حوارات

عالم النفس “ريموند مودي” يقول كل شيء عن تجارب الاقتراب من الموت

حاوره بالإنجليزية: الطيب لعبي

*ترجمة: العمق المغربي

1. اثنان وأربعون عاما بعد نشر كتابك الأول “الحياة ما بعد الحياة”، الذي أصبح من أكثر الكتب مبيعا، كيف يمكنك تحديد تجربة الاقتراب من الموت؟

تجارب الاقتراب من الموت هي شكل متزايد من الوعي الذي يحدث للأشخاص الذين هم على حافة الموت. ويبدو أنه لها تأثيرا عميقا على حياة أولئك الذين يصلون إليها.

2. الحياة بعد الموت هي واحدة من أكثر المواضيع التي تمت مناقشتها في الفلسفة اليونانية منذ القدم، وعلى الخصوص عند أفلاطون وعلما بمدى اهتمامكم بالحضارة اليونانية القديمة: كيف تطور اهتمامك بهذا الموضوع، وكيف كان أول اتصال لك مع القرب من الموت؟

لم تكن لدي أية دراية بالدين عندما كنت طفلا، ولم تكن لدي أي فكرة عن الحياة الآخرة، وفي سنة 1962 اكتشفت تجارب عن الاقتراب من الموت من خلال قراءة أمثلة عنها في جمهورية أفلاطون، وفي عام 1965 تعرفت على طبيب نفساني يدعى الدكتور جورج ريتشي، الذي كان أول إنسان حي أعرف من خلال هذه التجربة، ومنذ ذلك الحين أجريت مقابلات مع آلاف الأشخاص الذين لديهم تجارب القرب من الموت.

3. نحن نعلم من خلال كتابك مع بول بيري “حياتي في السعي وراء الآخرة” أنك مررت من تجربة الاقتراب من الموت. هل يمكن أن تخبرنا عن ذلك؟ وهل تعتقد أن ذلك أثر عليك في دراستك لهذه الظاهرة؟

في عام 1991، كدت أموت بعد مرض شديد في الغدة الدرقية، وعشت نوعا من الفصل بين طبقات الواقع، حيث أدركت أن هناك مستوى أعلى من الوجود، أكثر واقعية، أكثر من التي نواجهها خلال عملية الموت. لم يكن لدي رؤية كلاسيكية لجسدي. ومع ذلك، لم أكن أعرف أن هناك نوعا آخر من الوجود الشامل الذي هو عامل في الموت.

4. 4. هل يمكن أن تتحدث لنا عن تجارب الاقتراب من الموت السلبية ؟ وما هي الاختلافات بين الكثيرين من الذين تم تحليلهم؟

عادة، الناس الذين يعودون للحياة بعد السكتة القلبية يخبروننا أنهم يغادرون أجسادهم، ويشاهدون عملية إنعاشهم من فوق أجسادهم. ويذكرون أنهم ينزلون إلى ممر، غالبا ما يوصف بأنه نفق، في ضوء مريح ومشرق، حيث يشعرون بمعنى شديد من الحب والسلام. وغالبا ما يلتقون مع أرواح أحبائهم المتوفين في النور. ويصفون استعراضا بانوراميكيا وسريعا لجميع الأحداث في حياتهم، بطريقة ثلاثية الأبعاد.

عندما يعود الناس إلى أجسادهم، يقولون أنهم كانوا قد تحولوا إلى أرواح. على وجه التحديد، يقولون لنا أن تجربتهم علمتهم أن الغرض من الحياة هنا هو تعلم الحب. كما أنهم لا يخافون من الموت بعد ذلك، لأن تجربتهم أقنعتهم بأن الموت هو بوابة لحياة تتجاوز المجال المادي.

5. الخروج من الجسم هو واحد من خصائص الاقتراب من الموت. ومع ذلك، فإن بعض الناس مثل نيكولا فرايس يقولون بأنه يمكن الخروج من الجسم من دون وجود تجربة الاقتراب من الموت. كيف تفسر ذلك؟

بعض الناس لديهم تجارب خارج الجسم دون أن يكونوا على وشك الموت. حوالي 600 قبل الميلاد كان الفيلسوف اليوناني هيرموتيموس اشتهر بكونه قادر على ترك جسده بشكل إرادي. وفي فرنسا، درس “إيريك بيغاني” وهو عازف بيانو في الحفلات ومختص في علم النفس، حالة عدد من المطربين في الأوبرا الذين عانوا من نوبات خارج الجسم أثناء أداء الموسيقى الكلاسيكية على خشبة المسرح.

في نهاية المطاف ليس لدي أي فكرة عما تعنيه التجارب خارج الجسد، ومع ذلك فإنها تتصل بمسألة فلسفية هامة: مشكلة العقل والجسم، وقد ذكر أرسطو تجارب هيرموتيموس ذات الصلة بالمناقشات الفلسفية حول طبيعة العقل.

6. فيما يتعلق بالجانب المظلم من تجربة الاقتراب من الموت: تجربة سلبية بالقرب من الموت، ما هي الاختلافات بين التجربتين؟ ولماذا هناك دراسات أقل عن ذلك بالمقارنة مع “العادية” أو “الإيجابية” لظاهرة الاقتراب من الموت؟

تحدث تجارب سلبية قريبة من الموت، ولكن أقل كثيرا من التجارب الإيجابية، مما يجعل من الصعب دراستها. ليس لدي أي أساس يمكن التكهن بما قد يعنيه ذلك.

7 – أصحاب تلك التجارب قالوا إنهم غير قادرين على وصف تجارب الاقتراب من الموت بدقة، ولكنهم لا يستطيعون أن يكونوا صامتين، بل عليهم أن يرووا قصصهم. ألا تتغير شهاداتهم من خلال محاولة وضع كلمات لا يمكن وصفها بسهولة؟ وإلى أي مدى محيطهم الثقافي والديني يؤثر على كلامهم؟

إن حاجز اللغة هو أحد الصعوبات الرئيسية في فهم طبيعة التجارب القريبة من الوفاة. مهما كانت طبيعة هؤلاء الناس، سواء أذكياء أو لا، فإنه من الصعب عليهم التعبير عن أحاسيسهم خلال تجارب الاقتراب من الموت، وأقول أنه من الممكن التخفيف من حدة هذه المشكلة بإعطاء الناس مبادئ منطقية جديدة بشكل قبلي. وإذا صادفتهم تجربة قرب الموت، بشكل مفاجئ، فسيكون لديهم وسائل لغوية جديدة لوصف تجربتهم.

8. ما هي المشاكل التي تشكلها هذه الظاهرة وما هي الإجابات التي تعطيها؟

ليس لدينا حتى الآن الوسائل المنطقية والمفاهيمية لإعطاء دليل عقلاني على الحياة الآخرة. ومع ذلك، أعتقد أن التجارب قرب الموت ترتبط ارتباطا إيجابيا بمسألة الحياة بعد الموت. وأعتقد أن المشكلة يمكن حلها في المستقبل.

9. هل تجربة الاقتراب منالموت دليل على الحياة بعد الموت؟

أعتقد أن الاكتشافات في التفكير المنطقي ستقود مستقبلا إلى تقرير عقلاني منطقي لتجارب الاقتراب من الموت مقارنة للحياة بعد الموت.

10. هل تعتقد أن البيولوجيا لديها رؤية اختزالية للإنسان من خلال التأكيد على أنه آلة ذكية وأن الوعي ينتج عن النشاط الدماغي؟

اقترح “لا متري” فكرة أن الإنسان آلة والصورة لا تزال تسيطر على الفكر المعاصرل. شخصيا، يبدو لي جورج بيركلي نموذجا أكثر إقناعا للواقع. وأعتقد أن الوعي هو الواقع الأساسي والبدنية هي إسقاط الوعي.

11. هل تعتقد أن هذا القرن يمثل عودة الدين؟ وبسبب هذا وبسبب الوضع اليائس في العالم، هل سيحصل الناس المهتمين بالحياة الروحية والتجارب القريبة من الموت؟

ويبدو أن الدين سمة متأصلة في عقلية الإنسان، وهو مرهق ومتناقص في تأثيره على الناس والمجتمع. ويبدو أن التطورات في القرن الحادي والعشرين تجعل من الأرجح أن يهتم الناس بتجارب قريبة من الموت واحتمال الحياة بعد الموت.

12. الدكتور مودي، قلت في الندوة الدولية حول “الوعي والخفي” أن “أي اعتقاد بأنني قد أعود إلى الله، وأنا متأكد، سيكون من الخطأ في بعض النواحي”. وأن فكرة الله أكبر من مفهوم الوجود وأوسع من المفهوم الإنساني. يمكنك أن تفسر ذلك؟

أنا لا أضع الله في صنف مثل هذه المفاهيم – مثل مفاهيم الوجود أو المعتقد، بل أرى الله من حيث العلاقات. فمن الممكن أن يكون هناك علاقة مع الله دون الإصرار على المعتقدات.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *