سياسة

العثماني: رفع الدعم عن البوطا والسكر والدقيق لن يتم إلا بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين

أوضح رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أن حكومته لن تقوم برفع الدعم عن مواد صندوق المقاصة “إلا بعد توفير الأرضية المناسبة لاستهداف ناجع وفعال للفئات المستحقة لمختلف البرامج الاجتماعية”، مشيرا إلى أنه  تم تخصيص اعتمادات مهمة بلغت هذه السنة 13 مليار درهم لدعم أسعار المواد الاستهلاكية من غاز البوطان والسكر والدقيق الوطني للقمح اللين، وذلك حفاظا على القدرة الشرائية للمواطنين.

وأضاف العثماني في جوابه على أسئلة المستشارين ضمن الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة بالغرفة الثانية للبرلمان، مساء اليوم الثلاثاء، إلى أن الحكومة “ستعمل جاهدة على توفير الشروط الملائمة لمواصلة إصلاح منظومة المقاصة بهدف بلوغ هدف التقسيم العادل للإمكانيات المتاحة، واستهداف الفئات المحتاجة،تحقيقا للعدالة الاجتماعية المنشودة”.

وأشار إلى أن إصلاح نظام المقاصة يعد إجراءً لا مناص منه بعد أن أثبتت الدراسات والتحليلات وجود عدة اختلالات تمثلت أساسا في عدم استقرار الغلاف المالي المخصص للدعم بسبب ارتفاع الأسعار الدولية للمواد المدعمة وتزايد الطلب الداخلي على هذه المواد، لافتا إلى أن إصلاح المقاصة هو إصلاح هيكلي، يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية عبر توجيه الدعم إلى الفئات الفقيرة والمستحقة، وإلى توجيه الموارد المالية العمومية نحو دعم الاستثمار والبرامج الاجتماعية الكفيلة بخلق فرص الشغل وتحسين المستوى المعيشي للسكان بشكل دائم.

وشدد على أنه تمت مباشرة هذا الإصلاح بالنسبة لقطاع المحروقات، باعتماد مقاربة تدريجية، ابتداء من شتنبر 2013 إلى أن تم تحرير القطاع بصفة نهائية في دجنبر 2015، حيث ساهم هذا الإصلاح، في تقليص الدعم الإجمالي المخصص للمقاصة بالميزانية العامة بنسبة تفوق 70%، ولم يتعدى هذا الدعم 10 مليار سنة 2016، و12 مليار درهم سنة 2017، و13 مليار درهم برسم قانون مالية 2018، مما خفف العبء على خزينة الدولة، كما مكن من توفير إمكانيات إضافية تم توظيفها في مشاريع وبرامج اجتماعية، حسب قوله.

وتابع قوله بأن”الحكومة عازمة على مواصلة إصلاح صندوق المقاصة من خلال رفع الدعم تدريجيا عن المواد المتبقية بهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة إلى تمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة والمحتاجة، ويتعلق الأمر بمادة غاز البوتان، ومادة السكر، والدقيق.

غاز البوتان 

العثماني قال إنه بالرغم من أن غاز البوتان يكتسي أهمية لدى الأسر الفقيرة والمتوسطة، فإن الدعم الموجه له، تستفيد منه الفئات الغنية. مؤكدا أن الحكومة عازمة على رفع الدعم تدريجيا عن مادة البوتان، بهدف الزيادة في الاعتمادات الموجهة إلى تمويل سياسات وبرامج التنمية الاجتماعية، ودعم الفئات الهشة والمحتاجة.

وأضاف أنه في انتظار الإصلاح الشامل لمنظومة دعم غاز البوطان في إطار المقاربة الشاملة للحماية الاجتماعية التي يتم العمل عليها، قامت الحكومة كخطوة أولية بالرفع من أداء هذا القطاع من خلال تحرير واردات غاز البوطان مع وضع تركيبة مرجعية جديدة، والتقليص من تدخل الصندوق وإعطاء الشركات الغازية الحرية في تدبير وارداتها.

وأشار إلى أنه اعتبارا للدور الحيوي الذي يشكله غاز البوطان بالنسبة للمعيش اليومي للمواطن المغربي، فإن أسعار غاز البوطان لم تعرف أي زيادات منذ عشرات السنين، برغم أن السعر المرجعي المسجل في الأسواق العالمية لهذه المادة يبلغ في بعض الاحيان مستويات مرتفعة (بلغت مثلا 423 دولارا للطن سنة 2017)، دون إغفال التكاليف الأخرى المتعلقة بالشحن ومصاريف المقاربة التي عرفت ارتفاعا خلال كل هذه السنوات، حيث بلغت نسبة دعم قنينة الغاز في بعض الأحيان ما يفوق 240%.

وأوضح أن الحكومة استمرت في دعم هذه المادة وبغلاف مالي سنوي تراوح بين 13,1 مليار درهما سنة 2012،و13,5 مليار درهما سنة 2014 (فاق مبلغ الدعم في هذه الفترة80 درهما للقنينة من فئة 12 كلغ)، قبل أن ينخفض إلى8,9 مليار درهم سنة 2016، (ما يعادل 44 درهما للقنينة من فئة 12 كلغ)، ثم 07 مليار درهم سنة 2016، (ما يعادل 33 درهما للقنينة من فئة 12 كلغ)، حسب تطور السعر في السوق الدولية، كما يقوم صندوق المقاصة بتحمل مجموعة من التكاليف المتعلقة باستيراد وتخزين وتعبئة وتوزيع هذه المادة.

السكر والدقيق

وفيما يخص المواد الغذائية المدعمة، أي قطاعي السكر والدقيق الوطني، قال العثماني إنه تم اتخاذ مجموعة من التدابير التي من شأنها اعادة هيكلتها وتأهيلها، في انتظار الإصلاح الشامل، مشيرا إلى أن “السلسلة السكرية” تحتاج إلى إعادة التنظيم بالنظر إلى الإشكالات التي يعرفها هذا القطاع، والتي تتمثل بالأساس في تراجع الإنتاج الوطني للسكر المستخلص من النباتات السكرية المنتجة محليا، واللجوء المكثف إلى استيراد السكر الخام، مما يؤدي إلى ارتفاع غلاف الدعم الموجه لهذا القطاع بالنظر لارتفاع الأثمنة العالمية للسكر الخام في السنوات الأخيرة( 3,24 مليار درهم برسم سنة 2015، و 3,66 مليار درهم برسم سنة 2016).

وشدد على أنه من أجل إعادة التوازن إلى هذا القطاع والتقليص من التبعية إلى الأسواق الخارجية والرفع من مردودية القطاع الفلاحي المنتج للنباتات السكرية، فقد تم الرفع من مداخيل الفلاحين المنتجين للنباتات السكرية عبر الرفع من ثمن الشمندر وقصب السكر على مرحلتين، حيث تم تحقيق هذا الاجراء عن طريق مراجعة مستويات الدعم المقدم للسكر المصفى، مع تحيين مستوى الثمن المرجعي الذي يتم بموجبه حماية الإنتاج المحلي للسكر الخام منأجل الحفاظ على تنافسية السكر الخام المنتج محليا والحفاظ على القدرة الإنتاجية للفلاح المحلي.

وتم في نفس الإطار، اعتماد برنامج تعاقدي جديد يهدف إلى تأهيل هذا القطاع على مدى سبع سنوات من سنة 2013 إلى 2020 من أجل الوصول إلى مستوى مناسب من تغطية الحاجيات الوطنية من هذه المادة الأساسية، حيث عرف الإنتاج الوطني للسكر المستخرج من النباتات السكرية المنتجة محليا تطورا مهما، إذ مرت نسبة تغطية حاجياتنا الوطنية من 20% سنة 2012 الى 42 % سنة 2015 ثم 50% سنة 2016، وهذه النتائج ساهمت في تقليص الدعم الموجه لقطاع السكر والتخفيف من عبئه على خزينة الدولة حيث فاق هذا الدعم خلال بعض السنوات 5 ملايير من الدرهم، وتم حصره حاليا في 3.5 مليار من الدرهم، وفق قوله.

أما بالنسبة لقطاع الدقيق الوطني، فقد تم التقليص من حصة الدقيق الوطني الموزع وحصرها في 6 مليون قنطار برسم سنة 2016، بدل 9 مليون قنطار، مع تحيين الدورية الوزارية المتعلقة بإنتاج وتوزيع الدقيق الوطني للقمح اللين، وإدراج مقتضيات من شأنها إعادة هيكلة هذا القطاع وتحسين جودة الإنتاج، كما تم تكثيف المراقبة وتشديد الإجراءات الجزرية المتعلقة بجودة الدقيق المدعم، يقول العثماني، مضيفا أنه وفي نفس السياق ومن أجل ضمان استقرار أثمنة الخبز، يتم تفعيل بنود البرنامج التعاقدي الذي يهدف إلى تطوير وهيكلة قطاع المخابز.

الإجراءات المواكبة

رئيس الحكومة اعتبر أن “مواصلة الإصلاح الشامل من خلال رفع الدعم عن باقي المواد المتبقية، لا يمكن أن يتم إلا في إطار مقاربة شمولية تتضمن جملة من الإجراءات المواكبة التي تتوخى الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين استهداف الفئات الفقيرة والهشة، وذلك في انسجام وتكامل مع البرامج الحكومية الأخرى”.

وفي هذا الإطار، يقول العثماني، فإن الحكومة تعمل جاهدة على مراجعة وتيسير إجراءات وشروط الاستفادة من البرامج الاجتماعية بغية تحسين الاستهداف والرفع من عدد المستفيدين من هذه البرامج الاجتماعية، وذلك من خلال جملة التدابير الإجرائية الرامية إلى إرساء نظام فعال لرصد الفئات الفقيرة والهشة بهدف ضمان استهدافها بشكل أكثر عدلا وفعالية، وتطوير حكامة ومردودية منظومة الحماية الاجتماعية الاجتماعي، حسب تعبيره.

وأضاف أن الحكومة شرعت في إنجاز مشروع معلوماتي لاستهداف الفئات المستفيدة من البرامج الاجتماعية، ويتعلق الأمر بـ”السجل الاجتماعي الموحد”، الذي سيشكل قاعدة معلوماتية شاملة ستمكن من توحيد المعلومات الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين والأسر من أجل إعطاء رؤية واضحة حول الفئات الهشة والفقيرة، حيث سيشكل السجل الاجتماعي الموحد المنطلق الوحيد للولوج لكافة البرامج الاجتماعية، (المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، نظام التغطية الصحية “راميد”، “نظام تيسير”، دعم الأرامل إلخ…).

ولفت العثماني إلى أن رفع الدعم عن باقي المواد المعنية بنظام المقاصة يجب أن يواكب بتعزيز الحماية الاجتماعية للمواطنين من أجل معالجة التداعيات المحتملة لهذا الإصلاح، مشيرا إلى أن “الحكومة انخرطت في ورش إصلاحي هام يتوخى تحسين حكامة منظومة الحماية الاجتماعية، من خلال ضمان تنسيق مختلف أنظمة التغطية الاجتماعية، وهو الورش الذي رصد له أزيد من مليار درهم (100 مليون أورو)، بتمويل وشراكة مع الاتحاد الأوربي، ويهدف إلى تعزيز قدرات الحكومة في بلورة سياسة موحدة للحماية الاجتماعية، وتوسيع التغطية الصحية الأساسية في أفق تعميمها، وتطوير الهندسة الاجتماعية من خلال تعبئة مختلف الموارد المالية والبشرية، وتحسين العرض وجودة الخدمات الاجتماعية المقدمة”.

وأوضح أنه هذا الورش من ينتظر منه “تحقيق التقائية المعلومات الخاصة بنظام الحماية الاجتماعية في ظل تعدد الفاعلين والمتدخلين في إنتاج المعطيات والمؤشرات، في أفق بلورة تدبير مندمج لرصد وتتبع مؤشرات الحماية الاجتماعية، وإحداث قاعدة مؤشرات في مجال الحماية الاجتماعية، ووضع نظام معلوماتي من شأنه أن يمكن من تدبير أفضل للسياسات المتعلقة بمجال الحماية الاجتماعية، من خلال تجميع وتحليل المعطيات المتوفرة بالمؤسسات المدبرة لأنظمة الاحتياط الاجتماعي بالمغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 6 سنوات

    الله يرفع يرفع يرفع عنا وعنكم وعن الجميع الظلم لانكم قهرتم الناس ولن يصمت

  • غير معروف
    منذ 6 سنوات

    مع الاسف تذهبون الى امور تافهة وهي في صالح الشعب كالدعم المزعوم وتضخمون الخطاب والتفسير والمبررات والخطط المخزية وتتركون الاهم وتتجاهلون اصل وسبب الاشكاليات وتصبونها على اتعاب ومعاناة الشعب للتعويض والمستفيد الاكبر من الارباح باي طرق فالنقاش هنا ممنوع والدفاع عن حقوق الناس لعيشهم بكرامة دون صدمات مشلول ستندمون ستندمون انتم جءتم لتضعوا نقطة سوداء على تاريخكم وفي نفوس الناس كما كان وكالسابقين وهذا عار و هذه سياسة فاشلة وحركات ضعيفة وعقول مخدرة وووووووووووووووووووومتؤسف........؟؟؟؟؟؟؟