خارج الحدود

في ذكرى الإنقلاب .. مسؤول يكشف معلومات نادرة عن الإطاحة بمرسي

شعر الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بالصدمة عندما رأى الإنذار الذي أصدره الجيش في الأول من يوليو 2013 في حين كان مجتمعا بالسيسي.

كان مرسي قد تلقى توضيحا من السيسي بأن عرض المصالحة الذي قدمه مرسي للمعارضة أكثر من كافٍ.

مستشارو الرئيس محمد مرسي كانوا يعتقدون حينها أن انقلابا بواسطة الجيش لن يحدث حتى بعد مليون عام.

ابن زايد لا يعرف الصفح

في الوقت الذي اتصلت فيه إدارة مرسي بالعديد من الدول الخارجية في الغرب والمنطقة، لم تسع للاتصال بالإماراتيين قط.

وكان مسؤول استخبارات بريطاني التقى مستشار مرسي للشؤون الخارجية عصام حداد في وقت سابق وأبلغه بأنه من الممكن إقناع السعوديين بتغيير موقفهم تجاه مرسي والإخوان المسلمين، لكن ليس بالإمكان إقناع الإماراتيين، مضيفا أن الشيخ محمد بن زايد عنيد ولا يعرف الصفح.

هذه بعض المعلومات التي أدلى بها مسؤول كبير في إدارة مرسي لأول مرة حول الكيفية التي تطورت بها الأحداث، طالبا عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع.

ونشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني تفاصيل أدلى بها المسؤول في إدارة مرسي للموقع، قائلا إنه وقبل أسبوع من حدوث الانقلاب، أدلى السيسي الذي كان وزيرا للدفاع في حكومة مرسي بخطاب غريب حذر فيه من أن الجيش ربما يضطر للتدخل في الوقت الذي كانت فيه الاحتجاجات ضد الحكومة والاحتجاجات المؤيدة للحكومة تهز البلاد.

إرادة الشعب المصري

وقال السيسي في خطابه ذاك إن الجيش مسؤول مسؤولية كاملة عن حماية إرادة الشعب المصري العظيم، وإن الذين يسيئون للجيش يسيئون لكل المصريين “وكل من يعتقد أننا سنظل صامتين تجاه أي اعتداء على الجيش فهو خاطئ”.

ومضى السيسي يقول “إن الجيش لم يحاول أبدا التدخل في الشؤون العامة أو السياسية، لكنني أود أن أقول إننا جميعا لدينا مسؤولية أخلاقية، ووطنية، وتاريخية. لن نقبل بأن تدخل مصر نفقا مظلما من الصراع، والتوتر الداخلي، والحرب الأهلية، أو انهيار مؤسسات الدولة”.

وكان السيسي قد التقى مرسى قبل وقت قصير من الإدلاء بخطابه ذاك، لكنه لم يلمح لمرسي بأي شيء عن محتوى الخطاب.

ثقة عمياء

وقال المصدر إنهم في الحكومة كانوا على ثقة بأن الجيش، على الأقل، لن يتدخل. لكن وفي الوقت نفسه جعل ذلك الخطاب الاستمرار في تلك الثقة مجرد سذاجة.

ويعتقد المصدر أن السيسي كان يخطط للانقلاب قبل عدة أشهر من تنفيذه، مشيرا إلى أن السيسي كان يلتقي كل خميس بقادة المعارضة في نادي القوات البحرية في القاهرة منذ الأزمة الدستورية في ديسمبر 2012، التي تعرض خلالها مرسي لاتهامات من المعارضة بأنه منح نفسه مزيدا من السلطات.

وكان السيسي يقدم نفسه وسيطا محايدا بين المعارضة ومرسي، لكنه انحاز علنا يوم 23 يونيو إلى جانب المعارضة، وهو أمر بدا غريبا وفقا للمسؤول.

وكان تحالف المعارضة جبهة الإنقاذ الوطني، قد دعا مرسي في مؤتمر صحفي بعنوان “بعد الرحيل” قبل يوم واحد من خطاب السيسي، لتقديم استقالته وتنظيم انتخابات مبكرة.

الجنرال محمد زكي

وفي نفس يوم الخطاب، طلب قائد الحرس الجمهوري الجنرال محمد زكي، المسؤول من حماية الرئيس، من مرسي ومساعديه مغادرة قصر الاتحادية الرئاسي والعمل من المقر الرئيسي للحرس الجمهوري لأسباب أمنية أثناء الاحتجاجات الشعبية التي أُعلن عن تنفيذها يوم 30 يونيو حيث من المتوقع أن تسير الاحتجاجات إلى قصر الرئاسة.

سيتضح لاحقا أن الجنرال زكي كان اليد اليمنى للسيسي في تنظيم الانقلاب على مرسي، وقد كافأه السيسي الشهر الماضي بتعيينه وزيرا للدفاع في تعديله الوزاري الأخير.

ولم تكن وسائل الإعلام ولا الشعب في ذلك الوقت على علم بالمكان الجديد لمرسي.

وشهد الأسبوع الأخير قبل الانقلاب أحداث عنف على نطاق البلاد وقعت أغلبها ضد مؤيدي مرسي والإخوان المسلمين وتم خلال تلك الأحداث نهب وحرق 20 مكتبا للإخوان.

وبدأت أحداث العنف تلك بعد الخطاب الطويل لمرسي يوم 26 يونيو الذي تحدث فيه عن التحديات التي واجهها ورؤيته للمستقبل.

التحرير ورابعة

وفي يوم 28 يونيو بدأت الاحتجاجات المعارضة للحكومة تتجمع في هليوبولس وميدان التحرير استعدادا لاحتجاجات يوم 30، كما ظلت المظاهرات المؤيدة لمرسي تتجمع منذ يوم 21 بـ ميدان رابعة. وفي يوم 29 انتشرت أعمال العنف وأصبحت أسوأ من قبل.

وكان مؤيدو مرسي يتوقعون خيانة الجيش، ولذلك نظموا احتجاجات شعبية بميداني رابعة والنهضة للتعبير عن تأييدهم للرئيس وشرعيته، آملين أن يرتدع الجيش.

وعندما سيرت المعارضة مسيرتها إلى قصر الاتحادية يوم 30 يونيو داعية الجيش للتدخل، التقى مستشار مرسي للشؤون الخارجية عصام حداد بالسفيرة الأميركية آن باترسون التي قالت له إن خصمكم هو السيسي وليس الشعب، ومهما يكن حجم الاحتجاجات فإن العنصر الأهم هو الجيش.

من أطاح بمبارك؟

وأضافت السفيرة أن الشعب المصري يميل إلى نسيان أن المجلس العسكري وليس الشعب هو من أطاح بالرئيس الأسبق حسني مبارك، مؤكدة “لن يحدث أي شيء إلا إذا سمح الجيش”.

وقالت في تحليل لها لموقف السيسي إنه يريد أن تكون للجيش اليد العليا وألا يكون خاضعا لإرادة المدنيين. والسيسي ليس هو المسيطر على كل شيء وربما يكون الأعضاء الآخرون يضغطون عليه أو حتى يهددونه، وأهم شيء لديه هي العلاقة بين الجيش المصري والولايات المتحدة، وهي علاقة لا يريدون تعريضها للخطر. ­­

وأشار المصدر إلى أن المتشائمين في إدارة مرسي شعروا بأن الجيش لن يتدخل إلا في حالة وجود أعداد كبيرة من المعارضين في الشارع. ونظرا إلى أن هذه الإدارة كانت ترى أن أعداد المعارضين قليلة أو مساوية للمؤيدين لمرسي، فإنها لم تتوقع تدخل الجيش.

تفاؤل للنهاية

وقال إنه ورغم المؤشرات الكثيرة على الانقلاب القادم، ظل أغلب طاقم إدارة الرئاسة متفائلين حتى اليوم الأخير، وهذا بسبب التطمينات التي تلقوها من مرسي الذي كان يعتقد حتى ذلك اليوم أن السيسي يقوم بدور الوسيط المحايد.

وفي الأول من يوليو اجتمع مرسي بالسيسي في مكتب الرئيس بثكنات الحرس الجمهوري، وكان مسؤولو الرئاسة يشاهدون في الوقت نفسه بيانا متلفزا من الجيش تم بثه كخبر عاجل ورافق البيان صورة للسيسي في الخلفية، وأعطى البيان جميع الفرقاء مهلة 48 ساعة للتوصل لاتفاق، وفي حالة الفشل فإن الجيش سيتدخل لحفظ النظام.

