مجتمع، منوعات

بسبب “براريك” الباعة.. أطر وتلاميذ ثانوية ببني ملال يوقفون الدراسة (صور)

تعيش ثانوية العامرية التأهيلية ببني ملال، على وقع احتجاجات متواصلة من طرف الأطر والأساتذة والتلاميذ وآبائهم، للضغط على السلطات المحلية من أجل التراجع عن قرار إقامة سوق للباعة الجائلين بمحيط المؤسسة، معتبرين أن إقامة “براريك” فوق رصيف المؤسسة وعلى طول إحدى أسوارها، يشكل “إهانة لحرمة المدرسة وتهديدا خطيرا للتلاميذ”، فيما قالت الجماعة الحضرية إنها اتخذت عدة إجراءات للحفاظ على جمالية المدينة وسلامة تلاميذ الثانوية، أبرزها تجنب المخدرات والمسكرات بمحيط المؤسسة.

ووصل مستوى الاحتجاج إلى درجة توقيف الدراسة لمدة ثلاثة أيام خلال الأسبوع المنصرم من طرف الأساتذة والتلاميذ، قبل أن يقرر المحتجون الخروج إلى الشارع عبر مسيرة تنديدية انطلاقا من المديرية الإقليمية للتعليم إلى مبنى الأكاديمية الجهوية، مرورا بولاية أمن بني ملال، الجمعة الماضية، وذلك بمشاركة آباء التلاميذ والنقابات التعليمية الأربع الأكثر تمثيلية، كما نظموا وقفة داخل المؤسسة، اليوم الإثنين.

الأطر التربوية والإدارية لثانوية العامرية، أعلنوا عن “رفضهم القاطع لحل مشاكل الباعة الجائلين على حساب حرمة ووظيفة المؤسسة، خاصة وأنها تعاني من ضوضاء وأوساخ ورشات الميكانيك والصباغة والحدادة المجاورة”، مهددين بـ”إقامة سلاسل بشرية من الموظفين والتلاميذ والآباء والسكان لحماية الثانوية والتصدي لهذا الإجراء الخطير الذي سيكون له ما بعده”.

واعتبروا في مراسلة إلى رئيس المجلس البلدي لبني ملال، اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منها، أن “أغلب الباعة الجائلين من ذوي السوابق في العنف واستهلاك وتداول المخدرات والتحرش الجنسي”، مؤكدين احتفاظهم بالحق في تقديم ملتمس إلى أعلى سلطة في البلاد في حالة فشل المساعي على الصعيد المحلي.

الآباء متخوفون

جمعية آباء وأولياء تلاميذ الثانوية، أوضحت أن إحداث سوق للباعة الجائلين بمحاذاة الثانوية سيكون له تأثير سلبي على العملية التربوية، مشيرة إلى أنها أبلغت المجلس الجماعي للمدينة، باعتراضاتها واحتجاجاتها عبر مراسلات وعرائض وتوقيف الدراسة ومسيرات داخل وخارج أسوار الثانوية، غير أن السلطات شرعت في الإجراءات العملية لتنفيذ المشروع.

وأضافت الجمعية في مراسلتها إلى والي الجهة، اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منها، أنها ليست ضد حق الفئات الاجتماعية التي ستستفيد من المشروع من أجل حياة كريمة، غير أن “المستوى التعليمي والثقافي لهذه الفئات وطبيعة النشاط الاقتصادي الذي سيزاولونه، سيؤثر لا محالة سلبا على سلوك التلاميذ ويعرضهم لجملة من المضايقات قد يكون لها بالغ الأثر على نمو شخصيتهم وتحصيلهم الدراسي”.

وفي هذا الصدد، قال رئيس جمعية آباء وأولياء تلاميذ الثانوية، أحمد قباد، إن “البراريك” التي تنشئها السلطات للباعة على طول سور المؤسسة، ستخلق لا محالة ظواهر خطيرة على التلاميذ كترويج المخدرات والتحرش بالتلميذات المراهقات وانتشار الأزبال في الشوارع المحيطة، لافتا إلى أن المذكرة الوزارية تنص على تأهيل المؤسسات وانفتاحها على محطيها وليس محاصرتها بـ”البراريك”، وفق تعبيره.

وأشار في اتصال لجريدة “العمق”، أن دخول أطر وتلاميذ المؤسسة في خطوات احتجاجية جاء بعد تجاهل السلطات الوصية لمراسلات المتضريين، محذرا من أن هذا المشروع سيشكل خطرا كبيرا على أزيد من 1400 تلميذ يدرسون بالثانوية التي تضم قسما داخليا، قائلا في هذا الإطار: “راسلنا رئيس الجماعة والباشا والقايد والوالي والمدير الإقليمي ومدير الأكاديمية، لكن دون أي تفاعل”.

النقابات التعليمية الأربع (CDT-UGTM-UNTM-FDT) دخلت بدورها على خط الملف، وأعلنت في بلاغ مشترك، اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منه، رفضها المطلق إقامة المشروع بمحيط الثانوية، مهددة بخوض كل الأشكال الاحتجاجية للتصدي لهذا الإجراء، مشيرة إلى أن الاحتجاج “سيستمر إلى حين فتح حوار جدي يفضي إلى التراجع عن المشروع المشؤوم الذي سيكون وبالا على المؤسسة”.

أستاذ بثانوية العامرية، قال إن استمرار تنزيل مشروع الباعة الجائلين بمحيط المؤسسة سيضر بالتلاميذ والعملية التعليمية برمتها، معتبرا أن أغلب الباعة المستفيدين من المحالات المقامة على سور المؤسسة غير مؤهلين اجتماعيا، وهو ما يخلف ظواهر الإدمان وترويج المخدرات والتحرش، متهما أطراف سياسية باستغلال الباعة الجائلين أثناء الحملة الانتخابية الأخيرة مقابل وعود بمنحهم “براريك” على طول سور المؤسسة، وهو ما تم تنزيله على أرض الواقع الآن.

وتابع قوله في تصريح لجريدة “العمق”، إن الأساتذة خرجوا رفقة التلاميذ وأوليائهم والنقابات الأربع في مسيرة احتجاجية حضارية نوعية بعد تجاهل السلطات لمطالبهم، كاشفا أن الأساتذة والأطر أوصلوا شكاياتهم إلى كل من وزيري الداخلية والتربية الوطنية عبر برلمانيين عن بني ملال، غير أن الوضع لا زال كما هو عليه، لافتا إلى أن هذا المشكل ينضاف إلى “غياب الأمن بمحيط المدرسة، واحتلال رصيف المؤسسة من طرف أصحاب المحلات التجارية المتواجدة أمام المدخل الرئيسي للثانوية، وهو ما يجعل الأساتذة والتلاميذ يسلكون وسط الطريق المخصصة للسيارات ويعرضون أنفسهم للخطر”.

الجماعة “تطمئن” المحتجين

بالمقابل، أوضح رئيس المجلس الجماعي لبني ملال ورئيس اللجنة المحلية للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أن قرار إقامة مشروع تنظيم تجارة القرب بشارع الرباط والمناطق المجاورة له من أجل تنظيم الباعة الجائلين وتحسين مستوى عيشهم، جاء بناءً على مذكرة وزير الداخلية رقم 24 والدورية الوزارية رقم 36، مشيرا إلى أن السلطات الوصية اتخذت عدة إجراءات للحفاظ على جمالية المدينة وسلامة ساكنة الأحياء المجاورة وتلاميذ ثانوية العامرية.

وأكد رئيس الجماعة في مراسلة له، اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منه، أن جميع الشركاء من سلطات محلية والجماعة الحضرية والولاية والجمعيات المؤطرة للباعة، ملتزمون بتجنب المخدرات والمسكرات والمساهمة الشهرية بالنسبة للحراسة والالتزام ببذلة موحدة تحمل بطاقة البائع المتجول، مع تجهيز الأماكن المخصص لتجارة القرب بصناديق القمامة، والسهر على السلامة الصحية، وسيولة الحركة، والحفاظ على جمالية الفضاء ومحيطه، وتعبئة الوارد البشرية والمادية اللازمة لتنظيم المستفيدين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *