سياسة

بعد حرقها لكتب شرعية .. هل تتخلص السعودية من إرثها السلفي؟

أثارت الأخبار المتداولة بشأن إحراق السعودية لعدد من الكتب “الشرعية” بعدد ملحقاتها الثقافية في بلدان عدة من بينها المغرب وموريطانيا وكينيا، موجة من التساؤلات حول أهداف الحرق تلك، حيث لم تكذب السلطات السعودية صحة أنباء حرق الكتب، غير أنها لم تقدم توضيحات شافية حول خطوتها تلك.

وأفادت مصادر جريدة “العمق” في هذا الصدد، أن المُلحقة الثقافية السعودية بالمغرب، أقدمت على حرق عدد من الكتب الشرعية المتواجدة بالمكتبة العامة بالملحق الثقافي السعودي في الرباط، مشيرة أن تلك الكتب حملت بالأكوام وأحرقت إلا ما تمكن الموظفون من تهريبه وإرساله لبعض الطلبة.

المصادر أوردت أن سفارات الرياض في موريتانيا ومصر والهند ودول أخرى أخرجت كل الكتب الدينية التي كان النظام السعودي يوزعها وقامت بحرقها، معتبرة أن الأمر هو فعل رمزي يؤكد مضي النظام السعودي في مخططه الهادف إلى “تجفيف المنابع السلفية في الخليج وتخصيب إسلام معدل جينيا ينهي مرحلة التيار السلفي بكل تفرعاته وليس فقط التيار الجهادي”.

وفي هذا السياق، لفت الكاتب التونسي عمار العبيدي في مقال له إلى أن “الجميع ينظر إلى ما يحدث في الخليج العربي هذه الأيام على أنه أزمة عابرة بين قطر وجيرانها لكنه في حقيقة الأمر ملف خطير، حيث إن الأزمة ليست سوى الجزء الظاهر من جبل الجليد العملاق الذي سيظهر فور تهيئة الظروف الملائمة لما يتم تحضيره للمنطقة”.

وأبرز أنه يتم التهييء لمخطط “سيجعل من أغلبية سكان الخليج ذات النهج السلفي تدين “بدين جديد” يتم تأسيس أركانه في مصر، والذي نجد أمثلته فيما ينسب للأزهر الآن من شيوخ على شاكلة فتوى نكاح الميت وشيوخ الغناء والرقص أو إسلام على شاكلة النظم العلمانية المتطرفة التي حكمت فيما قبل الثورات وبعدها في تونس والمغرب العربي”.

وأوضح أن تصريح السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، الذي قال فيه إن الخلاف مع قطر ليس دبلوماسيا بقدر ما هو خلاف فلسفي حول رؤية الإمارات والسعودية ومصر والأردن والبحرين لمستقبل الشرق الأوسط، يعكس حقيقة الصراع بين دول الخليج الثلاث ودولة قطر، التي يقول العتيبة، إنها ترفض “ما تريده الإمارات والسعودية والأردن ومصر والبحرين للشرق الأوسط بعد عشر سنوات من حكومات علمانية مستقرة ومزدهرة”.

يشار أن المغرد السعودي الشهير “مجتهد”، قد تطرق إلى هذا التحول الخليجي من السلفية في تغريدات عدة على تويتر، حيث قال إن “الترتيب بين الإمارات ومصر والسعودية والبحرين أوسع مما نظن، والقضية دخلت فيها إسرائيل وأجهزة أمريكية مرتبطة بترامب”، مضيفا أن “الخطة متكاملة، وهي مبنية على توحيد السياسة الأمنية والإعلامية والثقافية والتربوية (والتعامل مع الدين) في مصر، وكل دول الخليج، باستثناء عُمان”.

وأوضح “مجتهد” أن “الخطة رُسمت لتكون مصر هي المرجع ومصدر الكوادر في التعامل مع الإعلام والأمن والتيارات الإسلامية ومناهج التعليم والمؤسسات الدينية”، معتبرا أن الهدف من هذه الخطة هو “إبعاد أي تأثير سياسي أو ثقافي أو تربوي أو مالي للدين في شعوب المملكة والخليج ومصر، كتهيئة لتطبيع أبدي وكامل مع إسرائيل”.

وأضاف أن “الترتيب لهذا الأمر بين السعودية ومصر والإمارات وإسرائيل، بدأ قبل تسلم ترامب للسلطة. لكن أوباما لم يشارك به؛ بسبب توجسه من هذا الفريق، وقلقه من تهور ابن سلمان”، مبرزا أن ترامب تحمّس للخطة منذ مجيئه، وهو ما عجل بالبدء بها من قبل ابن سلمان وابن زايد، تنص على “توظيف مئات الضباط والمسؤولين المصريين (المتصهينين) في الدول الخليجية، وبهم يتم توجيه الأمن والجيش والإعلام ومؤسسات الدين والتعليم”.

وأردف قائلا: إن “حماس ابن سلمان للدخول في هذا المشروع يأتي بسبب تعهد إسرائيل له بضمان تطويع ترامب له، وإيصاله للعرش، ومن ثم ضمان نجاحه في تحييد بقية الأسرة”. ونوّه “مجتهد” إلى أن: “من ضمن ما نفذ من الخطة استخدام الإعلام ووسائل التواصل؛ لتغيير الذوق الشعبي ضد الإسلام عموما، والإسلام السياسي خصوصا، وتقبل إسرائيل كدولة شقيقة، وتحجيم الهيئات، وتغيير المناهج، وتجميد النشاطات الدينية، واعتقال المشايخ الذي سيشمل المئات”.