مجتمع

وزارة الرباح في “قفص الاتهام” بسبب مقالع ضواحي العاصمة الرباط

كشفت عريضة وجهها عدد من سكان دوار الخوارين بجماعة الزحيليكة بإقليم الخميسات بجهة الرباط، عن “خروقات” في استغلال مقلع بالمنطقة المذكورة، في الوقت الذي ترفض فيه وزارة الطاقة والمعادن عبر مديريتها الجهوية بالرباط منح ترخيص استغلال لشخص آخر من أجل فتح مقلع في المنطقة ذاتها سيمكن خزينة الدولة من مداخيل مالية هامة، بالإضافة إلى تشغيل يد عاملة محلية مهمة.

وفي التفاصيل، فإن سكان دوار الخوارين بجماعة الزحيليكة رفعوا تعرضا إلى قائد الجماعة القروية يطلبون منه العمل على وقف استغلال مقلع من طرف شخص يدعى “م.ح”، متهمين الأخير بأنه يمارس التضليل على الدولة ويقوم باستغلال المقلع المذكور دون وجود تراخيص قانونية، مشيرين أنه يستغل المقلع بموجب رخصة بحث عن المعادن انتهت صلاحيتها بداية العام 2016، غير أنه يستخرج موادا طينية تدخل في إطار المقالع وليس المناجم.

واعتبر هؤلاء في تعرضهم أن اصرار مستغل المقلع على العمل بدون رخصة يفوّت على الدولة ملايين السنتيمات سنويا، حيث أشار مصدر في هذا السياق، إلى أن صاحب المقلع يدفع للدولة زهاء 35 ألف درهم سنويا فقط، لأنه تقدم بطلب الحصول على رخصة البحث عن المعادن، فيما يقوم فعليا باستخراج مواد طينية تدخل في صناعة الرخام، حيث يقوم ببيع تلك المواد إلى معمل مختص في مدينة القنيطرة.

وأكد المصدر أن إصرار مستغل المقلع على عدم التقدم بطلب الحصول على رخصة استغلال المكان كمقلع، الهدف منه هو عدم دفع تعويض مادي لفائدة خزينة الدولة قدره حوالي 400 ألف درهم، رغم أنه يجني حاليا مبالغ مالية شهرية خيالية جراء استغلاله المكان كملقع لاستخراج المواد الطينية دون توفره على رخصة من طرف الوزارة الوصية وولاية الرباط.

وأوضح المصدر ذاته، أن وضعية المقلع كانت موضوع مراسلة من طرف القيادي الاستقلالي بوعمر تغوان رئيس جماعة الزحيليكة إلى وزير الطاقة والمعادن عزيز رباح، حيث بسط تغوان من خلال مراسلته تفاصيل استغلال المقلع من طرف “م.ح”، إذ أكد رئيس جماعة الزحيليكة أن شركة “سوميفام” التي يملكها “م.ح” كانت تستغل المقلع المذكور بموجب ترخيص مشترك بين ولاية الرباط ووزارة الطاقة حصلت سنة 2009 وهو الترخيص الذي انتهت صلاحيته 2012.

وأضاف تغوان ضمن مراسلته أنه تم تجديد الترخيص مرة أخرى إلى غاية 2016، حيث كانت الشركة طيلة تلك الفترة تؤدي رسوما لفائدة الجماعة على استخراج مواد المقالع التي تستعمل في البناء، إلا أنه منذ انتهاء صلاحية الترخيص استمرت الشركة في استغلال المقلع بدون ترخيص وبدوء أداء رسوم لفائدة الجماعة، رغم أن الأخيرة راسلت الشركة وطلبت منها تسوية وضعيتها والإدلاء بالترخيص الذي يسمح لها بالاستغلال، غير أنها رفضت فعل ذلك لحد الساعة.

وطلب تغوان من وزير الطاقة والمعادن إعطاء تعليماته للمصالح المختصة من أجل التأكد من أصل العينات المأخوذة لغرض التحاليل المخبرية والتي تتوفر عليها الشركة المعنية، هل فعلا مستخرجة من عين المكان (مقلع الخوارين بالزحيليكة) أو من موقع آخر، معربا عن يقينه بأن المواد المستخرجة من مقلع الخوارين ليست موادا معدنية كما تدعي الشركة، بل تُستخدم في صنع مواد البناء كالياجور والزليج، داعيا إلى الوزير إلى وقف استغلال ذلك المقلع.

ووفق مصدر جريدة “العمق”، فإن وزارة الطاقة والمعادن لم تتفاعل مع مراسلة رئيس جماعة الزحيليكة المؤرخة بتاريخ 27 أبريل 2017، مؤكدا استمرار صاحب شركة “سوميفام” في استغلال المقلع دون رخصة، مبرزا أن صاحب الشركة لم يكتف بذلك بل أقدم على غلق طريق عمومية بمحاذاة المقلع كان السكان المحليون يمرون منها، حيث أصبح المرور عبر تلك الطريق يخضع لسلطة صاحب الشركة بشكل يخالف القانون.

وفي سياق آخر، اعترضت وزارة الطاقة والمعادن عبر مديريتها الجهوية بجهة الرباط على منح ترخيص لشخص آخر في نفس المنطقة يدعى “بدر ب.” من أجل استغلال أرضه كمقلع لاستخراج المواد الطينية التي تدخل في أعمال البناء وصناعة الزليج والرخام، معللة قرارها بأن المكان يحتوي موادا معدنية، في حين أثبت صاحب الطلب أن المكان لا يتوفر على مواد معدنية، حيث قدم 3 تحاليل مخبرية من طرف مختبرات أحدها تابع لوزارة الطاقة والمعادن وآخر تابع للدولة وثالث خاص، تؤكد أن المكان يتوفر فقط على مواد طينية التي يُخرجها القانون رقم 33.13 المتعلق بالمناجم من دائرة المواد المعدنية، وهو الأمر الموضح في الفقرة الأخيرة من المادة 2 من القانون المُشار إليه.

كما اتهمت المديرية الجهوية لوزارة الطاقة والمعادن بجهة الرباط، صاحب الطلب بأنه يستغل المقلع موضوع طلب الرخصة بشكل غير قانوني بواسطة شركته “MATERIAUX BA”، وهو الأمر الذي ينفيه صاحب الطلب وتنفيه أيضا السلطة المحلية، التي أكدت في محضر لها أن الأرض موضوع الطلب للاستغلال كمقلع لا يوجد فوقها أي نشاط، حيث تساءل صاحب الطلب كيف تدعي المديرية الجهوية وجود نشاط فوق الأرض موضوع الطلب في حين أن معاينة المكان يكشف عدم وجود أي نشاط، مستغربا من تصرف المديرية وتغاضيها عن خروقات صاحب المقلع المجاور له (م.ح) ووقوفها في طريقه هو.

الوزارة ترد

وفي تفاعلها مع أسئلة جريدة “العمق” بشأن هذا الموضوع، أوضحت المديرية الجهوية لوزارة الطاقة والمعادن بجهة الرباط، أن صاحب الطلب “ب.ب” لم يتقدم قط بطلب للمديرية الجهوية لقطاع الطاقة والمعادن بالرباط من أجل الحصول على رخصة استغلال مقلع، لأن المديرية ليس من اختصاصها منح تراخيص استغلال المقالع.

وأشارت، أن المديرية بصفتها عضو دائم في اللجنة الجهوية لدراسة التأثير على البيئة، توصلت من طرف المركز الجهوي للاستثمار لجهة الرباط سلا القنيطرة بتقرير دراسة التأثير على البيئة لشركة MATERIAUX BA لدراسته وإبداء الرأي فيه وذلك طبقا للقوانين المعمول بها في مجال البيئة، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى، تضيف المديرية، أنه اعتمادا على التحاليل المختبرية التي تتوفر عليها هذه المديرية والمنجزة من طرف مختبرات ONHYM وLPEE وكذا التقرير الجيولوجي، فإن المادة المتواجدة في هذا المكمن هي مادة معدنية تدخل في الصناعة وتحتوي على معدن الميكا (Muscovite)، مشيرة أنه بالنسبة للفحوصات المختبرية المقدمة من طرف الشركة المشتكية فإنها مجهولة المصدر، حيث هي في اسم شركة MTF وليس شركة MATERIAUX BA.

وفي سؤال للجريدة حول التعرض الذي تقدمت به المديرية على منح “بدر ب.” رخصة استغلال المقلع المذكور، أوضحت المديرية أنه طبقا لدورية وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة بخصوص الأنشطة المعدنية السرية، حيث وجب إبلاغ السلطات المحلية المعنية بها قصد القيام بالواجب، فقد قامت المديرية الجهوية للطاقة والمعادن بالرباط بمراسلة عامل إقليم الخميسات قصد اتخاذ الإجراءات المناسبة بعد توصلها بإرسالية الشركة المعدنية صاحبة السند المنجمي تشتكي وجود أنشطة غير شرعية تقوم بها شركة MATERIAUX BA داخل محيط سندها المنجمي.

وبما أن شركة MATERIAUX BA، تُضيف المديرية، لا تتوفر لا على سند منجمي ولا على تصريح بفتح واستغلال مقلع فإن العملية التي قامت بها هذه الشركة للحصول على عينات داخل محيط السند المنجمي لشركة SOMIVAM، تعتبر نشاطا سريا بدون سند منجمي يعاقب عليها طبقا للمادة 104 من القانون 13-33 المتعلق بالمناجم والتي تنص على أنه يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة من 50000 إلى 500000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من يقوم باستكشاف المواد المنجمية أو البحث عنها أو استغلالها بدون سند منجمي. إذا كان مرتكب المخالفة شخصا اعتباريا، فإنه يعاقب بغرامة من 100000 إلى مليون درهم. وترفع العقوبة إلى الضعف في حالة العود…. الخ.

وردا على سؤال تقدمت به الجريدة جاء فيه أن صاحب الطلب “بدر ب.” يتهم المديرية رفقة عدد من سكان المنطقة بترك صاحب شركة SOMIVAM باستغلال أرضه في استخراج مواد طينية تدخل في مجال المقالع، فيما هو يدعي أنه يمارس نشاطا يتعلق بالبحث عن المواد المعدنية التي تدخل في مجال المناجم، رغم كون وجود وثائق تؤكد أنه يستخرج المواد الطينية ويبيعها لشركة معروفة في صناعة الرخام بالقنيطرة، ورغم كل ذلك فإن مصالح المديرية لم تتدخل من أجل منع صاحب شركة SOMIVAM من مواصلة عمله، وهو الأمر الذي يُفوت مبالغ مالية ضخمة على خزينة الدولة، وكذا عدم التدخل لإجبار صاحب الشركة على تسوية وضعيته القانونية، أجابت المديرية بأن “الرخصة المعدنية التي بحوزة شركة SOMIVAM هي رخصة بحث عن المعادن طبقا لنتائج مختبرات ONHYM وLPEE وكذا التقرير الجيولوجي كما تم ذكره أعلاه”.

وأوضحت أن تلك الرخصة المعدنية تم منحها للمعني منذ سنة 2009 لمدة ثالث سنوات وتم تجديدها لمدة أربع سنوات، حيث حصلت الشركة خلال هذه الفترة على حق مؤقت لاستغلال الذي ينص على أن هذا الحق يبقى ساري المفعول إلى أن تبث الإدارة المعنية في تحويله إلى رخصة استغلال، مشيرة أن الشركة تقدمت بطلب تحويل إلى رخصة استغلال وهو الآن في طور الدراسة إلى حين التوصل بالموافقة البيئية.

وأشارت أنه “بناء على ما جاء به مكتب الدراسات في تقريره حول دراسة التأثير على البيئة الذي تقدمت به شركة MATERIAUX BA قصد الحصول على تصريح بفتح واستغلال مقلع، تبين لهذه المديرية بعد دراسة هذا التقرير، بأن المواد المراد استغلالها هي مواد سيتم استعمالها لأغراض صناعية لإنتاج الزليج. وبالتالي وطبقا لأحكام المادة 2 من القانون 13-33 المتعلق بالمناجم فإن الصخور والمعادن الصناعية تعتبر منجما وليس مقلعا”.

وأضافت أن “المفاجئة هي ما جاء في سؤالكم بأن الطلب المقدم إلى هذه المديرية جاء من أجل الحصول على رخصة استغلال مقلع خاص باستخراج المواد الطينية لأجل البناء وصناعة الخزف والرخام، بيد أن ما تم تأكيده، خلال العرض الذي قدمه مكتب الدراسات بالمركز الجهوي للاستثمار لجهة الرباط سلا القنيطرة، أن مجال استعمال هذه المادة هو الصناعة، حيث سيتم إرسالها إلى مصانع الزليج التابعة لشركة بالقنيطرة”، معتبرة أن “هذا إن دل على شيء، فإنما يدل ويؤكد أن هذه المادة المستخرجة، طبقا للمادة الثانية من القانون 13-33 المتعلق بالمناجم، لا تدخل في الهندسة المدنية أو في البناء، بل هي مادة تدخل في الصناعة، وبالتالي فإنها تعتبر منجما ولا علاقة لها بالمقالع”.

وأكدت أنه “بالنسبة للواجبات المالية الواجب أداؤها قصد استغلال المواد المعدنية فإنها تؤدى إلى خزينة الدولة لدى القابض الجهوي لجهة الرباط سلا القنيطرة وذلك طبقا لمقتضيات الظهير الشريف رقم 01.07.195 بتاريخ 30 نونبر 2007 بتنفيذ القانون 06-47 المتعلق بالنظام الضريبي للجماعات المحلية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *