب القحطاني من المغردين مساعدته في إعداد قائمة سوداء للمتعاطفين مع دولة قطر في السعودية، أكد أنه لا يكتب أي شيء إلا مما يأتي من توجيهات، حيث غرد على حسابه على تويتر ردا على سؤال وجهه مغرد آخر “وتعتقد أنني أقدح من رأسي دون توجيه؟ أنا موظف ومنفذ لتوجيهات سيدي الملك وسمو سيدي ولي العهد الأمين”.

واللافت بحسب مراقبين أن العديد ممن وردت أسماؤهم في القائمة السوداء من قبل المغردين، الذين أعاد القحطاني إعادة نشر تغريداتهم؛ تم اعتقالهم، بينما نشطت الكتابة على الوسم الذي أطلقه القحطاني بعدما بدأت السلطات السعودية حملة اعتقالات طالت العشرات من الدعاة والقضاة وعددا من النشطاء.

غير أن خبراء في مواقع التواصل توقفوا طويلا أمام متابعة السعوديين الصامتة لحسابات تعارض السلطات وتنشر أخبارا لم يعتادوا عليها، وهذه الحسابات تعرض بشكل لافت أخبار العائلة المالكة، وهي التي كشفت الأدوار الجديدة في محاصرة تويتر الذي تحول من فضاء الحرية الوحيد للسعوديين، إلى سجن كبير يغرد فيه الجميع وفق هوى السلطة، أو يمارسون الصمت الذي لم ينقذ الكثير منهم، حيث اعتبر صمتهم خيانة.