المغرب العميق، مجتمع

موائد الإفطار بـ”إملشيل” .. بساطة بنفحات بحيرة “تيسليت”

كثيرة هي العادات والتقاليد التي تحاول العائلات المغربية بشكل عام إحياءها خلال شهر رمضان المعظم، خصوصا المرتبط منها بموائد الإفطار، غير أن الانفتاح على عادات مختلفة بفعل تطور وسائل الإعلام وغيرها قضى على بعضها في حين بقي البعض الآخر يقاوم الاندثار.

وتحاول نساء منطقة “إملشيل”، خلال شهر رمضان، إعداد أطباق تحافظ على خصوصية المنطقة، بالرغم من أن أطباقا دخيلة تفرض هي الأخرى نفسها على موائد الإفطار بهذه المنطقة الباردة، وتنافس لإزاحة القديمة.

وفي هذا السياق، يقول محمد احبابو، فاعل جمعوي بمنطقة “إملشيل”، في حديث لجريدة “العمق”، إن مائدة الإفطار عند قبائل “أيت حديدو” تتميز بالبساطة، فيحضر فيها الثمر والحليب والقهوة والشاي والحريرة وخبز “أغروم نتدونت” الذي يعتبر عماد موائد الإفطار بالمنطقة.

وتغيرت طريقة تحضير الحريرة لدى الحديدويين، بحسب احبابو، حيث كانت تحضر بالبطاطس واللفت لكون المنطقة معروفة بزراعة مثل هذه الخضر، إلا أنه ومع التطور والانفتاح على عادات المدن، أخذت النسوة بتحضير الحريرة بمكونات أخرى مثل الحمص والعدس والفول وقليل من الشحم وقطع اللحم.

بدورها، تؤكد “رابحة، ك”، أن بعض العادات الغذائية القديمة تراجعت بفعل الحداثة واتجاه النسوة إلى إعداد أطباق جديدة قد يكن شاهدناها على التلفاز وسجلنا مقاديرها، أو عن طريق كتيبات الطهي العصري التي تقتنيها بعض الفتيات المتعلمات بالمنطقة.

وتضيف “رابحة” في حديث مع جريدة “العمق” أن العادات الغذائية الجديدة لم تستطع إزاحة الخبز المملوء بالشحمة أو ما يصطلح عليه بـ”أغروم نتدونت” من على موائد الأسر بالمنطقة، كونه طبق رئيسي لا يمكن الاستغناء عنه ولا يكون لرمضان أي طعم بدونه.

ويتم إعداد “أغروم نتدونت” والخبز، تضيف المتحدثة، في فرن تقليدي مصنوع من الطين يسمونه “أفران نوالوض”، يوجد بغرفة بالقرب من المنزل يطلق عليها سكان المنطقة “تاحانوت نوالوض” ويتم إشعال النار ببعض الحطب الذي يتم إحضاره من طرف النساء بالجبال المجاورة خاصة منها “إفسيين” و “أزموري” وهي نباتات شوكية صلبة سريعة الاشتعال.

وعن أجواء رمضان بمنطقة “إملشيل”، يقول محمد حبابو، إن أغلبية السكان يقضون وقتهم في الأعمال الفلاحية، بين من يسقي حقوله، ومن يعتني بأشجار التفاح التي تعرف بها المنطقة، في حين أن النساء يقصدن الحقول لجلب العلف للمواشي والأبقار قبل أن ينخرطن في أعمال البيت بعد العصر.

وبعد أذان صلاة المغرب، يجتمع الكل على مائدة الإفطار لتناول ما أعدته النسوة، وعند الانتهاء منها، يخرج الرجال للقاء أفراد القبيلة للحديث عن أمور هذه الأخيرة وعن الأعمال الفلاحية، وبعد صلاة العشاء والتراويح يذهب الكل للنوم، من أجل الاستيقاظ لتناول وجبة السحور التي تتكون إما من زيت الزيتون والمربى، أو السمن والخضر مع قليل من اللحم، يضيف احبابو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *