مجتمع

هيئة حقوقية تتهم قنصلية إسبانيا بتطوان باحتقار المغاربة وتطالبها بالاعتذار

عبر مرصد الشمال لحقوق الإنسان، عن “استنكاره العميق لما جاء في مقال منسوب إلى القنصلية الإسبانية بتطوان من عبارات الاستهزاء والاحتقار للمجتمع المغربي”، وذلك على خلفية رفض السلطات الاسبانية منح التأشيرات للجنة تابعة للمرصد من أجل التحقيق في الاستغلال الجنسي للعاملات المغربيات في حقوق الفرولة بإقليم “هويلفا” الإسباني.

وطالب المرصد من القنصلية نشر بلاغ نفي للمقال الذي أثار غضب الهيئة الحقوقية، أو تقديم اعتذار لكل ما جاء فيه، مشيرا إلى أن رد  القنصلية “مليء بعبارات الازدراء والاحتقار ويكشف على أن صاحبه غير ملم بأبسط قواعد العمل الدبلوماسي، كما أن مثل هذه التصريحات تباعد بين الشعوب والثقافات وتكون مطيتا وسببا في تغذية التعصب والتطرف عوض الحوار والتعايش”.

جاء ذلك في مراسلة احتجاج واستنكار بعثها المرصد إلى قنصل إسبانيا بتطوان، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، على خلفية رد منسوب لمصدر مقرب من القنصلية الإسبانية بتطوان نُشر على موقع إخباري محلي، اعتبرته الهيئة الحقوقية “لا يتماشى والأعراف الدبلوماسية ومليء بالتناقضات وباتهامات خطيرة اتجاه المجتمع المغربي”.

احتقار !

وأوضحت المراسلة أن المرصد وجه مراسلة رسمية إلى القنصلية الإسبانية بتطوان بتاريخ 4 يونيو 2018، بصفته جمعية غير حكومية قصد الحصول على تأشيرات لثلاث أعضاء لدخول التراب الإسباني، موضحين سبب الزيارة المرتبطة بانجاز تحقيق في اداعاءات تعرض النساء المغربيات المشتغلات بحقول الفرولة بمنطقة هويلفا لاعتداءات جنسية وأعمال غير مشروعة من استعباد واستغلال وتنتهك كرامتهن ومخالفة بذلك للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وتجرمها التشريعات الجنائية.

واعتبر المرصد أن الطلب وُجه بشكل رسمي من “جمعية حقوقية تتوفر على ملف قانوني مودع لدى السلطات المغربية، وتجمعها اتفاقيات شراكة مع مؤسسات وزارية مغربية ومنظمات دولية وعلاقات متينة مع المؤسسات الحقوقية العالمية بما فيها الإسبانية، علما أن المرصد من المنظمات التي تشتغل منذ سنة 2012 بشكل مستمر على قضايا حقوقية محلية ووطنية ودولية، بما في تلك التي تدخل ضمن اهتمام العلاقات المغربية الاسبانية كقضايا الهجرة واللجوء والتطرف والإرهاب والمعابر الحدودية لسبتة ومليلية المحتلتين”.

وأضاف المصدر ذاته، “أنه بتاريخ 16 يونيو 2018 نشرنا بلاغا يوضح أن مصالحكم لم تتفاعل مع مطلبنا في منحنا التأشيرات قصد دخول الترابي تفاعلا مع الرأي العام الوطني الذي يتابع هذه القضية باهتمام كبير، لنتفاجأ يوم 18 يونيو 2018 بوجود رد منسوب لمصدر مقرب من القنصلية الاسبانية بتطوان على موقع محلي لا يتماشى والاعراف الدبلوماسية ومليء بالتناقضات وباتهامات خطيرة اتجاه المجتمع المغربي”.

وتابعت المراسلة: “إن وقوع المصدر المقرب من القنصلية في التناقض الواضح في الفقرة الثانية والرابعة بأن القنصلية لا تتعامل مع منطق المحاباة، ثم يعترف المصدر ذاته بان القنصلية عانت كثيرا بسبب منحها تأشيرات لاعضاء في احزاب سياسية وقيادات جماعية، يبرز التخبط الواضح في صياغة رد عقلاني ومنطقي”، مشيرا إلى أن مرصد الشمال “وجه رسالة رسمية مودعة نسخة منها بمكتب الضبط التابع للقنصلية، ولم يطلب امتيازا او تعاملا تفضيليا”.

وشدد المرصد على أن “المجتمع المدني المغربي تؤطره قوانين كل حسب مجال اختصاصه (الجمعيات، الصحافة، الأحزاب السياسية، النقابات…)، وأن حمل أي لقب أو صفة هو مؤطر قانونيا بوصل إيداع للجمعيات لدى السلطات المعنية أو بطاقة الصحافة المهنية والتصريح بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وأن تخبط القنصلية في التعامل مع حالات التدليس يبقى بسبب عدم كفاءتها، علما أن القانون المغربي يجرم ذلك ويمكن متابعة الأشخاص موضوع الاتهام امام القضاء”.

وأشار إلى أن استعمال مصطلح “الحريك” بما فيه من حمولة قدحية، عوض مفهوم الهجرة غير نظامية من طرف المصدر المقرب من القنصلية، “يكشف غياب المقاربة الحقوقية لدى القنصلية في التعامل مع ظاهرة الهجرة التي تبقى ظاهرة طبيعية وإنسانية بامتياز”، لافتة إلى أن الحقوقيين انتظروا “أزيد من أسبوع إصدار القنصلية العامة بتطوان بلاغا تنفي فيه صلتها وعلاقتها بالمقال المذكور، خصوصا أنه منشور على موقع الكتروني محلي معروف، وأنه يستحيل على القنصلية عدم الاطلاع على فحواه”.

المحاباة !

وكان الموقع الإخباري المحلي “بريس تطوان” قد أورد مقالا منسوبا لمصدر مقرب من القنصلية الإسبانية بتطوان، جاء فيه أن “القنصلية تعاملت مع الموضوع وفق القواعد القانونية والمبادئ المؤطرة لدخول التراب الإسباني بكل تجرد وحياد وموضوعية، وأنها لا تشتغل بمنطق المحاباة، وتتعامل مع جميع المتواجدين فوق التراب المغربي وداخل نفوذها القنصلي، من مواطنين مغاربة وأجانب وعديمي الجنسية، على قدم المساواة”.

واعتبر المقال المذكور أن القنصلية “لا تقوم بمعالجة ملف بسرعة قصوى على حساب باقي ملفات المواطنين البسطاء، وأن الجميع ملزم بسلك المساطر الإدارية المتبعة في هذا الصدد، بدءا بأخذ موعد مسبق على الأنترنيت، وبرمجة سبب الزيارة بوقت كاف، مع أخذ البصمات والحضور الشخصي، إضافة الى دراسة الملف بكل دقة مخافة أن يتم استغلال هذه التأشيرات لتحقيق مآرب أخرى”.

وأشار المصدر ذاته إلى أن هناك العديد من الألقاب والصفات بالمغرب مجرد كلام فارغ، ولا تعتبر وظائف حقيقية يمكن عليها تأسيس ملف منح تأشيرة الدخول لفضاء “شنغن” والذي يتطلب الحصول على شهادة عمل وشهادة أجرة شهرية وضمانات بنكية علاوة على أملاك وأصول تظهر مدى ارتباط الشخص طالب التأشيرة ببلده الأصلي وعدم نيته في “الحريك”، مشيرا إلى ما اعتبره “واقعة قيام الأمن الروسي مؤخرا باعتقال العديد من المشجعين المغاربة الذين اتخذوا من السفر إلي روسيا لتشجيع المنتخب المغربي مطية للحريك إلى الدول الاسكندنافية الحدودية”.

وأضاف المقال أن القنصلية العامة للملكة الاسبانية بتطوان، عانت كثيرا بسبب منحها “تأشيرات” لأعضاء في أحزاب سياسية وقيادات جماعية، وأبطال في مختلف أنواع الرياضات وباحثين جامعيين، وموسيقيين، وفاعلين جمعويين، حيث كان الباعث على مشاركتهم، في التظاهرات المقامة على التراب الإسباني هو الخروج من المغرب و”الحريك” بواسطة الفيزا لتجنب قوارب الموت، وفق المصدر ذاته.

رفض تأشيرات

وكان مرصد الشمال لحقوق الانسان قد أدان في بلاغ سابق، اطلعت جريدة “العمق” على نسخة منه، لما اعتبره “رفض القنصلة الاسبانية بتطوان منح تأشيرات الدخول لاعضاء لجنة التحقيق”، محملا الدولتين الإ”سبانية والمغربية المسؤولية المباشرة والكاملة للاعتداء والاستغلال الجنسي للنساء المغربيات وهضم حقوقهن، على اعتبار ان هؤلاء النسوة يوجدن في تلك الحقول في إطار برنامج شراكة تجمع كل من الحكومة المغربية والحكومة الاسبانية وكذلك الإتحاد الأوروبي”.

وعبر المرصد عن “تضامنه المطلق مع النسوة المغربيات ضحايا الفقر والتهميش والتوزيع الغير العادل للثروات، وضحايا الاستعباد والاستغلال الجنسي، داعيا المجتمع المدني بمختلف أطيافه إلى تأسيس تنسيقية من اجل الدفاع عن النساء المغربيات في الحقول الاسبانية، معتبرا أن واذ رفض منحه تأشيرات الدخول للجنة التحقيق التابعة للمرصد هو “شكل من أشكال التعتيم والتضييق الحقوقي”.

وأوضح التحقيق الذي كان يعتزم إجراءه بحقول الفروالة بإسبانيا، “يوازي التحقيقات القضائية التي فتحتها السلطات الإسبانية، للوقوف على الوضعية الحقيقية للنساء المغربيات، ومكامن تقصير الحكومة المغربية في حماية هؤلاء النسوة خصوصا أمام تضارب التصريحات التي يطلقها المسؤولين المغاربة وعلى رأسهم وزير التشغيل والادماج المهني.

هذا ولم يتسنى لجريدة “العمق” التأكد من حقيقة المقال المنشور على الموقع الإخباري المحلي المعروف، ومدى ارتباطه بالقنصلية الإسبانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *