“حقول جرداء” تكشف استفادة وهمية من دعم الطماطم بإقليم زاكورة

كشفت معطيات حصرية حصلت عليها جريدة “العمق المغربي”، عن شبهات تحوم حول استفادة “غير مشروعة” من دعم زراعة الطماطم بعدد من الجماعات التابعة إداريا لإقليم زاكورة، بعدما تبين أن عددا من المستفيدين لم ينفذوا المشاريع التي تم إيداعها لدى مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والتنمية القروية، من أجل الحصول مقابلها على مبالغ مالية مهمة.
وحسب مصادر متطابقة، فقد أودع عدد من الفلاحين والمستثمرين، من بينهم مقاولون ومنتخبون كبار، ملفات لدى مصالح وزارة الفلاحة للاستفادة من دعم زراعة الطماطم بكل من جماعتي كتاوة وتغبالت، بلغت مساحتها الإجمالية أزيد من 400 هكتار، وبقيمة دعم تصل إلى أربعة ملايين سنتيم عن كل هكتار.
غير أن ما اعتبره البعض “فرصة للنهوض بالفلاحة بإقليم زاكورة”، تحوّل إلى قضية تثير الشكوك بعد أن كشفت لجنة تفتيش ميدانية، أوفدتها المصالح المختصة، عن تلاعبات محتملة في عدد من الملفات المقدمة، حيث تبين أن عددا من المشاريع المصرح بها غير موجودة فعليا على الأرض، وإنما توجد فقط فوق الورق.
وأكدت المصادر ذاتها أن اللجنة زارت مجموعة من الأراضي المفترض أن تحتضن مشاريع زراعة الطماطم، من بينها مشروع يعود لأحد المستفيدين الذي وضع ثلاثة ملفات مختلفة، أحدها باسمه على مساحة 24 هكتارا بمنطقة ميرد بجماعة كتاوة، والثاني باسم زوجته على مساحة 15 هكتارا، والثالث باسم إبنه، على مساحة 15 هكتار أيضا، وكلاهما يتوجدان بمنطقة إمين واسيف التابعة إداريا لجماعة تغبالت.
ولفتت المصادر إلى أن المفاجأة في هذه الزيارة، أن اللجنة سالفة الذكر لم تعثر في تلك الأراضي على أي أثر لزراعة الطماطم، بل وجدت حقولا جرداء خالية من أي نشاط فلاحي، ما أثار تساؤلات حول طريقة صرف الدعم ومراقبة المشاريع الممولة من طرف الدولة، وتسهيل الإستفادة منها لشخصيات نافذة، في حين يجد فلاحون صغار أنفسهم عرضة للتماطل أو “الجرجرة” في مصالح وأقسام وزارة الفلاحة أو حتى الإقصاء في أحاين كثيرة.
وتشير المعطيات التي حصلت عليها الجريدة إلى أن الشخص المعني بالأمر تربطه علاقة بأحد القائمين على هذه العملية بإقليم زاكورة، ما يطرح شبهة تضارب المصالح بين الطرفين، خصوصا في ظل ورود اسمه ضمن المستفيدين من الدعم في أكثر من ملف.
وأمام هذه المعطيات، قررت المصالح المختصة رفض هذه المشاريع مؤقتا في انتظار استكمال التحقيق، على أن تقوم اللجنة المكلفة من طرف المدير الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، بالتحقق الميداني من هذه المعطيات، مع تحديد المسؤوليات بشكل دقيق، وترتيب الجزاءات القانونية المناسبة.
من جهة ٱخرى، تطالب فعاليات محلية وحقوقية بضرورة فتح تحقيق شامل وشفاف في هذه الملفات، وترتيب المسؤوليات في حال ثبوت أي تلاعب أو استغلال للعلاقات الإدارية في الحصول على الدعم، معتبرة أن مثل هذه الممارسات تسيء إلى أهداف برامج الدعم الفلاحي التي تروم أساسا وتشجيع الإنتاج وحماية الفلاح الصغير.
في سياق متصل، وجه عدد من فلاحي إقليم زاكورة، في يوليوز الماضي، شكاية تظلمية إلى المدير الجهوي للاستثمار الفلاحي بورزازات، يشتكون من خلالها ما وصفوه بـ“الإقصاء غير المبرر” من الاستفادة من دعم بذور الطماطم الموجه لفلاحي المنطقة، والذي تشرف عليه مصالح وزارة الفلاحة والصيد البحري، والمياه والغابات، والتنمية القروية.
وأوضح المشتكون في مراسلتهم التي توصلت جريدة “العمق المغربي” بنسخة منها، إلى أنهم “قاموا بجميع الإجراءات المطلوبة للاستفادة من هذا الدعم، غير أن المدير الإقليمي للفلاحة بزاكورة تعمد التماطل والتأخير لأشهر في تسوية ملفاتهم، دون تقديم أي مبرر معقول، رغم استفادة عدد من فلاحي نفس المنطقة من نفس الدعم”.
وأبرز الفلاحون في شكايتهم أن “حرمانهم من الدعم أثر بشكل مباشر على وضعيتهم المادية”، لافتين إلى أنهم “أصبحوا عاجزين عن تسديد عدد من الديون المثبتة عن طريق شيكات بنكية، مما يهدده بالمتابعة القضائية، وهو ما اعتبروه نتيجة مباشرة” لما وصفوه بـ“سوء تدبير الملف محليا وغياب الحياد في التعاطي مع ملفات الدعم”.
وأشار المشتكون، إلى أنه “من غير المستساغ أن يتصرف من فُوض له أمر السهر على تطبيق القانون، خارج إطاره، ضاربا في العمق مضامين المفاهيم والشعارات التي دشن بها جلالة الملك محمد السادس نصره الله عهده، والتي أراد أن تكون عنوانا للعهد الجديد في ظل دولة الحق والقانون”.
وأكّد المتضررون في الشكاية ذاتها، أن سلوك المدير الإقليمي “يمثل شططا في استعمال السلطة وتجاوزا للدور المنوط به كجهة يفترض أن تضمن المساواة بين المواطنين”، داعين المدير الجهوي إلى “فتح تحقيق عاجل في موضوع الإقصاء الذي تعرض له وإنصافه من الظلم”.
كما التمس المشتكون من المسؤول الجهوي “التدخل لمعالجة هذا المشكل المفتعل، وتمكينهم من الاستفادة من دعم بذور الطماطم أسوة بباقي فلاحي المنطقة، ملوّحين في الآن ذاته بـ“اللجوء إلى القضاء في حال عدم التجاوب مع مطلبهم”، مؤكدين ثقتهم في أن الإدارة الجهوية “ستتخذ ما يلزم من إجراءات منصفة خدمة للوطن والمواطن، وتطبيقا للقانون”.
اترك تعليقاً