مجتمع

انتشار لعبة استحضار “الجن” بالمغرب.. محاولة المراهقين لإثبات ذواتهم

انتشرت في الآونة الأخيرة على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، فيديوهات لشباب مغاربة يحاولون استحضار “الجن” عبر استخدام لعبة “ويجا”، التي تعتمد حسب الخرافات المتداولة، على استحضار الأرواح الشريرة، فيما اعتبر محلل نفسي أن القيام بهذه التجربة هو محاولة من قبل المراهقين لإثابت ذواتهم.

 الفيديوهات التي لقيت إقبالا كبيرا من قبل رواد “الفايسبوك”، وعملوا على مشاركتها على نطاق واسع، تضم طقوسا غريبة خلفت ردود أفعال متباينة، حيث عبر نشطاء عن تخوفهم من أن تتحول اللعبة إلى ظاهرة جديدة من شأنها التأثير على فئة واسعة من المراهقين في ظل غياب المراقبة والبرامج المؤطرة لأوقات فراغهم.

أصول اللعبة

تعود أصول الى اللعبة، حسب بحث أجريناه على محرك “غوغل”، إلى الصين حيث كان الكهنة المتخصصون في أحد الديانات يقوم باستخدام نوع معين من الكتابة والذي يُسمى الكتابة التلقائية، يقوم الكاهن بتلاوة بعض الصلوات ثم يمسك بالعصا المخصصة ويطلق ليده العنان فلا يتدخل في حركتها، ثم تبدأ الارواح بالكتابة او الحركة او الاشارة الى بعض الاشياء ،

وتناقلت هذه الاعتقادات الى العهود الوسطى وظهر الوسطاء الروحانين الذين يدّعون أن الارواح والأشباح تحتل اجسادهم لتتحدث الى العالم من خلالها، حتى وصلت الفكرة الى الامريكي إليجا بوند وبدأ في بيع لعبة جديدة في عام 1890 و نشرها في المتاجر الأمريكية، هذه اللعبة تم تسميتها باسم Ouija وقد تم اختيار الاسم مشيراً الى كلمة ” نعم ” باللغة الفرنسية ” Oui ” و الالمانية “Ja”.

وتم تداول اللعبة بشكل كبير لبساطتها وسهولة الوصول إلى الأرواح من خلالها بسهولة دون استخدام التعقيدات التي كانوا يستخدمونها الكهنة قديمً، فاستخدام اللعبة يتطلب فقط أن يكون لديك القدرة على القراءة و فهم الحروف والأرقام.

طريقة استخدام اللعبة

تضم اللعبة بعض القواعد، منها لوحة “الويجا” وهي عبارة عن لوح مستطيل مصنوع من الخشب كما يمكن صناعته منزليّاً من الورق المقوى، واللوح الخشبي منقوش عليه في المنتصف الحروف الأبجدية والأرقام من 0 إلى 9 في شكل قوسين متقابلين، و في زوايا اللوح الأربعة تم كتابة بعض الكلمات وهى ” Yes , No , Ouija , Good bye ” ،

أما عن المؤشر فهو يُسمى بلانشيتو وهو عبارة عن شكل قلب أو قطرة ماء مصنوع أيضاً من الخشب ومثقوب من المنتصف ليتمكن اللاعبون من رؤية الحروف .
ويجتمع اللاعبون معا قد يكونوا اثنان او ثلاثة او اربعة و لكن لا يجب ان يزيدوا عن اربعة ، كما انه لا يفضل ان يلعب واحد بمفرده و يقوموا بتهيئة الجو الملائم للارواح ، و هى اضواء خافتة يفضل اضواء الشموع مع البخور و يكون المكان هادئ او بعيد عن اى ضوضاء ،

يتم اختيار احد اللاعبين و يُسمى عريف اللعبة و هو من يقوم بطرح الاسئلة التي تم تحضيرها مسبقاً ، يضعوا جميعاً اصابعهم برفق على البلانشيتو و يبدأ العريف بالسؤال ” هل توجد ارواح بيننا ؟ ” و ينتظروا جميعاً الاجابة ، قد تأتي في نفس اللحظة فيتحرك البلانشيتو ناحية كلمة ” نعم ”، و قد ينتظر قليلاً و قد لا يتحرك .

مبروكي: تجربة المراهق للعبة “الجن” تحدي لإعطاء معنى لوجوده

وفي هذا الإطار أكد الطبيب النفسي والخبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي جواد مبروكي، أن “المراهق يريد أن يتحقق مما يحكى عن الجن عبر التجربة، التي تكون في إطار تعزيز الاعتقاد، ثم التحدي إذ يريد تحدي الأشياء التي تخيفه في المجتمع ليعبر على أنه أصبح راشدا ولم يعد يخاف من خرفات الجن”.

وأضاف مبروكي في تصريح لجريدة “العمق”، أنه “في ثقافتنا الاعتقاد بالجن كان منذ الصغر، فالكل يعتقد بهذه القوة، وهنا البعض يستغل هذا الاعتقاد بالاحتياج للقوة الخارقة، فجميع الخرافات هي من صنع الإنسان، والإنسان يحتاج لهذا الاعتقاد الذي يُخوف وفي نفس القت يعطي نوعا من الاطمئنان”.

وأوضح المتحدث ذاته، أن ” اسم الجن ورد ذكره في القرآن الكريم ولكن ما تربطه الثقافة المغربية بالجن (وصف الجن وسلوكه وما يلحق بالإنسان من أضرار) لم يذكر في محكم الكتاب الكريم، وإنما هي إبداعات واختراعات أنتجها الجهل وتأويلات أصدرها من كان له منافع شخصية مغتنماً فرص تفشي الجهل والأمية بين عوام الناس، ومع اني لست من أهل الاختصاص في اللغة العربية لكن لاحظت أن كل كلمة مركبة من حرفي “ج” و”ن” فهي من الغيبيات ولا تدرك بالعين المجردة و لها اشتقاقات كثيرة مثل: “الجن” و”الجنين” و”الجنة” و “الجنون”. فأين هو الكلام الإلهي الذي يصف الجن وضرباته بما هو منتشر و مذكور عنه في الثقافة الشعبية التي عادة ما تُرجع سبب مرض أي شخص بمس الجن له ؟”.

وتابع مبروكي، شخصيا “أجد أن مُعظم أو جُل ما يحكى من حكايات عن الجن و تلبسها بالناس هو اختراع بشري مصدره ثقافة الجهل و لا أساس له من صحيح العلم أو الدين و بعيد كل البعد عن الحق والواقع وعند رجوعنا للنصوص القرآنية نجدها أنها لا تتحدث مطلقاً عن الجن او “جْنونْ” الموصوفين لدينا في ثقافتنا الشعبية بتلك الأوصاف الغريبة العجيبة التي نسمعها من اهل الدجل و الشعوذة”.

وأشار الطبيب النفسي والخبير في التحليل النفسي، إلى أن “الإنسان بصفة عامة في حاجة لأن يعتقد أن هناك قوة خارقة للعادة، فعالم الجن يدخل في عالم الغيب واللاهوت والملكوت، والمراهق يريد التحقق من هذا الاعتقاد لإعطاء معنى لوجوده، فأصبح يريد البحث بنفسه على هذا الوجود وهذه القوة الخارقة للعادة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *