مجتمع

تصوير الفيديوهات الفضائحية ونشرها.. “تقشاب” أم دليل غياب الإحترام؟

شهدت وسائل التواصل الإجتماعي خلال هذا الأسبوع، تداول أشرطة فيديو يوثقان حادثتين متتاليتين اعتبرهما بعض النشطاء ضربا صارخا لمهنة الطب فيما استنكر آخرون هذه الأفعال بحد ذاتها.

بدأت فصول الواقعة الأولى بانتشار فيديو صورته ممرضتين لشخص وهو يستمني فوق سريره بالمستشفى مستغلا خلو المكان من المرضى والأطباء، ليتم فتح تحقيق في الموضوع الذي انتهى باعتقال الممرضتين اللتين كانتا في فترة تدريب بالمستشفى الكبير بمدينة الجديدة، ومتابعة إحداهما التي تبلغ من العمر 18 سنة من طرف وكيل الملك بابتدائية الجديدة في حالة سراح مقابل أداء كفالة.

أما الممرضة الثانية فقد تم إخلاء سبيلها، نظرا لكونها قاصر (17 سنة)، وذلك بعد 3 أيام من التوقيف رهن الحراسة النظرية، بتهمة التقاط فيديو مخل بالآداب والأخلاق العامة لمريض داخل المستشفى، وسوء معاملة مريض، وانتحال صفة ينظمها القانون.

وحسب مصدر مطلع فقد تم تصوير الفيديو الأول الذي تصل مدته لدقيقة و9 ثواني بقسم جراحة العظام والمفاصل، من طرف الممرضتين المتدربتين اللتين تتابعان دراستهما في إحدى مدارس التمريض الخاصة، والتحقتا بالمستشفى الإقليمي لاجتياز فترة تدريب محدودة المدة، لتجدن أنفسهن أمام المريض الذي كان في حالة غير طبيعية، ويقمن باستفزازه واهانته بوابل من الشتم والسب، مع انتحال إحداهن لصفة طبيبة حسب ما يوثق الفيديو.

ولم تمر إلا أيام قليلة عن الواقعة الأولى، حتى انتشر فيديو آخر يوثق لعملية جراحية لإزالة قنينة مشروب غازي “كانيط” من مؤخرة شاب، والذي يظهر فيه طبيب يقوم بإجراء العملية مرفوق بمجموعة من الممرضين والممرضات الذي صور أحدهم الفيديو، حيث ينتظر الرأي العام فتح تحقيق في الواقعة لمعرفة تفاصيل تصوير الفيديو الثاني ومتابعة المتهمين بخرق أخلاقيات المهنة وفضح المرضى.

وفي هذا السياق، عزا الطبيب النفسي والخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي د.جواد مبروكي، أسباب ودوافع نشر وتداول مثل تلك الفيديوهات على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي، إلى غياب مفهوم الاحترام، معتبرا أن مشكلة الشخص المغربي وحتى العربي في الأصل هي مشاكل تركيبية ومعقدة وخصوصا أن مفهوم الاحترام يغيب بشكل مطلق في التربية المغربية والعربية، ويقتصر مفهوم الاحترام في “صباح الخير والسلام عليكم” فقط.

وقال المحلل النفسي مبروكي في تصريح لجريدة “العمق” إنه “ليس لدينا مبادئ الاحترام للآخر سواء في حريته الفردية أو أفكاره أو اختياراته وميولاته الجنسية حتى نحترم الآخر ولا شغل لي في شأنه، وهذا المفهوم غائب في التربية المغربية والعربية”، مضيفا أن ضعف الشخصية والنضج العاطفي، هي من بين الأسباب التي تدفع بعض المغاربة إلى ارتكاب تلك التصرفات التي توصف بالمشينة.

وأبرز المتحدث ذاته أن “التربية المغربية والعربية عنيفة جدا ومبنية على النقد، ولما ننتقد مباشرة الطفل فنحن خرقنا مفهوم الاحترام، وهذا سبب ضعف توازن الشخصية المغربية والعربية، ولهذا يبقى تعاملنا الاجتماعي مبني على الانتقاد لنبرهن على أن الآخر ناقص جدا وبطريقة غير شعورية أننا أفضل منه”.

وفي السياق نفسه قال الدكتور مبروكي بأن الشعب يبحث عن نقائص الآخر مع الاحكام المسبقة، وهذا هو العامل الذي يقوي العلاقات بين الأشخاص “التّْقْشابْ” على الآخر، متسائلا: “ما الهدف من هذه التسجيلات إذا؟” هو دليل على الأحكام المسبقة على الاختيارات الجنسية للفرد وفرصة للضحك وسط المجتمع وهذا سبب انعدام مفهوم الاحترام”.

وأشار الخبير في التحليل النفسي إلى أنه “في مجتمعنا العربي يفقد الشخص مفهوم النقد الذاتي بحيث يرى نفسه على خلق والآخرين خاطئون، ويبرر بجميع الوسائل والمناسبات هذا الاستنتاج. ولما تغيب عملية النقد بطبيعة الحال من المستحيل أن يجد مفهوم الاحترام مكانه في التربية العربية”.

الفرد المغربي والعربي، حسب الطبيب النفسي مبروكي فهو “جاهل” مهما كان مستواه الثقافي لأنه يفقد “المعرفة” ويدرس من أجل الحصول على ديبلوم وراتب شهري، لكن ليس له أي معرفة أو ثقافة تساعده على الانفتاح المعرفي والخلقي.

وأضاف المتحدث أنه بدون استعمال التكنولوجيا يبقى عدم الاحترام وعدم احترام الاخر منحصرا في حلقة العائلة والأصدقاء ولما يجد “الجاهل” أدوات التكنولوجيا فأعراض جهله تصيب عددا كبيرا من المجتمع، وبالتالي فالتكنولوجيا بين يدي الجاهل هي مصيبة.

وعرج في ختام تصريحه على مسألة غياب مفهوم التربية وانتشارها في كل الميادين، متسائلا “كيف لفرد عربي تربى على عدم الاحترام وتشبعه بالاحكام المسبقة والبحث عن نقائص الآخر أن يفهم ما هم مفهوم سر المهنة واحترام الآخر في أي ميدان كان (الطب مثلا)؟”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • DNIDEN MED
    منذ 6 سنوات

    عن اللممرضة القاصرة المتدربة. كيف يلج القاصرون للإدارات المهيكلة، منها المستشفيات، ويكون المواطن، كالمريض، تحت مسؤوليته ؟ تحت مسؤولية من لا مسؤلية عليه ؟