مجتمع

ضريح سيدي أحمد بن علي .. “بويا عمر” ينبعث في زاكورة (فيديو)

بالرغم من المطالب الداعية إلى ضرورة وقف نشاطات الأضرحة التي يقصدها عدد من المغاربة الذين يعتقدون أنها قادرة على جلب الشفاء لهم من الأمراض التي يعانون منها، وخصوصا النفسية، إلا أن بعض الأضرحة بمناطق مغربية مختلفة تواصل فتح أبوابها للمرضى دون أن أي مراقبة من لدن السلطات الصحية المعنية، وهو ما يجعل هؤلاء المرضى يعيشون في أوضاع مزرية تعمق مرضهم بدل شفائهم.

وفي الوقت الذي قامت فيه وزارة الصحة على عهد الوزير السابق الحسين الوردي بمبادرة مهمة، ومثيرة للجدل في الآن ذاته، عندما أقدم على إغلاق أشهر ضريح المغرب ويتعلق الأمر بـ “بويا عمر”، إلا أن هذه المبادرة لم تستمر، حيث لاتزال الآلاف من الأضرحة بالمغرب تمارس أنشطتها المضرة بصحة المرضى النفسيين المغاربة، دون أن تكلف السلطات نفسها التصدي لها.

وفي هذا السياق، تحتضن مدينة زاكورة واحد من أشهر الأضرحة بالإقليم ويتعلق الأمر بضريح “سيدي أحمد بن علي” المتواجد على أطراف مدينة زاكورة، حيث زارته جريدة “العمق”، ووقفت على الظروف غير الإنسانية التي يوجد عليها نزلاء هذا الضريح، حيث يتعرضون أحيانا لأساليب عنيفة من أجل إيقاف جُموحِهم في حال ازدادت حالتهم الصحية سوءً.

ولي يجلب الشفاء!

بلغة واثقة، يتحدث القائمون على ضريح “سيدي أحمد بن علي” بزاكورة، على أن الولي المذكور معروف بكونه يجلب الشفاء لمرضاه، وأن عددا من المرضى الذين ولجوا إليه خرجوا وهم في حالة صحية جيدة، غير أن حديث هؤلاء تعوزه الدلائل المادية، حيث يظل المرَض حالة يجب تشخيصها بوسائل طبية دقيقة، في حين لا يقدم الضريح أي وصفات، وأنه مكان لا يزيد عن كونه ملاذا لحاملي أفكار تفتقد للوعي بأهمية الطب الحديث.

القائمون على الضريح أكدوا من خلال حديثهم مع جريدة “العمق”، أن الضريح يزوره مرضى من مختلف المغرب وخارجه أيضا، مشيرين أن مرضى من جنسيات جزائرية وتونسية سبقوا لهم أن حلو بالضريح ومكثوا فيه عدة أشهر، موضحين أن الضريح يستقبل أيضا مرضى من مختلف الجنسين، ومن مختلف شرائح المجتمع، حيث وقفت الجريدة على حالة ضابط سابق أصيب بمرض نفسي وحل بالضريح من أجل تلقي العلاج، وفق تعبيره.

ومن خلال معاينة المكان، يتضح أنه يفتقد لأدنى شروط العيش الكريم، حيث يفترشون أغطية بالية ويلتحفون بأغطية مماثلة، في حين تتكون وجباتهم من مأكولات بسيطة يجود بها بعض المحسنين، غير أن الأمر الأكثر إثارة هو تواجد سلاسل حديدية يتم من خلال ربط المرضى إذا بلغت حالتهم الصحية درجة من السوء تجعلهم يهددون حياتهم أو حياة المرضى الآخرين أو القائمين على الضريح، وهو ما يجعل حالتهم تزداد سوء بفعل الألم الذي تسببه تلك السلاسل.

وزارة الصحة لا تعرف الضريح!

المثير في قضية ضريح “سيدي أحمد بن علي” بزاكورة أن السلطات الصحية بالمدينة لا تعرف وجوده أصلا، حيث عبر المندوب الإقليمي عن تفاجئه لوجود هذا الضريح عندما اتصلت به جريدة “العمق” لاستفسار عما تقوم به المندوبية من أجل حماية هؤلاء المرضى القاصدين للضريح المُشار إليه، مشيرا أنه لم يسمع به، مؤكدا في مقابل ذلك أن مندوبية الصحة بالإقليم أطلقت خلال الفترة الماضية أسبوعا من أجل فحص المرضى النفسانيين، وإحداث ملفات مرضية خاصة بهم.

وأوضح المندوب في تصريح لجريدة “العمق”، أن العديد من المرضى يرفضون الولوج إلى المستشفيات نظرا لقلة الوعي أو فقر بعظهم، غير أنه لم يخف أن العرض الصحي بزاكورة لا يساعد المرضى النفسيين على الاستفادة من الخدمات العمومية في هذا المجال، حيث يعاني المستشفى الإقليمي من قلة الأطر شبه الطبية التي بإمكانها مساعدة هؤلاء المرضى في العلاج.

وشدد المندوب ضمن حديثه للجريدة على أن وزارته بصدد إطلاق حملة مدتها 15 يوما من أجل إحصاء المرضى النفسيين بالإقليم وإحداث ملفات مرضية خاصة بهم تسمح للمندوبية بتتبع حالاتهم، وتقديم العلاج لهم، مع إبلاغ السلطات المحلية عن الحالات التي ترفض القدوم للمستشفى من أجل العلاج، مبرزا في السياق ذاته أنه سيتم إحداث لجنة من أجل زيارة الأضرحة التي تحتضن مرضى نفسانيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *