منتدى العمق

رواية رحلة اليتم (عبق الأنثى واستعادة الجسد )+ قراءة عابرة للعتبات

لمحة عن مضمون الرواية
الرواية تستعير موضوعها المحوري من فتاة تنكرت في ثياب ومظهر ذكر مما جعلها مثيرة من بدايتها حتى النهاية رواية من حيث حبكتها ومن حيث التقاطع والتنافر بين شخصياتها ومن حيث عمل الكاتب على تطوير الاحداث الصادرة عنها …وهي مفعمة بأحداث لها طابع محلي وإنساني دافعها البحث عن التوازن والحرية والانعتاق في زمن ومكان لهما حيثيات وظروف خاصة.

قراءة عابرة للعتبات
أهمية العنوان للعمل الأدبي
إن غلاف الرواية أو غلاف أي عمل أدبي سرديا كان أو شعريا يحتم تقديمه وفق شكل جمالي لعلاقته بالإقبال على العمل الإبداعي ، الذي لم ينجز ولم يطبع سوى لتقديمه للقراء مشاركة له في مضامينه والتواصل بصدد ما يطرحه من قضايا شكلية و مضمونية ، فله أهمية على المتن الكلي للعمل الذي يؤطره.

وهنا نقدم بعض الإشارات إلى أهمية العنوان ومدى قوته في الدفع بالقارئ للإقبال على قراءة المؤلفات ، باعتبار العنوان عتبة أولى علاوة على مؤثثات الغلاف الأمامي والخلفي للكتاب.

العنوان في المعاجم يعني ما يدلك ظاهره على باطنه وعنوان الرسالة ما يكتب على غلافها من اسم المرسل إليه ومحل إقامته ، وهو ما يستدل به على غيره ، وعنوان الكتاب اسمه وسمته.

ولا شك أن العنوان له أهميته في الأعمال الأدبية و الدرامية بتنوعها ، فلا قصيدة ولا رواية ولا فيلم ولا مسرحية بلا عنوان ، فأين تتجلى أهميته للعمل الإبداعي ؟ وكيف نستقبل إبداعات بلا عناوين ؟ وهل يمكن التمييز بين الإبداعات بلا استناد إلى عناوين تفصل بينها ؟ و من فوائد العنوان للأعمال الإبداعية :

ـ كونه علامة تمييزية لعمل أدبي عن غيره.
ـ كونه بمثابة البوابة المشرعة للتواصل مع التركيبة الإبداعية ، يواجهك في الكتاب والجريدة والمجلة والفيلم ،وغيرها ، وكأنه يأخذ بيدك للتجول في رحاب هذا العمل الإبداعي أو ذاك …
ـ كونه نصا موازيا وبوابة أساسية للانخراط في عوالم العمل الأدبي سرديا كان أو شعريا.

ـ كونه يجذب المستهلك كي يقبل على المنتج الإبداعي برغبة وبفضول الباحث عن حقيقة فحوى هذا العنوان ، وبذلك يصير مصيدة أحيانا خاصة حين يكون لماعا دافعا بنا للغوص في إبداعات دون مستوى وقدر دلالته ، فيبقى إشهاريا كاذبا فحسب.
ـ كونه في الغالب عنصرا ملخصا لمعطيات المنتج الإبداعي ، فهو معين على التلقي ، ومعين على سبر أغوار التركيب الإبداعي .

ـ كونه عنصرا ملفتا إلى جوهر العمل الإبداعي ومحوره الأساسي ، وفي ذات الوقت يدعو إلى الرؤية والتمحيص لمحتوى ما وضع له نصا ـأو لوحة أو فيلما أو قصيدة إلخ..
ـ يدفعك للانخراط في صراع مع معطيات وأفكار العمل الإبداعي.
وما ذكرناه بصدد أهمية العنوان قليل من كثير ، فالاعتماد على العناوين صار وسيلة دعائية لا في المجال الإبداعي فحَسْبُ بل في المجال الاقتصادي والسياسي وغيرهما ايضا.

عنوان الرواية
وعودة إلى عنوان الرواية التي نحن بصدد تقديم قراءة عابرة لعتباتها الخارجية نقدم ملاحظاتنا الآتية :
جاء عنوان الرواية مؤلفا من كلمتين مشكلتين مركبا إضافيا هما رحلة مضافة إلى اليتم( رحلة اليتم). وتحت العنوان عنوان قد يكون تفسيرا ما فوقه وأعتقد بعدم إمكانية معرفة ذلك ما لم تقرأ الرواية كاملة. ورغم ذلك يمكن التوصل إل بعض من فحوى هذا العنوان انطلاقا من الكلمات المؤلفة له فالعبق به فعل الارتحال والانتقال باعتباره يعني الانتشار والحركة ، والاستعادة تقتضي أفعالا قصد تحقيقها.

ويحتمل العنوان الأول (رحلة اليتم):
ـ أن يرحل اليتم باعتباره كائنا باستطاعته ممارسة حركة الارتحال (وهذا غير وارد).
ـ أن يكون اليتم سببا للارتحال نحو المجهول بحثا عن الانعتاق من ربقة منغصات معينة.
ـ أن يكون اليتم هو وقود البطلة أو البطل المخرط في إدارة الأحداث الرئيسية في الرواية.

فرحلة اليتم هي رحلة دافعها التخلي والطرد والإبعاد والرفض …رحلة ينتظر القارئ ما ستؤول إليه.
أما عبق الأنثى2 فيشير من بين ما يشير إليه إلى :
ـ كون الأحداث ستنصب على الأنثى كشخصية مستحوذة على جل أحداث الرواية.
ـ كون الأنثى المنتظر الحديث عنها لها التأثير الواسع على محيطها.

ـ كون الأنثى المنتظر تفعيلها للأحداث لها أكثر من رسالة تريد إبلاغها إلى كل الناس.
ـ كون الأنثى محاطة باهتمام قد يكون وراءه أمور إيجابية أو العكس.

أما استعادة الجسد3 فيحمل كثيرا من الإشارات منها :
ـ السلب ورد الفعل إزاءه(باستعادة المسلوب أو معاقبة السالب).
ـ الشجاعة أو الاحتيال والخداع المتبادل من أجل استعادة المسلوب.
ـ الانتصار بعد الهزيمة والاستسلام.

ـ شجاعة الانتقام والافتخار بنيل المطلوب.
ـ الكد والجد والعمل الدؤوب حتى استعادة الكرامة.

أما استعادة الجسد فيوحي بكثيرمن الإشارات منها :
ـ السلب ورد الفعل إزاءه.
ـ الشجاعة أو الاحتيال والخداع المتبادل من أجل استعادة المسلوب.
ـ الانتصار بعد الهزيمة والاستسلام.

ـ شجاعة الانتقام والافتخار بنيل المطلوب.
ـ الكد والجد والعمل الدؤوب حتى استعادة الكرامة.

العنوان إذن تكتنفه الحركة والتنقل والبحث عن مرْجُوٍّ أو مفقودٍ قد تحمله الرواية.
وانطلاقا من هذه الحيثيات جاء العنوان بخط أحمر بارز تحته سطر بنفس اللون بعد اسم الكاتب “محمد لرشيد الناصري.وتحت العنوان وبلون بني مغلق كتب عنوان فرعي هو ” عبق الأنثى واستعادة الجسد.
وتحته لوحة تمثل بورتريها لامرأة بصدد نزع القناع عن وجهها. وهي من إنجاز التشكيلي يوسف الوركي.

تحت الصورة وفي الزاوية اليسرى للوحة كتبت كلمة “رواية” تحديدا لنوع النص .
غلاف بخلفية بيضاء ناصعة يتناسب مع نهاية الرواية حيث الانفراج وفرحة الانتصار لكنه في اعتقادنا لا يناسب شحنة العنوان ولهب الأحداث المفضية إلى الحل.
ولا يمكن الوقوف عند توصيف العنوان وما يحيط به دون الإشارة إلى عناصر العتبات الداخلية ، وتتمثل في :

ـ معطيات العنوان المثبتة على الغلاف الأول للرواية معادةً في الصفحة الأولى من الرواية ، لكن بغير نفس التراتبية حيث نجد[ محمد الرشيدي] … ثم [ رحلة اليتم] ، وتحته (عبق الأنثى واستعادة الجسد) .. ثم [ رواية]. بينما في الصفحة الأولى بعد العنوان نجد (رواية…رحلة اليتم) وتحته (عبق الأنثى واستعادة الجسد ) ـ ثم اسم المؤلف : محمد الرشيد الناصري. وكان من المحبذ أن ترد معطيات الغلاف المتصدر للرواية في تلك الصفحة بنفس التراتبية.

ـ معطيات توثيقية عنوان الكتاب ومؤلفه والإيداع القانوني ورقم الطبعة والمطبعة.
ـ الإهداء ، وقد جاء المهدى إليهم غير مرتبين بشكل تصنيفي يميز بين الخاص والعام(إلى أمي .. وكل الأمهات ـ إلى كل يتيم ..عاش آلام اليتم ـ إلى كل من ساند اليتامى ـ إلى روح خالي سي موح إبراهيم ـ إى روح عمتي زينب.)

وكان من الأفضل حصر أفراد عائلته عن اليتامى ومن ساندهم.
ـ في الصفحة الرابعة نجد ” توطئة ” وفيها إشارة الكاتب إلى عسر إنجاز العمل وإلى فضل من ساعده وشجعه على ذلك مع التنبيه إلى كون شخصيات وأحداث الرواية من نسج خيال وإبداع الكاتب وليس لها علاقة بالواقع. ونعتقد أن مصطلح “توطئة” غير مناسب لما ورد تحته ، وكان من الممكن كتابة “إشارة” بدله.

ـ في الصفحة الموالية للرابعة نجد اقتباسان ، الأول “إن جسدا قد يخفي جسدا آخر ” لأحلام مستغانمي ، والثاني “ما اقسى أن نحول أجسادنا إلى وسيلة مبررة ” لفضيلة الفاروق.
وهما اقتباسان مناسبان مشوقان للانخراط في قراءة المجريات والأحداث الواردة في الرواية. خاصة وأن الرواية برمتها تتحدث عن فتاة أخفت جسدها الأنثوي في جسد ذكوري تجاوزا لمحنها وتحديا للمنغصات قصد الامتداد بحياتها نحو اعتراف الآخر بشخصها وقيمتها.

ـ في الصفحة الأخيرة هوامش لها علاقة بأسماء إناث وذكور وأماكن ، وكلمات امازيغية تحتاج إلى شروح.
وكان من الممكن تذييل معطيات كل صفحة بشرح ما يراه المؤلف يحتاج إلى شروح.
هذه المعطيات كلها عناصر تشويق لقراءة الرواية رغم كونها من ناحية أخرى تحتاج إلى رؤية فنية وإبداعية تجعلها أكثر نجاعة لما وضعت له.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش:
+رحلة اليتم …عبق الأنثى واستعادة الجسد ، تأليف محمد الرشيد الناصري ، الطبعة الأولى 2017 مطبعة أسامر .
1ـ انظر مقالي المنشور بجريدة القدس العربي تحت عنوان ” هل اللوحة التشكيلية تحتاج إلى عنوان؟ّ”
2ـ في المعجم: مَكَانٌ عَبِقٌ : تَفُوحُ مِنْهُ رَائِحَةُ الطِّيبِعبِقَ بـ يَعبَق ، عَبَقًا وعَبَاقةً ، فهو عابق وعَبِق ، والمفعول معبوقٌ، به عبِق المكانُ بالطِّيب : انتشرت رائحةُ الطِّيب فيه.
3 ـ في المعاجم: الجسد : جسم الإِنسان ولا يقال لغيره من الأَجسام المغتذية ، ولا يقال لغير الإِنسان جسد من خلق الأَرض .
والجَسَد : البدن ، تقول منه : تَجَسَّد ، كما تقول من الجسم : تجسَّم .
ابن سيده : وقد يقال للملائكة والجنّ جسد ؛ غيره : وكل خلق لا يأْكل ولا يشرب من نحو الملائكة والجنّ مما يعقل ، فهو جسد .
وكان عجل بني إِسرائيل جسداً يصيح لا يأْكل ولا يشرب وكذا طبيعة الجنّ ؛ قال عز وجل : فأَخرج لهم عجلاً جسداً له خوار ؛ جسداًبدل من عجل لأَن ال عجل هنا هو الجسد .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *