وجهة نظر

“تعليق النضال احتجاجا على الأوضاع”.. هل هو أسلوب جديد للنضال الأمازيغي؟

اطلعت على بيان المجلس الوطني الفيدرالي لحركة “تاوادا ن إيمازيغن” الذي صدر عن اجتماع أكادير وأحسست بصدمة كبيرة وسبب صدمتي شيئان تضمنهما البيان:

يان: أن مجلس حركة تاوادا يعتبر بأنه اجتمع لتدارس “الأوضاع الكارثية التي يتخبط فيها المروك” وكذلك “لتعميق النقاش بين مناضلي ومناضلات الحركة”، ولكن البيان يضيف بأنه “كان لزاما على حركة “تاوادا ن إيمازيغن” أمام الوضع الكارثي والردّة الحقوقية تعليق تخليدها لذكرى “تافسوت ن إيمازيغن”، والسؤال هو لماذا اجتمع مناضلو تاوادا إذا كان الهدف هو تعليق أنشطة الحركة وتجميدها؟ ألم يكن ممكنا أن يبقوا في بيوتهم ويجمدوا عبر الانترنيت، وهذا سيختصر عليهم عناء السفر إلى أكادير، خاصة وأن الانتقال إلى مدينة أخرى للاجتماع يكون لتدارس الوضعية والتفكير في أساليب الردّ عليها بتصعيد النضال والتظاهر وإعلان النزول إلى الشارع، لأن مهمة “تاوادا” كما يعرف الجميع هي تنظيم نزول إمازيغن إلى الشارع وليس عقد الاجتماعات فقط وإصدار البيانات التي تصدرها الجمعيات الأمازيغية طوال السنة وهي تعدّ بالمئات.

من جانب آخر ماذا يعني تعليق أنشطة تاوادا في ظروف “الردة الحقوقية”؟ هل يعني أن على “تاوادا” انتظار أن تتحسن الظروف وتتحقق المطالب لكي تنزل إلى الشارع؟ ففي جميع بلدان العالم لا تنزل قوى الاحتجاج للمظاهرات إلا عندما تزداد الأمور خطورة وليس في ظروف الرخاء والسعادة، إن الهجمة المخزنية على حقوق الأمازيغ واعتقال نشطاء الريف وزاكورة وجرادة هو مناسبة لتصعيد النضال بمناسبة “تافسوت” وليس للهروب من الواقع.

إن الفرق بين “تاوادا” وبقية مكونات الحركة الأمازيغية هو أن “تاوادا” تتميز بتنظيم النزول إلى الشارع ، وكان ناجحا بشكل كبير وجمع كل المكونات، وإذا لم يعد المناضلون قادرين على تنظيم هذا النزول إما بسبب التعب أو الخوف من القمع فعليهم أن يغيروا المكتب ليأتي من يستطيع ذلك، أما تجميد أنشطة الحركة بسبب “الأوضاع الكارثية” فهذا لم نسمع به من قبل، وقد استغربت من تصريح أحد المناضلين لجريدة هسبريس بأن عدم فعل أي شيء هو في حد ذاته احتجاج ضد الواقع، وهذا نوع من النضال لم نسمع به من قبل، وهو الرد على الأوضاع بالبقاء في البيت.

وقد كنا سنقع في فخ هذه النظرة السلبية في بداية السنة عندما جاء البعض من هذا النوع من المناضلين ليطالبونا في “هيئة شبابتامسنا الأمازيغي” بعدم تنظيم رأس السنة الأمازيغية في الشارع احتجاجا على الأوضاع، على أن يدعمونا بعد ذلك في تحرك احتجاجي أكبر، ولكننانظمنا حدث تخليد رأس السنة في الشارع ولكن لميظهر أي أثر لهؤلاء المناضلين بعد ذلك، فاكتشفنا أن هدفهم كان فقط منعنا من فعل أي شيء.

إنني أكتب هذا المقال لأعبر عن أسفي لما وصلت إليه حركة “تاوادا” من اضمحلال وتقاعس وأتمنى أن تعود إلى سابق عهدها المجيد بمناضلين بإرادة قوية.

سين: من أغرب ما تضمنه البيان أنه لم يشر لا من قريب ولا من بعيد لموضوع اللغة الأمازيغية الرسمية، حيث تعرض البيان للشاذة والفذة وتجنب ما يميز النضال الأمازيغي الذي هو استعمال اللغة الأمازيغية الرسمية داخل دواليب الدولة، ويعلم الجميع بأن العروبيين يشنون هجمة كبيرة هذه الأيام لفرض قوانين تدعم اللغة العربية على أنها وحدها اللغة الرسمية، بينما يتحدث أمازيغ “تاوادا” في كل شيء ما عدا لغتهم، والغريب أنهم طالبوا الدولة باحترام ما جاء في الدستور من سمو المعاهدات الدولية ولم يطالبوا الدولة باحترام الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في الفصل 5.

أنا شخصيا لم أعد أفهم النضال الجديد لأمازيغ “تاوادا” وأتمنى أن يشرحوا لنا أكثر خطتهم في العمل عبر تعليق الأنشطة بسبب “الأوضاع الكارثية” وأن يشرحوا لنا سبب تهميشهم للغة الأمازيغية الرسمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *