مجتمع

“حاتم”: متابعة صحافيين اعتداء على الدستور وعرقلة لأدوار الإعلام والبرلمان

اعتبرت منظمة حريات الإعلام والتعبير المعروفة اختصارا باسم “حاتم”، أن المتابعة القضائية لأربعة صحافيين وبرلماني من قبل رئيس مجلس المستشارين، على خلفية شكاية ضدهم بدعوى “إفشاء” معطيات لجنة تقصي الحقائق التي شكلها المجلس للبحث في ملف إفلاس صندوق التقاعد، هو “اعتداء على الفصل 27 من الدستور الذي يضمن الحق في الحصول على المعلومات”.

وقالت المنظمة في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن الإصرار على متابعة الصحافيين بقوانين أخرى غير قانون الصحافة والنشر، “خرق لقواعد حماية حرية الإعلام وأدواره في الكشف عن الحقائق ولاستقلالية الصحافة والصحافيين”، مستغربة هذه المتابعة بسبب العودة للقضية بعد شهور عديدة من إثارتها، عوض متابعة المسؤولين عن إفلاس صناديق التقاعد وتفعيل نتائج و خلاصات التقرير.

وأوضحت أن هذه القضية “تمثل نموذجا آخر للتعامل السلبي لمؤسسات الدولة مع حرية الإعلام والحق في الحصول على المعلومات”، مشيرة إلى أن هذا الأمر يأتي “ضمن توجه تراجعي لا يستهدف الحقوق والحريات فقط بل يمس أيضا حتى ما ورد في الدستور من منطلقات لبناء الديمقراطية، ومن ذلك المساس بفصل السلط من خلال عرقلة أدوار المراقبتين البرلمانية والإعلامية على الجهاز التنفيذي، والإصرار على الانتقام من المعارضين وذوي الآراء النقدية و الانتقادية لسياسات وممارسات مؤسسات الدولة، وقد وصلت هنا إلى برلماني منتخب كمناضل نقابي”.

وسجلت “حاتم” أن مسؤولية مجلس المستشارين “لا تتوقف إزاء هذا الحق عند إقرار قانون جيد للحق في الحصول على المعلومات، بل تمتد إلى أن يقدم النموذج في ممارسته، وتأتي هذه القضية لتشكك في هذا الاتجاه، وتضاف إلى عمل أطراف من داخله على إدخال تعديلات سلبية على مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات داخل اللجنة المعنية، مثل إدراج “سرية أعمال لجن تقصي الحقائق ” ضمن الاستثناءات، في الوقت الذي تدعو فيه الخطابات الرسمية للشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة”

وأضافت بالقول: “لئن كان الكشف عن بعض جوانب أعمال لجن تقصي الحقائق يتطلب انتظار إصدار التقرير كاملا، فذلك لا يعفي اللجنة والمجلس الذي شكلها من إطلاع الرأي العام على أطوار وتطورات عملها، لاسيما وان القضية تهم فئات واسعة من المواطنات و المواطنين. ولعل عدم تفعيل نتائج عدة لجن للتقصي يعود إلى جانب أسباب أخرى إلى عزل تلك اللجن عن سياقها الزمني وإطارها العام، بما في ذلك التقصير في التفاعل مع الرأي العام عبر وسائل الإعلام في صلب القضايا وفي إبانها”.

وفي هذا الصدد، دعت “حاتم” مجلس المستشارين لسحب الشكاية المذكورة، وطالب مجلسي البرلمان بـ”التفاعل إيجابا مع التعديلات التي اقترحتها الشبكة المغربية للحق في الحصول على المعلومات، وضمنها منظمة حاتم، على مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومات لينسجم مع روح الدستور وضمنه الفصل 27، وليكون في مستوى المعايير الدولية و الحقوقية في المجال”، داعية الفعاليات الحقوقية والديمقراطية للاستجابة للمبادرة التي تطلقها المنظمة من أجل الدعم الجماعي للمناضل البرلماني والصحافيين الأربعةن حسب تعبير البلاغ.

وخلف القرار الذي اتخذه رئيس مجلس المستشارين رفقة رئيس اللجنة المؤقتة لتقصي الحقائق حول صندوق التقاعد عزيز بنعزوز عن حزب الأصالة والمعاصرة، والقاضي بمتابعة أربعة صحافيين نشروا خبرا يتعلق بعمل اللجنة بالإضافة إلى مستشار برلماني، موجة من الغضب في صفوف الجسم الإعلامي المغربي.

واعتبر عدد من الإعلاميين، أن متابعة بنشماش وبنعزوز لأربعة صحافيين ومستشار برلماني عن الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، هو أمر يهدف إلى اخراس الصحافة ومنعها من حق دستوري يضمن حق الحصول على المعلومة، معبرين عن أسفهم لخطوة المتابعة التي قد تصل عقوبتها لـ 5 سنوات سجنا.

يشار إلى أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، قرر أول أمس الثلاثاء، متابعة برلماني بتهمة “إفشاء السر المهني والمشاركة في نشر معلومات تتعلق بعمل لجنة تقصي الحقائق حول التقاعد”، واستدعاء 4 صحافيين للمثول أمام المحكمة بتهمة “نشر معلومات تتعلق بلجنة تقصي الحقائق”، ويتعلق الأمر بكل من المستشار البرلماني عن الكنفدرالية الديمقراطية عبد الحق حيسان، والصحافيين محمد أحداد، عبد الحق بلشكر، كوثر زاكي، عبد الإله ساخير.

وينص الظهير الشريف رقم 1.14.125 المتعلق بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 085.13 ‏حول طريقة تسيير اللجان النيابية، على المعاقبة بـ”غرامة من 1.000 ‏إلى 10.000 ‏درهم وبالحبس من سنة واحدة إلى خمس سنوات أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل شخص قام، مهما كانت الوسيلة المستعملة، بنشر المعلومات التي تولت اللجنة جمعها، وتضاعف العقوبة في حالة نشر المعلومات المتعلقة بمضمون شهادات الأشخاص الذين تم الاستماع إليهم، وذلك دون الإخلال، عند الاقتضاء، بالعقوبات الأشد التي قد يتطلبها تكييف الفعل الجرمي”.

إلى ذلك، تبرأ رئيس مجلس المستشارين حكيم بنشماش من الشكاية التي تم رفعها ضد الصحافيين والمستشار البرلماني، مشددا على أنه “لم يرفع أية دعوى أمام القضاء لمتابعة مستشار برلماني أو أي صحفي”، قائلا في بلاغ توضيحي، إنه أحال مراسلة توصل بها من قبل رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق إلى وزير العدل يطلب فيها فتح تحقيق في موضوع تسريب معلومات ومعطيات نشرتها الصحافة بخصوص مداولات اللجنة التي من المفروض أنها تحظى بالسرية.

وأبرز بلاغ رئيس الغرفة الثانية أن “رئيس المجلس في هذه الحالة يعتبر سلطة إحالة، إذ بمجرد توصله بتقرير من قبل رئيس اللجنة النيابية لتقصي الحقائق، فإنه يوجه مراسلة في الموضوع للسيد وزير العدل والحريات الذي يتخذ الإجراءات المخولة له في هذا الشأن”، مؤكدا أن “مسؤولية رئيس مجلس المستشارين تنتهي بإحالة الموضوع على وزير العدل والحريات، ولا يمكن للرئيس التدخل أو توجيه عمل السلطات القضائية أو الحكومية في هذا الشأن”، مضيفا أن الرئيس يؤمن بحق الصحفي في البحث ونشر المعلومة في إطار ما تسمح به القوانين.

إلى ذلك، اعتبر مصدر مقرب من حكيم بنشماش أن ما صرح به المستشار البرلماني عبد الحق حيسان لجريدة “العمق” من كون متابعته جاءت بسبب الموقف الذي أبداه من دخول وفد إسرائيلي يرأسه وزير الأمن السابق عمير بيرتس إلى مجلس المستشارين، هو أمر عار من الصحة، موضحا أن المراسلة التي وجهها رئيس مجلس المستشارين بناء على تقرير رئيس لجنة تقصي الحقائق إلى وزير العدل والحريات تعود إلى فبراير 2017، بينما انعقدت المناظرة التي حضرها الوفد الإسرائيلي يـوميْ 08 و09 أكتوبر 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *