منتدى العمق

إلى متى.. يا أمة العرب  ؟

لسنوات طويلة خلت دار ومازال يدور جدل فكر وثقافي  حول عدم تقدم الأمة العربية الإسلامية ، على رغم من توفر الرغبة الصادقة والنية الحسنة للكثير، وعلى دروب البحث عن العوامل الكامنة وراء تخلفنا ، والاستقصاء عن الأسباب التي تعوق تقدمنا، عزى بعض الباحثين  الأمر إلى ضعف تمسكنا بعقيدتنا ، وعدم إتباعنا لتعاليم ديننا الحنيف ، و نظر فريق ثاني إلى القضية من الناحية السياسة وعلل هذا التأخر بعدم وجود قيادات سياسية محنكة ومخلصة تتيح للمواطن تحقيق ذاته والمساهمة في عملية بناء اجتماعية كاملة . وفئة ثالثة عالجت المشكل على ضوء الحاجة الماسة إلى العلم الذي امتلكه الغرب و ارتقى به منذ سنوات خلت، ولاشك أن كل فئة أصابت جانبا من الحقيقة  التي تتجلى في عدم قدرة الأمة العربية على اتخاذ القرار  والمضي في تنفيذه ،فإرادتها يشوبها الضعف والتردد وفعلها يقعده العجز والكسل، فهي تدرس المشكل ولا تتجاوزه وتشخص الداء ولا تتجرع الدواء، و ترغب في التقدم بيد أنها تقدم رجلا وتؤخر أخرى ، ولهذا تراوح مكانها مند زمن بعيد .

ما أريد أن أقوله إن  فشل الأمة العربية في جل  منظوماتها التعليمية و الاقتصادية و السياسية و القضائية ،  بالمقارنة مع نظيرتها في  الغرب،  أننا مازلنا نناقش الإشكالية ذاتها ونقترح الحلول نفسها ، أليس هذا التكرار الذي يكاد يكون مملا مضيعة للجهد و الوقت؟  ألا نجد الوضع نفسه في الأمم الأخرى التي حققت التقدم  الذي تطمح إليه؟ تقدما ملموسا فعليا، خلق تنمية شاملة  حقيقية لامست مختلف الاختلالات . وأضرب مثلا بإحدى الأمم الأسيوية “كوريا الجنوبية  ” التي حققت تنمية شاملة تميزت بنمو اقتصادي عالي وانخفاض هائل في نسبة الأمية  الفقر ، وقد وضعتها هذه التنمية بحق في مصاف الدول المتقدمة المصنعة  مع محافظتها على تراثها وقيمتها.

لاشك أن هذه الأمم واجهت بعد استقلالها ،  قضايا تهم مسألة الهوية وقضية الوحدة و محاربة الفساد  وربط المسؤولية بالمحاسبة  والتنمية المستدامة وربما واجهتها بشكل أكثر تعقيدا من تلك التي واجهها العرب ، وعلى الرغم من ذلك  حققت تقدما ملحوظا و لم تتخذها ذريعة للاستسلام والفشل، ويكمن السر وراء ذلك في رؤية ثاقبة وإرادة قوية وتخطيط محكم وخيارات موفقة وتنفيذ جيد،  ويقول عبد الله بن المقفع في كتابه الموسوم ب” الأدب الصغير” ،  ” لكل مخلوق حاجة ، ولكل حاجة غاية، ولكل غاية سبيل . والله وقت للأمور أقدارها ، وهيأ إلى الغايات سبلها ، وسبب الحاجات ببلاغها . فغاية الناس وحاجتهم صلاح المعاش والمعاد . والسبب إلى دركها العقل الصحيح ، وأمارة العقل اختيار الأمور بالبصر ، و تنفيذ البصر بالعزم “.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • حمزة
    منذ 6 سنوات

    سيما وأن هذا التكرار الممل كما تفضلتم، تولد منه خلاف إسلامي منوط بالجزئيات ليس إلا، مما أدى هذا الانكماش في زاوية معينة إلى ترك الكليات التي تنضوي في التعليم والثقافة والشريعة الغراء. شكرا لكم

  • حسين
    منذ 6 سنوات

    مقال مميز .. آمالنا في غد مشرق تتحول فيه المنطقة العربية من دول مستهلكة الى دول منتجة قادرة على الغرب المتقدم.