أخبار الساعة، مجتمع

سكال : لا التقائية للبرامج إلا بإشراك الجهات

يرى عبد الصمد سكال رئيس مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة، أن الجهوية المتقدمة والتنمية وجهان لعملة واحدة، حيث تظل نفس التحديات التي تواجه الجهوية هي نفسها الي تُواجه تحقيق التنمية.

وبعد استعراض عبد الصمد سكال خلال مشاركته في ندوة دولية بعنوان “الإسكان والتنمية الحضرية والجهوية”نظمتها مجموعة العمران يوم الأربعاء 13 دجنبر 2017 بالرباط، لبعض مرجعيات الجهوية المتقدمة، ومنها ما ورد في الدستور من تنصيص على مبدأ التفريع في العلاقة التي تربط الدولة بالجماعات الترابية، وفي علاقة هذه الأخيرة ببعضها البعض، وما ورد أيضا في القانون التنظيمي المتعلق بالجهات الذي أوكل لمجالس الجهات مسؤولية بلورة وإنجاز برنامح تنمية مجالها الجهوي بشروط معينة منها أن يكون برنامجا مُندمجا ومُستداما في أسس بنائه وفي النتائج المُتَوَخاة منه.

كما استشهد عبد الصمد سكال، بما ورد في الخطاب الملكي خلال افتتاح الدورة التشريعية في أكتوبر الماضي، الذي تحدث فيه جلالة الملك محمد السادس عن وُصول النموذج التنموي إلى حدوده، وما يتطلبه ذلك من بلورة نموذج تنموي جديد مفتاحه الجهوية المتقدمة التي وردت –يقول عبد الصمد سكال – في فقرات عديدة من الخطاب الملكي تم فيها الحديث عن الدور الذي يمكن أن تقوم به الجهات لتحقيق ذلك، باعتبار أن الجهوية المتقدمة تعني إعادة بناء هياكل الدولة.

وأوضح السكال أن “عملية إعادة بناء هياكل الدولة”، “تتجه أيضا إلى الدولة بالأساس التي تتحمل مسؤولية إعادة تموقعها على مستوى الحكومة وقطاعاتها الوزارية ومؤسساتها الوطنية التي بات ضروريا مع الجهوية المتقدمة أن تعيد النظر على مستوى تدخلها في المجال، كما تتجه عملية إعادة بناء هياكل الدولة، وفق وجهة نظر عبد الصمد سكال- في وضع فوارق واضحة بين مختلف المتدخلين في الجماعات الترابية من أجل تحقيق التكامل المطلوب”.

وفي هذا الصدد، تابع رئيس جهة الرباط سلا القنيطرة حديثه “لا يُمْكن بناء برامج تنموية مندمجة إلا على المستوى الجهوي”، مشيرا إلى “أن الحُكُومات في العالم مهما حاولت العمل لا يُمْكنها إلا الاشتغال بشكل عمودي متخصص، في الوقت الذي لا يمكن فيه تحقيق التقائية السياسات العمومية إلا على مستوى المجال، ولا يمكن أن يَسع هذا المجال إلا جماعة ترابية في حجم الجهة، إذ أن تحقيق التنمية لا يتم إلا في مَجالات متعددة ومختلفة تتوزع على ما هو جغرافي واجتماعي واقتصادي”، مُشددا على ضرورة مراعاة خصوصية مختلف المجالات، وهي الضرورة التي يراها رئيس مجلس جهة الرباط سلا القنيطرة “حتمية لتتمكن المشاريع من تحقيق النتائج المتوخاة منها”.

ولن يتم تحقيق ذلك، يوضح عبد الصمد سكال، دون “تبيئة تلك السياسات على مستوى الجهة” أو ما يسمى بـــ”territorialisation” وهو التعبير الذي يجده عبد الصمد سكال “الأقرب إلى توضيح المَعنى الحقيقي لفكرة التبيئة”، مُضيفا ” لا يمكن إنجاز مشاريع تنموية مندمجة إلا بإشراك جميع الفاعلين على مستوى الجهة سواء كانوا (الفوق أو التحت أو بينهما)، حيث تتدخل الدولة والجماعات الترابية ومختلف الفاعلين لبناء برامج مندمجة، داعيا إلى مراجعة عميقة لأنماط بناء المشاريع والاستراتيجيات والبرامج إذ ” لايمكن اليوم تصور أن يتم وضع استراتيجية وطنية ثم الشروع في تفصيلها على مستوى الجهات”، معتبرا بأن هذه الطريقة غير صالحة لبناء برامج جهوية لأن عملية البناء ينبغي أن تتم بإشراك مختلف الفاعلين، سيما أن إعداد برامج مندمجة تعني ضرورة إشراك المجال في شُموليته وفي هذه الحالة “لا يمكن الفصل بين المجالين الحضري والقروي”.

وذكر عبد الصمد سكال الذي يشغل أيضا منصب رئيس منظمة الجهات المتحدة (ORU- FOGAR) بأن هذه المنظمة رفعت مذكرة باسم هذه المنظمة خلال انعقاد جَمعها العام في كيطو في مؤتمر للسكان، جاء فيها بأنه “لا يمكن الحديث عن التنمية الحضرية إلا مع إدماجها في منظور التنمية المندمجة المجالية”، مستدلا على ذلك بجهة في حجم جهة الرباط سلا القنيطرة، التي يبدأ تجمعها الحضري من القنيطرة ويمتد إلى حدود دار بوعزة جنوب الدار البيضاء، حيث يتداخل فيها المجالين الحضري والقروي، ويرتبطان عضويا ووظيفيا سواء من حيث استجابة المجال القروي لاحتياجات الساكنة بالمجال القروي أو اشتغال سكان المجال القروي في المجال الحضري، حيث يستحيل وضع الفوارق بينهما، موضحا بأن هذا مثال يؤكد “حتمية المقاربة المندمجة، حيث يجب أن يتم بناء الاستراتيجيات على المستوى الجهوي بحيث تتم مراعاة كل مجال وخصوصيته”.

وفي هذا الشأن، يقول عبد الصمد سكال “عندما نجد نسيجا حضريا يصل السكن فيه إلى 90 بالمائة في المدن الصغرى و60 في المدن الكبرى، حيث تبلغ نسبة السكن الاجتماعي فيه 80 بالمائة، حيث يتم فيه خنق مجال العيش دون مراعاة أن تنافسية الدول رهينة بقدرة النسيج العمراني على ضمانه ذلك، إلى جانب تزويد هذه المجالات بكل المرافق خاصة بالنسبة للطبقات المتوسطة والدنيا التي لا بد أن تستجيب الدولة لحَاجياتها بالنظر لأولويتها، بحيث يمكن للطبقات الغنية اللجوء إلى القطاع الخاص مع أن الدولة مطالبة بتوفير ذلك لجميع مواطنيها كيفما كان مستوى عيشهم، إذ لابد أن يظل الفاعل العمومي يقوم بدوره بحيث نجده حضورا للقطاع العام في جميع دول العالم خاصة الجماعات الترابية، أو المؤسسات التابعة لها، وباقي مؤسسات الدول التي من مسؤوليتها بلورة برامج للإسكان مع حرصها على لعب دور أساسي بمنظور مُتجدد يتلائم مع الحاجيات الضرورية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *