رمضانيات

خالد لشهب يبوح بتجربته .. “من الوهابية إلى الإسلام” (الحلقة الأولى)

ضمن هذا الشهر الكريم، نعرض عليكم متابعي جريدة “العمق” سلسلة جديدة مع الكاتب خالد لشهب. يروي فيها تجربته من “اعتناق” مذهب بن عبد الوهاب إلى مخاض الخروج إلى رحابة الإسلام، بما يبشر به من قيم الجمال والتسامح والرحمة …

السلسلة هي في الأصل مشروع كتاب عنونه مؤلفه بـ «من الوهابية إلى الإسلام»، حيث يُحاول من خلال عرض تجربته بأسلوب يزاوج بين السرد والاسترجاع والنقد.

جريدة “العمق” ستعرض طيلة هذا الشهر الفضيل، الكتاب في حلقات، يحاول من خلالها الكاتب نثر الإشارات التي قد تكون دافعا ووازعا لكثير من الشباب للخروج من ظلمة الوهابية إلى رحابة الإسلام عملا وظنا.

الحلقة 1

مقدمة الكاتب:

قبل أن أستقر على هذا العنوان الذي ارتضيته لهذه السلسلة، كنت قد مررت بكثير أخذ ورد؛ خشية أن يلتبس على الكثيرين هذا الانتقال من مذهب إلى مذهب وكأنه انتقال من دين إلى دين. فيقول قائل إنك أتيت ما تنهى عنه بزعمك هذا الزعم، فأخرجت الوهابية من مسمى الإسلام؛ وقد علمت أن الوهابية في عموم اعتقادها تبقى مذهبا لا يخرج عن مسمى مذهب أهل السنة والجماعة، أو على الأقل لا يخرج عن مسمى الإسلام الذي أراده الله عز وجل أن يكون فسيحا واسعا، لا يضيق بنظر ناظر ولا بظن ظان ولا بادعاء مدع.

فأقول وبالله التوفيق: إن إصراري على الإبقاء على هذا العنوان على لبسه، هو محاولة مني لإثارة انتباه القارئ إلى خطورة هذا المذهب، الذي انتهى فهمه عند غالبية المسلمين أنه المذهب الحق الذي وكل إلى الحديث باسم الإسلام والمسلمين، فتشرئب إليه أعناق الشباب وعقولهم فهما ورجاء. فيكون هذا العنوان على الأقل دافعا ووازعا للباحث الجاد الذي يهمه الحق أينما استقر، في قولي أو في ما هو عليه من الظنون؛ فيعيد النظر تثبيتا أو تصحيحا أو نفيا إلى هذا المذهب الذي كان وما يزال وبالا على الإسلام والمسلمين ماضيا قريبا وحاضرا يستمر.هذا المذهب الذي ينسب إليه كل غم وعجز وكسل وفشل وآفة وفتن، تفتك بالأفراد باطنا وبالأمة ظاهرا.

فتكون الحاجة هنا هي في النهاية محاولة صادقة لتبرئة الإسلام مما ينسب إليه من مذهب ابن عبد الوهاب ومن استن بسنته من بعده. هذا المذهب الذي حور طريق الإسلام الذي يوصف بالرحمة والرأفة والأخلاق، كما دلت على ذلك نصوص القرآن وما صح من الخبر وتواتر من سيرة النبي العدنان، حتى أصبح الإسلام بأتباع هؤلاء وأولئك علامة على الإفلاس المادي والروحي وشماتة بين الأمم؛ تتلاعب بأتباعه بما يخدم مصالحها في تفكيك وتشتيت عرى الإسلام والمسلمين.

فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم بما صح عنه من الخبر، ينفي النسبة للإسلام عن من يقوم ببعض من الأعمال البغيضة التي تهدم مجتمع المسلمين، فكيف يصح أن ينسب إلى دائرته فخرا وسهلا من على هذا المذهب، بل ويقوم ناطقا باسمه وصيا عليه، بل ويصدقه جماعة من المسلمين ومن الشانئين في ذلك، جهلا أو حقدا منهم تعالى الإسلام عن ما يصفون علوا كبيرا.

فأنت إذا سألت مسلما غيورا على دينه وأمته اليوم، هل الدواعش ومن استن بسنتهم مسلمون؟ فإنه على حسن سريرته وما تعلمه وجرى على لسانه مجرى الحقيقة هي أنهم مسلمون ضلوا سواء السبيل، ماداموا يشهدون بالوحدانية لله ولنبيه بالرسالة ويؤدون ظاهر العبادات. وهذا خطأ في ظني؛ ذلك أنهم ماداموا يسيئون للإسلام بأعمالهم فالحقيق هو درء نسبتهم للإسلام وليس بالضرورة تكفيره بمعنى الكفر الذي يفهمه العامة اليوم الذي يعني أن تستحل معه أموالهم وتسبى نساؤهم وتغتنم ممتلكاتهم كما فعل ابن عبد الوهاب يوم كان يغزو المسلمين ويقتل دراريهم ويقطع أشجارهم ويسبي نساءهم… وإنما المطلوب نفي نسبة أعمالهم من الإسلام بالاعتراف بأنهم ليسوا من الإسلام بأعمالهم. فليست الحاجة رميهم بالكفر كما قلنا ولكن الحاجة نفي تمام إسلامهم بإخراج سبيلهم عن سبيل ومقاصد الدين رحمة للعالمين، وهذا لا حرج فيه.

وهذا وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ما صح عنه من الأخبار إذ ينفي النسبة للإسلام على من غش، أو حمل السلاح على المسلمين. فكيف يسمي نفسه مسلما كامل الإسلام من أساء بعمله للإسلام.

فحاجتي في هذه السلسلة التي هي في أصلها مشروع كتاب سيصدر في حينه، هي أن أطلع القارئ على تجربتي في الخروج من هذه الظلمة التي غمت على قلبي لسنوات. فأسرد تجربتي كما عشتها واقعا وكما يعيشها اليوم أو يطمح لها غالبية المسلمين، فلعل بعضا من الإشارات هنا تكون دافعا ووازعا لكثير من الشباب للخروج من ظلمة الوهابية إلى رحابة الإسلام عملا وظنا.

فكان منهجي هنا قد غلب عليه السرد والوصف والتعليق مع النقد؛ فلم أشأ أن أجعل كلامي مباشرا خشية أن أحول هذه السلسة التي هي استرجاع واستذكار بالأساس، لم أشأ أن أحولها إلى مادة أكاديمية جافة، فاكتفيت بالإشارة والايماءة مع ذكر المصدر حينا والاستعفاف عن ذكره حينا إذا كان الأمر معلوما ضرورة لا يخفى على ناظر بسيط، بغية أن يعود للتحقق من كلامي وما زعمت من له بما قلت حاجة.

وختاما لا يسعني أن أقول إلا كما قال القائل: فإذا لزم النقد، فلا يكون الباعث الحقد، وأعوذ بالله أن آتي ما كنت أنهى عنه. فالنقد نوجهه للأفكار بالتمحيص لا إلى الأشخاص بالتنقيص. فليس شماتة بأحد ولا تفريقا لجماعة ولا افتراء على حي أو ميت، ولكن نسأل الله الإخلاص والصدق والتوفيق والسداد .. والسلام عليكم.

يُتبع …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *