منوعات

من أصل 2 تريليون مجرة.. هل يعقل أن يكون البشر السكان الوحيدين.. لماذا لم نعثر حتى الآن على كائنات فضائية في الكون؟

في درب التبانة -المجرة التي تنتمي إليها الشمس والأرض وبقية المجموعة الشمسية- فقط، يقدر العلماء وجود حوالي 100 مليون نجم و100 مليار كوكب.

وإذا كان عدد المجرات المبدئي يتخطى الـ2 تريليون، فما فرص وجود حياة أخرى على أحدها؟ ولماذا لم نعثر عليها بعد؟ وهل نحن حقاً وحيدين في هذا الوجود الشاسع؟

إليك الإجابة بين العلم والفلسفة في هذا التقرير، عن مجلة Newsweek الأميركية.

إذا كانت هناك أجناسٌ متقدمة تكنولوجياً في الماضي بنظامنا الشمسي، وربما تسافر عبر الفضاء، فعلى الأغلب كانت ستترك آثاراً أو أدواتٍ تكنولوجية، والأماكن التي يمكن أن نجد فيها آثاراً تكنولوجية للأنواع السابقة للجنس البشري المتطور الحالي، والتي يمكن أن تكون قد نشأت على كوكب الأرض في الماضي السحيق، أو على كوكب قديم آخر مثل كوكب الزهرة، قبل أن يتعرض لتداعيات الاحتباس الحراري، أو كوكب المريخ قبل أن تجف مياهه.

وسألت النسخة الأميركية لموقع “هاف بوست” عالِم الفيزياء الفلكية الأميركي جايسون توماس رايت، عن توقيت وجود تلك المخلوقات الفضائية، وما إذا كان يظن أن بعضها ما زال موجوداً في نظامنا حتى الآن.

وأجاب: “لم يعودوا موجودين الآن، هذا أمرٌ جلي. وأصبح هذا أكثر وضوحاً عندما فحصنا النظام الشمسي باستخدام الروبوتات. وفيما يتعلق بالحضارات التكنولوجية الذكية والكبيرة، لم نجد أي دليل”.

من المهم أن نتذكر أنه عندما يناقش العلماء وجود كائنات فضائية، فإن هنالك نوعين من هذه الحياة: الكائنات الميكروبية والكائنات الذكية. وعندما تتحدث وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” عن البحث عن أشكال أخرى للحياة في أرجاء نظامنا الشمسي، على غرار قمر زحل المتجمد إنسيلادوس، فإنهم يقصدون هنا الحياة الميكروبية، وهي خلايا بسيطة وبدائية، أو كائنات متعددة الخلايا، وهي في كل الحالات ليست كائنات ذكية تمكنت من تطوير شيء يشبه ما توصلنا إليه في كوكب الأرض.

والجدير بالذكر أنه هذه الحياة الميكروبية قادرة على التواجد حتى في بعض أكثر الظروف قساوةً، والدليل ما وجدناه على كوكب الأرض، مثل قعر المحيطات الداكنة والباردة. وإذا طبقنا فهمنا للحياة على سطح الأرض على الظروف التي يمكن أن تتواجد في كواكب أخرى، فإن احتمالات وجود أشكال حياة قادرة على التأقلم تتزايد بشكل كبير.

وهنالك أيضاً الحياة الذكية، والذكاء هنا لا يعني بالضرورة الذكاء البشري، إذ يمكن أن يتواجد في أشكال متنوعة، فحيوان الأخطبوط على سبيل المثال، بتقدير العلماء، شديد الذكاء. ولكننا غير قادرين على التحاور مع الأخطبوط لأنه يمتلك شكلاً مختلفاً من الذكاء.

في المقابل، هناك رأي آخر يعتبر أننا نحن البشر، كأحد الأجناس الحية، لسنا على تلك الدرجة العالية من الذكاء.

وبالنظر إلى مقياس كارداشيف، وهو أداة لقياس مستوى التقدم التكنولوجي للحضارة بالاعتماد على كمية الطاقة التي تستثمرها، ومستوى التقدم التكنولوجي الذي تحققه، فإن الجنس البشري لم يبلغ حتى المستوى الأول، وهو المستوى الأقل تقدماً، وفقاً لتقرير لموقع“Futurism”.

وبحسب هذا المقياس فإن الحضارة الأكثر تقدماً ستكون تلك التي طوّرت السفر بين النجوم، وتمكنت من استخدام جميع الموارد المتاحة في مجرتها وأتقنت التحكم فيها.

 

ولادة الكون

 

وتشير التقديرات، بحسب مجلة Newsweek، إلى أن هذا الكون موجود منذ حوالي 13.82 مليار سنة، وربما تكونت أولى النجوم بعد حوالي 500 مليون سنة. وبعد هذه النجوم ظهرت الكواكب، أما الأرض فقد تكونت في وقت متأخر نسبياً، حيث تشكلت قبل 4.6 مليار سنة فقط.

وفي ظل تكوّن عدد لا يحصى من النطاقات أو الكواكب، التي يحتمل أن تكون صالحة لظهور حياة، والتي ظهرت عبر تاريخ تشكّل الكون، فإن احتمالات اقتصار ظهور الحياة على واحدة منها فقط، وهي كوكب الأرض، هي احتمالات ضعيفة جداً.

ولكن إذا كان وجود حياة خارج كوكب الأرض هو أمر مرجح لهذه الدرجة، فلماذا لا زلنا نشعر بأننا بمفردنا حتى الآن؟ وما سرُ هذا اللغز الذي يسمى “مفارقة فيرمي”، أي التناقض بين قوة احتمالات وجود هذه الحياة وغياب أي دليل على وجودها.

وحيال هذا الشأن، أفاد عالم الفضاء في المرصد الملكي غرينويتش، بارا باتيل، أن “أقرب نجم لنا يدعى بروكسيما سنتوري، وفي شهر أغسطس/آب 2016، عثر العلماء على كوكب يدور حول هذا النجم، وهو بعيد عنا بمسافة 4.2 سنة ضوئية، وبالاعتماد على التكنولوجيا المتوفرة حالياً للسفر في الفضاء، فإن الأمر سيستغرق 70 ألف سنة للوصول إليه”.

وأضاف باتيل: “يرجح أن تكون أول حياة بدأت بعد 1 أو 2 مليار سنة من تشكّل الكون، وهو ما يعني مرور وقت طويل لتشكل حضارات أخرى قبل كوكب الأرض، وربما تكون هذه الحضارات قد ظهرت واختفت قبل أن نعرف عنها أي شيء. والسؤال المطروح هنا: هل صادف تواجدنا الوقت المناسب؟ أم جاءت قبلنا حضارة في هذا الكون لم نعلم عنها شيئاً، أو هناك حضارة ربما ستظهر في المستقبل ونتمكن من التواصل معها؟”.

 

كواكب صالحة للحياة

 

كشف باحثون، سنة 2015، عن نجم سماوي “غريب” محاطٍ ببناءٍ هيكلي صناعي هائل، فيما رجّح البعض أنه من صنع كائنات فضائية، بحسب صحيفة Daily Mail البريطانية.

ويبعد النجم المسمى KIC 8462852 عن الأرض مسافة 1480 سنة ضوئية، وكان المنظار الفضائي كيبلر قد رصده وتابعه على مدار 4 أعوام منذ العام 2009، فيما يقول الباحثون إنهم لا يجدون تفسيراً للتذبذب الغريب في الضوء الصادر عن هذا النجم، ما حدا ببعضهم للذهاب إلى فرضية أن النجم قد يكون محاطاً ببناءٍ هيكلي ضخمٍ غريب.

في الأثناء، ينكب الباحثون الآن على السعي لتحديد الكواكب الموجودة في نطاقات صالحة للعيش داخل أنظمتها الشمسية. وهذه النطاقات المناسبة لتطور شكل من أشكال الحياة هي تلك التي يوجد فيها الماء في حالته السائلة.

وفي هذا الإطار، تستعد وكالة الفضاء ناسا لإطلاق تلسكوب “جيمس واب” خلال العام المقبل، لجمع معلومات حول الأجواء التي تميز هذه الكواكب، وهو ما سيمكن من تقديم إشارات قوية حول وجود بيئة مناسبة لظهور الحياة من عدمها.

كما تخطط وكالة الفضاء لإرسال بعثة إلى أحد أقمار المشتري، يوروبا، للبحث عن حياة ميكروبية، وهو ما قد يشكل حينها أول دليل على أن الحياة موجودة في أماكن أخرى من نظامنا الشمسي.

ولكن، في انتظار أن تتطور التكنولوجيا لدرجة القدرة على السفر في الفضاء في وقت وكلفة أقل بكثير، فإن فرص العثور على حياة ذكية لا تزال ضعيفة، والكرة الآن في ملعب هذه الكائنات الفضائية المفترضة، التي ربما تسبقنا في سعينا للبحث عن الآخر وتتواصل معنا، إذا كانت أكثر تطوراً منا.