وجهة نظر

التليدي: ما حدث ليس بزلزال بل تفكيك لتحالف على قاعدة الديمقراطية

لا أريد في هذه التدوينة التعليق على القرارات الملكية، والمستندات التي وردت في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، فقد سبق لي أن أدليت برأيي في موضوع مشروع منارة المتوسط، لكن ما يهمني هنا بدرجة أولى أن أناقش أثر هذه القرارات على مستقبل السياسة في المغرب وكيف ستعمل الإرادات المعاكسة للإصلاح على استثماره.

سياسيا، الذي توجهت له الضربات هما حزبان سياسان بالإضافة إلى رجال الدولة الذين تم فرضهم من خارج الأحزاب في سياق التفاوض لتشكيل الحكومة. أي توجهت الضربة لحزب التقدم والاشتراكية بدرجة كبيرة، لأن الأمر يتعلق بالأمين العام للحزب وأحد قياديي الحزب النشطين، كما توجهت إلى الحركة الشعبية. فيما لم يمس حزب ألأصالة والمعاصرة في شيء ولم يمس أيضا حزب التجمع الوطني للأحرار.

قد يبدو في الظاهر أن حزب العدالة والتنمية خرج معافى من هذه الضربة، لكن في العمق، النتائج تظهر أن هناك تفكيك تحالف موضوعي على قاعدة الديمقراطية نسجه العدالة والتنمية في سياق التجربة الحكومية السابقة، كما أن حزب العدالة والتنمية سيجد نفسه في وضعية جد صعبة لملأ فراغ المناصب الشاغرة والتشبث بحزب التقدم والاشتراكية.

قد يبدو الأمر في الظاهر سهلا، فالأمر من الناحية التقنية لا يتطلب أكثر من تعويض الذين أعفوا بأشخاص من نفس الحزب، لكن في العمق الأمر لن يكون كذلك، خاصة وأن هناك أكثر من رهان من لدن الإرادات المعاكسة للإصلاح لتوجيه نتائج مؤتمر العدالة والتنمية القادم، وهذه الرهانات لا تملك أدوات داخلية عملية لصناعة المستحيل، ولذلك يمكن التفكير في خيار الضغط من خارج، أي رهن التعديل الحكومي برمته بتوجيه نتائج مؤتمر العدالة والتنمية، وتقوية سياق التكيف مع متطلبات التراجع الديمقراطي.

بلغة واضحة، لقد كشفت محطة تعديل الحكومة سنة 2013 و تشكيل الحكومة سنة 2017، أن بالإمكان تعديل موازين القوى وتغيير نتائج الإرادة الشعبة التي صنعتها العملية الانتخابية البرلمانية جزئيا أو كليا، ولذلك الزلزال الذي أخشاه هو أن تعمل اللوبيات المعاكسة للإصلاح والديمقرطية على أن تكون محطة مؤتمر الحزب القادمة جزءا من مشمولات التفاوض لإخراج الحكومة القادمة، بما يعني عدم التمكن من التوافق على التعديل الحكومي إلا بعد فرز مخرجات مؤتمر العدالة والتنمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *