مجتمع، منوعات

مركز حقوقي يكشف نتائج تحقيقاته حول “فسخ عقدة” أستاذ زاكورة

كشف المركز المغربي لحقوق الإنسان، عن نتائج تحقيقات ميدانية أجراها في قضية قرار فسخ العقدة التي كانت تجمع بين الأستاذ احساين بوكمان، بأكاديمية التربية والتعليم بجهة درعة تافيلالت، بعد تطور الملف إلى قضية رأي عام، وذلك من خلال اتصالاته مع عدد من شهود عيان بعين المكان، مطالبا وزارة التربية الوطنية بإجراء تحقيق دقيق في النازلة، داعيا الأستاذ المفصول عن عمله،إلى اللجوء إلى القضاء في حالة رفض الأكاديمية التراجع عن قرارها.

وأوضح المركز في تقرير له، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن الأستاذ احساين بوكمان بدأ مزاولة مهمة التدريس، ضمن فوج 2017ـ2018 بموجب عقدة بينه وبين أكاديمية التربية والتعليم بجهة درعة تافيلالت، كأستاذ لمادة الرياضيات بالثانوية الإعدادية مزكيطة، بجماعة مزكيطة قيادة تانسيفت، دائرة أكدز، بإقليم زاكورة، حيث يتوفر على شهادة الماستر في العلوم الرياضية، ويتابع حاليا دراسته في سلك الدكتوراه، مشيرا إلى أنه مشهود له بكفاءته العلمية، إلا أنه قد ينقصه الإلمام بالقواعد البيداعوجية، وخاصة المتعلقة بكيفية التعامل مع التلاميذ في سن المراهقة.

وأشار التقرير إلى أن فوج التوظيف بالتعاقد 2017ـ2018 لم يستفد من تكوين بيداغوجي كافي لممارسة مهنة التدريس، مما جعل الكثير منهم يجد صعوبة في التأقلم مع طابع الشغب والفوضى الذي يطبع أجواء بعض الأقسام في بعض المؤسسات التربوية، لافتا إلى أن الأستاذ المذكور كان مواظبا في مهنته، وكان يضطر في بعض الأحيان إلى تخصيص ساعات إضافية لفائدة التلاميذ داخل الأقسام، بغية منحهم فرصة أكثر لضبط واجباتهم المدرسية، إلا أنه كان حازما، مما جعل ثلاثة تلاميذ (تلميذين وتلميذة) من ذوي السلوك غير المنضبط، يتطاولون عليه، ويحاولون تحديه والازدراء من صرامته، مستغلين قصر قامته وضعف بنيته الجسمانية، مما أشعره بنوع من الإهانة.

اقرأ أيضا: من نتائج “التعاقد” .. التشطيب على أستاذ متعاقد بزاكورة بجرة قلم (صورة)

وأوضح التقرير أن خلافا بين الأستاذ والتلميذ (ب.آ) المعروف بشغبه، تطور إلى لكم الأستاذ بعنف داخل القسم، حيث منح على إثرها شهادة طبية، ورغم تقدمه بشكاية أمام إدارة المؤسسة، بادر مدير المؤسسة إلى محاولة رأب الصدع، والبحث عن عقوبات بديلة، حسب تعليمات صادرة في دورية وزارية، بدل طرد التلميذ من المدرسة، حيث شعر الأستاذ، بسبب عدم اتخاذ إدارة المؤسسة أي تدبير عقابي في حق التلميذ إلى المس بكرامته، ترتب عنه تشنج العلاقة بين الأستاذ ومسؤولي إدارة المؤسسة، وتفاقم الوضع بعد إقدام السيد مدير المؤسسة على إعداد تقارير سلبية في حقه، ورفعها إلى المديرية الإقليمية.

وتابع التقرير ذاته أن المدير الإقليمي للتربية والتعليم بزاكورة، بمعية رئيس مصلحة تنشيط المؤسسات التربوية، بادروا إلى عقد اجتماع مباشر مع الأستاذ المعني، من أجل ثنيه عن رفض التلميذ، وقبوله ليستمر في تدريسه ضمن تلاميذ القسم، وعدم حرمانه من حصة الرياضيات، وبعد نقاش مستفيض، أبى الأستاذ الإمتثال إلى أمر المدير الإقليمي، بعدما شعر بالإهانة من طرف التلميذ، وتذمره من عدم اتخاذ الإدارة أي إجراء عقابي في حق التلميذ، ولا أي إجراء وقائي يحمي الأستاذ من عجرفة وتسيب التلميذ، رغم أنه ثم اتخاذ قرار، في آخر المطاف، يقضي بإدماج التلميذ ضمن قسم آخر بخصوص مادة الرياضيات، ليدرسها لدى أستاذ آخر.

اقرأ أيضا: أكاديمية درعة تخرج عن صمتها في قضية فسخ العقدة مع أستاذ زاكورة

تحقيقات المركز الحقوقي خلصت إلى أن المبررات المتضمنة في إعذار بفسخ العقدة من لدن أكاديمة التربية والتعليم بدرعة تافيلالت كانت “متحاملة وغير دقيقة”، حيث لئن كان الأستاذ ينقصه الإلمام بالقواعد البيداغوجية، مثلما حصل لفوج الأساتذة 2017ـ2018، الذين ثم توظيفهم في إطار عقدة محدودة المدة، وكذا ”تحديه” لرؤساءه الإداريين، في عدم تقبل مناشدتهم، (مع ضرورة تفهم موقفه من الناحية النفسية)، فإن اللوم ينعقد على الأكاديمية التي لم تستوفي التزاماتها مع الاطر التربوية الجديدة، وكان الأجدر مواكبة الحالات التي تجد صعوبة في التأقلم مع الأوضاع غير الطبيعية لبعض الأقسام، بطريقة إيجابية وبناءة، مع مراعاة كرامة وهيبة الإطار التربوي.

واعتبر المركز أن قرار فسخ العقدة من لدن أكاديمية التربية والتعليم بدرعة تافيلالت كان متسرعا، ولم يراعي الظروف العامة التي وجد الأستاذ نفسه فيها، كما لم يراعي الاعتبارت الموضوعية، التي دفعت الأستاذ إلى أن يسقط ضحية أخطاء ذات طبيعة بيداغوجية، مشيرا إلى أن مدير المؤسسة، يتحمل المسؤولية في عدم تدبير الخلاف بين أستاذ، حديث العهد بالتدريس، وتلميذ مشاغب، بطريقة موضوعية، من خلال تسرعه في رفع تقارير سوداء في حق الإطار التربوي إلى المسؤولين، وعدم الاكتراث لتظلمه إزاء تعنيفه من لدن التلميذ، وكان جديرا به حماية كرامة الأستاذ، مع إيجاد صيغة معقولة لثني التلميذ عن التمادي في السلوك العدواني في حق الأستاذ، إلا أن التحريات الميدانية لم تثبت التوظيف السياسي لنزاع الأستاذ مع التلميذ في حق مدير المؤسسة.

اقرأ أيضا: مصدر يقدم رواية أخرى في قضية التشطيب على أستاذ متعاقد بزاكورة

وطالب المركز المغربي لحقوق الإنسان وزارة التربية والتعليم بإجراء تحقيق دقيق في النازلة، كما دعا الأستاذ المفصول عن عمله، إلى اللجوء إلى القضاء في حالة رفض الأكاديمية التراجع عن قرارها، اقتناعا منه بأحقيته في الشغل، وبتعرضه فعلا للمهانة بسبب تلميذ غير منضبط، يستحق عقوبة زجرية إزاء سلوكه غير الأخلاقي في حق معلمه، وللظلم بسبب قرار عزله من قبل أكاديمية التربية والتعليم، وفق التقرير ذاته.

وكانت وزارة التربية الوطنية في شخص المديرية الإقليمية لوزارة التربية والتعليم بزاكورة، قد قررت فسخ عقدة تربطها بالأساتذ المتعاقد المذكور، معللة قرارها بأن أداءه المهني ضعيف، وأنه يسيء معاملة التلاميذ ويتلفظ بألفاظ نابية أمامهم، وإخراجهم من القسم ومنعم من استئناف الحصص الدراسية، والتمادي في ذلك، وأنه يرفض الجواب عن الاستفسارات الموجهة إليه من طرف إدارة المؤسسة التي يُدرّس بها، لافتة إلى أنها استندت في قرار الفسخ على المادة 13 من العقد المبرم.

اقرأ أيضا: نقابيون بزاكورة: التوظيف بالتعاقد “عبودية” والطرد قرار “مخزني”

القرار خلف ردود فعل مستنكرة في الوسط التعليمي، حيث أعلنت التنسيقية الوطنية لأساتذة المغرب عن تضامنها مع الأستاذ المذكور، داعية الوزارة الوصية إلى إيجاد حل لهذا الملف، فيما استنكر أساتذة ثانوية مزكيظة الإعدادية بزاكورة، قرارفسخ عقدة توظيف زميلهم، بينما طالب المكتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، وزير التربية الوطنية بالتراجع عن “الطرد التعسفي” للأستاذ.

ونفذت تنسيقية إقليمية بزاكورة مكونة من 3 تنظيمات نقابية وهي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل CDT، والجامعة الوطنية للتعليم FNE، والاتحاد المغربي للشغلUMT، وقفة احتجاجية تضامنا مع أستاذ مادة الرياضيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *