مجتمع

الرجال المغاربة وعمليات التجميل .. هل أصبح الأمر ظاهرة؟

ربع ساعة أو أقل، أمام أحد أشهر عيادات التجميل بالرباط، كافية لتوضّح أن الإناث أو النساء لسن وحدهن من يقصدن هذا المكان بحثا عن “الجمال”، بل إن عيادة التجميل باتت قبلة الرجال أيضا.

في وقت مازال المجتمع المغربي بأكمله لم يستطع تقبل فكرة الخضوع لعمليات التجميل، ومجرد تصريح لفنانة بالخضوع إليها، يمكن أن يخلق زوبعة إعلامية تظهر ملامحها جليا في تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي والتي تدور رحاها غالبا في “اتهام الفنانة بتغيير خلق الله والكذب على معجبيها”، بدأ عدد من الرجال يقصدون عيادات التجميل، حيث كشف البروفيسور صلاح الدين السلاوي أن ربع زبائن عيادته من الرجال وهو رقم يفرض الحديث عن ما يمكنه أن يتحول إلى “ظاهرة” في السنوات القليلة القادمة.

المجتمع يفرض ذلك

خالد، شاب مغربي (32 سنة) ويسير مقاولة خاصة بالدار البيضاء، يقول إن سبب خضوعه لعملية تجميل “شد الوجه” كان بسبب التعليقات المتكررة التي كان يتلقاها منذ مراهقته بسبب التجاعيد التي ظهرت له في سن مبكر جدا: “التعليقات كانت تزعجني وتسبب لي ضررا نفسيا بالغا، لذلك وفور استطاعتي الخضوع للعملية، لم أتردد وقلت مع نفسي، التعليقات على عملية التجميل ستكون مؤقتة أم التعليقات على تجاعيد وجهي دامت لسنوات.”

ويؤكد خالد، الذي طلب عدم ذكر اسمه كاملا، رغم أنه تحدث عن عملية التجميل التي خضع لها أمامنا بكامل الثقة، أكد أنه تعرض لسيل من الانتقادات من طرف والدته وعدد من أصدقائه، فور إعلان قراره الخضوع لعملية التجميل.

قالت لي والدتي: “مالك انت امرأة.. الرجال كيفما كانو كيبقاو رجال”، أما صديقتي فسخرت من القرار “الى درتي العملية راك مابقيتيش راجل”، ولا أعلم ما الرابط بين الرجولة والبحث عن مظهر جميل سواء عبر أزياء باهضة أو عمليات التجميل، يوضح خالد في تصريح لجريدة العمق المغربي.

ربع الزبناء رجال .. منهم سياسيون وفنانون ورجال أعمال

كشف البروفيسور صلاح الدين السلاوي لجريدة “العمق” أن عدد الرجال الذين يقصدون عيادات عمليات التجميل في تزايد مستمر، مشيرا إلى أن ربع زبائنه رجال من بينهم سياسيون ورجال أعمال وفنانون.

أما عن أنواع عمليات التجميل التي يخضعون لها، فهي عملية زرع الشعر وعملية شفط الدهون وعملّية تصغير الثدي لإصلاح التشوه الخلقي الذي يعاني منه بعضهم، يؤكد السلاوي في تصريح خاص لجريدة “العمق”.

ويشير الطبيب المغربي أن الرجال الذين يقررون الخضوع لعمليات التجميل في المغرب، لهم حالة خاصة حيث يأتي للعيادة وحيدا ويقرر بسرعة ودون الاستشارة مع أحد، خلافا للمرأة التي تأتي مع صديقتها أو أحد أفراد عائلتها وقد تأخذ أياما وشهورا لتقرر بشكل نهائي إجراء العملية من عدمها.

وعزى المخرج تزايد عمليات التجميل عند الرجال، إلى التقدم الطبي، “قبل سنوات كان معدل الحياة في المغرب لا يزيد عن 57 سنة، أما اليوم فقد وصل إلى 75 سنة، مما يعني أن المغاربة سيعيشون أكثر وبالتالي سيحتاجون للعمل أكثر، أي سيحتاجون لمظهرهم وشكلهم أكثر، خاصة من له وضعية خاصة (يظهر على التلفزيون مثلا).

البحث عن الجمال حق مكفول للجميع

أكدت خلود السباعي (أستاذة في علم النفس الاجتماعي)، أن عمليات التجميل وبشكل عام لها فوائد نفسية عدة، خاصة بالنسبة للناس الذين يتطلب شكلهم الخضوع لها.

وتضيف السباعي في حديثها مع “العمق”، “إذا لم يكن الشخص مرتاحا مع “صورة جسده” فقد يؤثر ذلك على سلوكه وعلاقاته بذاته ومع الآخرين، وقد ينعكس ذلك على مستقبله أحيانا، فيكفي أن يتصور الإنسان أن أنفه ليس سويا، فيتجنب الحديث أمام الجماعة ويصبح منغلقا على ذاته ومنعزلا عن الآخرين، بل وقد يعوق ذلك توضيحه لإمكانياته وقدراته”.

وبخصوص تقبل عمليات التجميل من طرف المجتمع، تقول الأستاذة خلود السباعي إن “بعض أفراده مازالوا لا يملكون معلومات رئيسية حول الموضوع ومازالت بعض التصورات الخاطئة تسيطر على أذهانهم، مثلا أن عملية التجميل تغيير لخلق الله، فالله بالأساس يريد المصلحة لعباده فلماذا يتطور الطب إذا لم نستغله لإسعاد الإنسان؟”

وتستدرك الأستاذة الجامعية قائلة: “عمليات التجميل تصبح مشكلة في حال التمادي والمبالغة فيها، أو استعمالها لأغراض البيع والشراء أو التجارة في الجنس”.

ووجهت السباعي في تصريح للجريدة دعوة للمؤسسات التعليمية والإعلامية والمجتمعية لتكثيف الجهود بغية تغيير هذه التصورات، والتوضيح على أن البحث عن الجمال حق مكفول للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *