مجتمع

مركز حقوقي يحمل العثماني مسؤولية أحداث جرادة.. ويدعو للتحقيق في نهب المال العام

حمل المركز المغربي لحقوق الإنسان، رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، ومعه كافة الوزراء المعنيين بملف جرادة، “مسؤولية عواقب ما يجري من أحداث مؤلمة، إزاء قرار منع الاحتجاجات السلمية، وما استتبعه من تعنيف في حق المحتجين ومطاردتهم، في مقابل غموض بخصوص تجاوب الحكومة مع المطالب المشروعة للساكنة، وهو ما يتعارض والتزامات الدولة المغربية أمام المنتظم الدولي، بخصوص احترام الحق في التظاهر السلمي، وحرية الرأي والتعبير”.

واعتبر المركز في بلاغ لمكتبه الوطني حول أحداث جرادة، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن إقدام السلطات العمومية على اعتقال العديد من المشتبه بهم بالمشاركة في احتجاجات الأربعاء بجرادة، “ينذر بمزيد من الاحتقان، خاصة وأن شعورا ينتابنا بتنفيذ اعتقالات عشوائية في صفوف شباب المنطقة، مما قد يرقى إلى ممارسة الاعتقال التعسفي في حقهم”.

وطالب البلاغ بالتحقيق في مآل العديد من المشاريع التي سبق وأن تمت برمجة تنفيذها بمدينة جرادة، وترتيب الجزاءات اللازمة في حق كل من تبث تورطه في نهب أو تبديد المال العام، على غرار ما جرى بخصوص الاختلالات التي شابت مشاريع منارة المتوسط، داعيا إلى الإفراج عن كافة المعتقلين، الذين ثم اعتقالهم بصفة عشوائية، ما داموا لم يتورطوا في أفعال مجرمة قانونا، بقرائن موثقة ومحكمة.

ودعا المركز أيضا إلى “ضرورة العناية الطبية بشكل عاجل بالشاب الذي تعرض للدهس، حيث بلغ إلى علمنا أن أحد الأطباء أخبر والدة المصاب بكونه، في حالة بقاءه على قيد الحياة، قد يتعرض لعاهة مستديمة، ستمنعه من الحركة مدى الحياة.، مطالبا الفعاليات السياسية داخل الحكومة وكذا مسؤولي الجهة بـ”تحمل مسؤوليتهم إزاء ما يجري في مدينة جرادة، والعمل على تجاوز الخلافات السياسية بينهم، من أجل النهوض بالمنطقة تنمويا، خارج ميزان الربح والخسارة السياسي”.

وأوضحت الهيئة الحقوقية، أن المواجهات العنيفة، التي جرت بشوارع وأزقة مدينة جرادة يوم الأربعاء الماضي، إثر إقدام القوات العمومية، بمنع الاعتصام ومطاردة المحتجين، وسط الغابة المجاورة للمدينة، جاءت عبد قرار وزير الداخلية بمنع الاحتجاجات، حيث اعتبرت القرار “تعسفيا ويتنافى مع مقتضيات الدستور، لا سيما مضامين الفصلين 22 و 29 منه، حيث إنه يعتمد على منطوق الظهير الشريف رقم 1.58.377، الصادر في 15 نونبر من سنة 1958، والذي عدل مرتين، كان آخرها عام 2002، مما يتوجب تحيينه، حتى يتماشى مع روح الدستور الجديد”.

وأشارت إلى أن “حالة المطاردة والتراشق بين عناصر القوات العمومية ومجموعة من المحتجين، قد تسببت في إصابات لدى كلا الطرفين، كما أن حالات دهس حصلت، ونجم عنها إصابة أحد شبان المدينة بكسور عديدة في مختلف جسمه، حيث يرقد في الستشفى بوجدة في حالة خطيرة، دون ان يحضى بالعناية اللازمة، حسب تصريحات والدته للمركز المغربي لحقوق الإنسان، فيما تعرضت سيارات للإحراق المتعمد، وهو أمر خارج عن نطاق التظاهر السلمي، ونجهل مصدره بالتحديد”.

ولفت البلاغ إلى أن ما وصفه بـ”تخاذل الحكومة في تلبية المطالب المشروعة للساكنة، عبر إيجاد بديل اقتصادي، يصون كرامتهم، ويضمن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وكذا إمعان السلطات الإقليمية في تجاهل احتجاجات الساكنة، والاكتفاء بتنظيم لقاءات تواصلية، قد ساهم في فقدان الثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، وكان وراء تأجيج الوضع، والزيادة في التوتر والاحتقان”.

المركز الذي عبر عن تضامنه مع ساكنة جرادة “ومع كافة المصابين بدون استثناء إزاء التدخل الأمني العنيف”، اعتبر أن اعتماد المقاربة الأمنية في التعاطي مع انشغالات الساكنة ومواجهة احتجاجاتهم بالمنع والتعنيف والاعتقال، “سياسة غير مجدية تحقق مكاسب آنية، لكن من شأنها تعقيد الوضع، وتبديد جهود الحوار، وتقويض الحلول الديمقراطية”.

وتابع البلاغ ذاته، أن “إن إقدام بعض المسؤولين الوزاريين بعقد لقاءات تواصلية غير ملزمة، وبيافطة وألوان أحزابهم السياسية، قد ساهم في إذكاء آفة التجاذبات السياسية، وأعطت الانطباع بمحاولة البعض استغلال الأزمة التي تتخبط فيها ساكنة المدينة لغايات انتخابية وسياسية غير بريئة”، مشددا على أن “هيبة الدولة من كرامة المواطنين، ولا تتحق إحداهما إلا بتحقق الأخرى”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *