مجتمع

ولادة داخل قطار..الممرضة تروي كيف أنقذت الجنين وأمه فتحول الخوف لفرح

تحولت واقعة ولادة امرأة داخل قطار بين وجدة والدار البيضاء، أمس الأحد، إلى واحدة من القصص التضامنية التي أثارت إعجابا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بعدما تدخلت ممرضة كانت على متن القطار، لتُحوِّل اللحظات العصيبة للولادة وما رافقها من خوف وهلع، إلى فرحة عارمة أطلقت خلالها بعض الراكبات الزغاريد وأهازيج الاحتفال بالمولود الجديد.

الممرضة مليكة العثماني المعروفة بـ”الحاجة مليكة”، كشفت في تصريح لجريدة “العمق”، تفاصيل الواقعة، وكيف استطاعت مساعدة الأم على وضع أول مولود لها في ظروف خطيرة وبدون أي وسائل طبية، وروت لحظات الفعل التضامني الهائل الذي قام به الركاب ومستخدمو القطار لإنجاح الولادة، والأموال والهدايات التي قدموها إلى الأم، موجهة نداءً إلى النساء الحوامل أثناء السفر.

توليد بوسائل غير طبية

مليكة العثماني أوضحت أنها كانت متجهة من جرسيف إلى الرباط من أجل إجراء فحوصات طبية خاصة بها، وذلك على متن قطار قادم من وجدة إلى الدار البيضاء، أمس الأحد، لتتفاجأ بطفلين يطلبان منها مساعدة أم تتألم بسبب مخاض الولادة، قبل أن تسرع إلى المقصورة التي توجد بها الأم وتشرع في توليدها في غياب أي وسيلة طبية.

تقول الحاجة مليكة: “ظننت أن الطفلان طلبا مني مساعدة الأم على تحمل آلام المخاض إلى حين وصول القطار إلى أقرب محطة بعدما اتصل مستخدمو القطار بسيارة إسعاف، فإذا بي أجدها في حالة يرثى لها بعدما بدأ يخرج المولود وظهرت أرجله، خاصة وأن الأم لا زالت صغيرة وتبلغ من العمر 20 عاما فقط، وهذه أول حالة ولادة لها”.

وأضافت: “طلبت من زوجها تغطية البوابة الزجاجية للمقصورة بمعطفه، وبدأت أصرخ وأطالب بإحضار كل الوسائل الممكن استعمالها لإنجاح الولادة، حيث فاجأني الركاب بإحضار كل ما أطلبه، من شفرة حلاقة لأقطع الحبل السري، وقنينات العطر من أجل تعقيم الشفرة، فيما قدمت لي إحدى السيدات حجابها لأستعمله في ربط الحبل السري”.

إنقاذ مولود “مخنوق”

الحاجة مليكة كشفت لـ”العمق” أن “المولود بدا كأنه مخنوق ولون جلده أزرق، ظننت أنه ميت، وحاولت تقديم الإسعافات الأولية لإنقاذ حياته بمدِّه بالنفس عن طريق فمه والضغط على قلبه، في أجواء صعبة جدا، قبل أن يصدر أول صرخة له تثبت أنه حي، ليبدأ الركاب في تقديم الحفاظات وملابس الرضع والمنشفات والأغطية التي يتوفرون عليها”.

وتابعت قولها: “أعطيت المولود إلى والده بعدما وضعته داخل غطاء، وعدت لإسعاف الأم وتعقيم الحبل السري عبر قنينات العطر التي تضم محلول الكحول، وقمت بخلع ملابسها المتسخة بالدماء بملابس جديدة قدمها الركاب لها، لتستقر حالتها الصحية بفضل الله، وبمساعدة الركاب والمستخدمين بالقطار”.

المتحدثة قالت إن الأم كانت في الشهر الثامن وأسبوع من حملها، وكانت متجهة رفقة زوجها من بركان إلى فاس حيث تقطن والدتها، وذلك بعدما أخبرها طبيب بمدينة الناظور، أنها تحتاج لعملية جراحية قيسرية لتوليد الطفل، حسب قولها.

زغاريد وأموال

بعد نجاح الولادة، تحول الخوف إلى فرح، والترقب إلى احتفالات عارمة بين الركاب داخل المقصورة، حيث رددت عدد من النساء الزغاريد و”الصلاة والسلام على رسول الله” وأهازيج المناسبات الاحتفالية، وقدم عدد من الركاب أموالا وهدايا إلى الأم كتهنئة لها على نجاح الولادة، وذلك في جو اختلطت فيه مشاعر الخوف والفرح والدهشة لدى الوالدين، فيما شرع والد الطفل في البكاء أمام هذا المشهد، تقول الحاجة مليكة.

وأوضحت أنها قامت بتوليد الأم بدون تفكير في أي تداعيات قانونية محتملة في حالة فشل عملية الولادة، مشيرة إلى أنها لم تتراجع عن تقديم المساعدة للأم ومولودها في وضعية صعبة، “وكان التوفيق والعون من الله الذي أرسلني لمساعدة هذين الزوجين، لأنني لو تأخرتُ دقيقتين أو ثلاثة في توليدها لوقعت أمور أخرى”، وفق تعبيرها.

وأشارت الممرضة إلى أن الفرحة التي عاشها ركاب القطار رفقة الزوجين، كانت خيالية، وربما حتى عائلتهما لم تكن لتفرح مثل هذا الفرح، لافتة إلى الفعل التضامني الذي قام به ركاب القطار ومستخدموه، يدل على أن الخير مستمر في المجتمع المغربي، مستدلة بالحديث النبوي الشريف: “الخير في أمتي إلى يوم القيامة”.

نداء إلى الحوامل

الحاجة مليكة، وجهت الشكر الجزيل لركاب القطار الذين ساعدوها في عملية التوليد، لافتة إلى أن أي ممرضة وكل إطار صحي كان سيفعل نفس الشيء إذا تواجد في القطار، معلقة على طريقة تعامل الركاب مع الأم بالقول: “أقول للمغاربة برافو برافو برافو”.

وختمت المتحدثة تصريحها لجريدة “العمق”، بتوجيه نداء إلى كل الحوامل الذين وصلوا إلى الأشهر الأخيرة من الحمل، قائلة: “لا تغامرن في السفر عبر القطار أو الحافلات، لأنه من الممكن أن تتفاجأ الأم الحامل في شهرها الثامن أو التاسع، بمخاض الولادة في أي لحظة، والأفضل أثناء السفر استعمال السيارة رفقة الأهل”.

اقرأ أيضا: سيدة تضع مولودها داخل قطار الـONCF.. والركاب يفاجئونها بسلوكهم (صور)

وكانت سيارة إسعاف قد نقلت الأم ومولودها الجديد إلى المستشفى بعد وصول القطار إلى محطة مدينة واد امليل، حيث ساعد الركاب في حمل الأم داخل غطاء وإخراجها من القطار ووضعها على حاملة الإسعاف.

ولقيت هذه الواقعة انتشارا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تعليقات تشيد بشكل كبير بالعمل التضامني الذي قدمه الركاب ومستخدمو القطار، وبالممرضة المنحدرة من مدين جرسيف، التي كان لها دور كبير في تفادي أي تداعيات صحية على الأم ومولودها.

واعتبر مدونون على فيسبوك، أن هذه الأعمال التضامنية هي التي تعبر عن الأخلاق الحقيقية للمغاربة وأن “الخير لا زال في البلد”، داعين المكتب الوطني للسكك الحديدية إلى تكريم السيدة ومولودها والممرضة والركاب ومستخدمي القطار الذين ساعدوا الأم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عبد اللطيف جريبة
    منذ 6 سنوات

    الحمد لله لسى الدنيا فيها خير وكل خير المهم اءن تبقى روح التعايش العربية والاءسلامية قاىءمة بين المسلمين

  • ام فيصل
    منذ 6 سنوات

    تبارك الله وما شاء الله دايما المغاربة متضامنون الحمد لله بكيت لما قريت الخبر والله العظيم بكييبت

  • ام فيصل
    منذ 6 سنوات

    تبارك الله وما شاء الله دايما المغاربة متضامنون الحمد لله بكيت لما قريت الخبر والله العظيم