وتفاجأ الجميع بمن فيهم مرسي نفسه إذ لم يكن على علم ببيان الجيش قبل أن يبدأ الاجتماع مع السيسي. وأبلغ السيسي مرسي بهذا البيان فقط لدى نهاية اجتماعهما، ونجح في تخفيف وطأة الإنذار وإظهاره بأنه ليس إنذارا فعليا.

غاية المكر

السيسي زعم عندما اجتمع مع مرسي أن الهدف من اجتماعهما هو إبلاغ مرسي بآخر أخبار مساعيه للتوصل إلى اتفاق مع المعارضة. ووصف المسؤول السيسي بأنه في غاية المكر والخداع.

وأوضح المصدر أن مرسي غضب من البيان وأعرب عن غضبه للسيسي. وأصدرت الرئاسة بيانا يدين بيان الجيش، ورد الجيش ببيان ثانٍ يخفف من احتمالات تدخله. وعلق المسؤول بأن الجيش تلاعب بهم بالفعل بإظهاره التراجع أحيانا، ثم التفاوض، وتقديم مقترحات أحيانا أخرى.

والتقى مرسي بالسيسي مرة أخرى في 2 يوليو بعد اجتماع أبكر بمؤيديه المتجمعين في رابعة. وقدم مرسي للسيسي مبادرة تتضمن تعديلا كاملا لمجلس الوزراء بما فيه رئيس الوزراء وتعديلات دستورية تتبنى كل ما تريده المعارضة وتشكيل لجنة مصالحة.

أكثر من كافية

مرسي سأل السيسي عما إذا كانت تلك المبادرة كافية لإنهاء الأزمة، فأجاب السيسي بأنها أكثر من كافية. وتمت كتابة المبادرة في شكل اتفاق.

كان يُفترض أن يحمل السيسي النص المكتوب إلى المعارضة. وقال السيسي لمرسي حينها إنه سيذهب إلى المعارضة ويعود إليه بعد فترة قصيرة، لكنه لم يعد إلا بعد خمس ساعات، أي حوالي الساعة التاسعة مساء، ليبلغ مرسي بأن المعارضة لم توافق على المبادرة.

وفي 3 يوليو التقى السيسي بالمعارضة وزعم أنه قدم لهم مقترحا من الرئيس. وكانت المعارضة منى مكرم عبيد قالت لاحقا إن السيسي التقاهم ذلك اليوم ليقدم إليهم خطته هو وخريطة الطريق التي أعدها بدلا من تقديم مبادرة أو اقتراحا من مرسي.

وأكد المسؤول أن السيسي لم يبلغ المعارضة بمبادرة مرسي قط، وربما لم يبلغها بأي شيء اليوم السابق والتقى بمرسي لمجرد إعطائه انطباعا بأن الأمور تسير إلى الأمام بشكل سلس وبأنه يحاول بإخلاص التوسط للتوصل لاتفاق.

قناة أميركية أخرى

وكان هناك مبعوث غربي آخر، غير السفيرة الأميركية، التقاه حداد الليلة السابقة وهو السفير النرويجي تور وينيسلاند، حيث أبلغه حداد بأنه من الصعب التراجع في تلك اللحظة لأن حلفاء مرسي لم يعودوا يثقون بالجيش أو المعارضة، ويشعرون بأن حياتهم نفسها ستتعرض للخطر إذا أنهوا احتجاجاتهم أو قبلوا باستقالة مرسي، ولخص حداد ذلك للسفير بعبارة “إنهم لا يرفضون المساومة، لكنهم لا يستطيعون أن يساوموا”.

ورد السفير النرويجي بأنه يتفهم موقف الحكومة ووعد، بكل ثقة، بفعل شيء، مع العلم أنه يمثل قناة غير رسمية للأميركيين.

ومضى المصدر يقول إن الأميركيين إذا أرادوا نقل رسالة دون أن يظهروا أن لهم علاقة بها، فإن السفير النرويجي هو وسيلتهم في ذلك، مضيفا أنهم فهموا أن السفير سيطلب من الأميركيين أن يبلغوا الجيش المصري بتأجيل الانقلاب حتى تتوفر فرصة للتوصل لاتفاق.

وأبلغ مرسي أعضاء إدارته بأنه يفضل الموت على الاستسلام لمحاولات إعادة الجيش للسلطة مع وجود رئيس مدني كواجهة.

وأضاف المصدر أن المفترض كان أن ينفذ الجيش انقلابه صباح الأربعاء 3 يوليو، ولكن وعندما لم يفعل، شعر أعضاء إدارة مرسي بأن السفير النرويجي نجح في تأجيل الانقلاب.

انتهى الأمر

واتصل حداد بالسفيرة الأميركية لمناقشة اقتراح بتعيين رئيس وزراء ومجلس وزراء جديدين ونقل السلطة التشريعية لهما، لكنها أوضحت له أن الأمر قد انتهى وأن الجيش قرر السيطرة على السلطة.

وقال المصدر إن كل هذه التحركات وقبل كل شيء تلك الأعداد الضخمة من المؤيدين بميداني رابعة والنهضة قد دفعت بمسؤولي إدارة مرسي للاعتقاد بوجود فرصة، مشيرا إلى أنهم لم يكونوا ليعتقدوا ولو بعد مليون عام بأن الجيش سيتحرك ضد الشعب أو أن تدعم الدول الغربية علنا نظاما مستعدا لاستخدام الجيش للسيطرة على السلطة، خاصة مع تلك الأعداد الهائلة برابعة والنهضة.

وأشار إلى أن تلك القناعة بُنيت على افتراضين اتضح أن كليهما خاطئ؛ الأول هو أن الجيش سيقتنع بأنه لن يكون قادرا على تنفيذ انقلاب أبيض سريع، ولن يلجأ إلى العنف الجماعي لأن ذلك ليس في مصلحته.

والافتراض الثاني هو أن المجتمع الدولي سيقتنع بأن انقلابا في مصر سيكون دمويا للغاية وسيزعزع استقرار البلاد لسنوات مقبلة.

وعلق بأنه اتضح أنهم أغبياء بافتراضاتهم تلك. واتضح أيضا أن المسؤولين عن الاستخبارات لمعرفة ذلك لم يكن يهمهم العنف ومن يهمهم العنف انخدعوا بفكرة أن الجيش يمكنه السيطرة بسرعة على الأمور.

انتهاكات وضغوطات

حافظوا على مصر.. أوعى الثورة تتسرق منكم بأي حجة والحجج كتير”.. كانت تلك آخر كلمات توجه بها محمد مرسي -أول رئيس مدني منتخب بمصر- لشعبه في بداية الانقلاب العسكري الذي أطاح به قبل خمسة أعوام، ليتم بعدها إخفاؤه ثم اعتقاله والشروع في محاكمته في قضايا مختلفة.

خلال هذه الأعوام الخمسة تعرض مرسي لانتهاكات وضغوطات حسب أسرته وحقوقيين، ورفعت ضده ست قضايا صدرت أحكام نهائية في ثلاث منها، بينما لا تزال إجراءات التقاضي مستمرة في الثلاث الأخرى.

فقد صادقت المحكمة العليا على إدراجه على قائمة الإرهاب لثلاث سنوات، وحكم عليه نهائيا بالسجن عشرين عاما بتهمة التخابر مع قطر.

كما حكم عليه بالسجن عشرين عاما في أحداث قصر الاتحادية، بينما لا تزال قضايا “إهانة القضاء” و”اقتحام السجون” و”التخابر مع حماس” منظورة أمام المحاكم.

وحسب أسرته وحقوقيين، فإن مرسي الذي لا يعرف بشكل دقيق مكان احتجازه، لا يزال يتعرض لضغوط رغم مرور خمسة أعوام على الانقلاب عليه لإجباره على “إعلان الاعتراف بشرعية النظام القائم”، و”التنازل عن شرعيته” المستمدة من انتخابات نزيهة لم تر مصر مثلها على مدار تاريخها، حسب تلك المصادر.

وفي حديث خاص للجزيرة نت، يؤكد عبد الله نجل الرئيس المصري المعزول محمد مرسي أن موقف والده ما زال ثابتا بالحفاظ على الشرعية المنبثقة من إرادة الشعب باعتباره الرئيس المنتخب، وعدم الاستسلام لإرادة قادة العسكر الذين يحاولون بين الفينة والأخرى إجباره على التنازل والخضوع لإملاءاتهم.

ويرى البعض في ثباته -رغم ما يتعرض له من انتهاكات- دليلا واضحا على أنه لا ينطلق في موقفه من مصلحة خاصة، وإنما يفعل ذلك احتراما لإرادة الشعب، وحبا لوطنه، وتمسكا بمبادئ ثورة يناير، وعدم الخضوع لإملاءات خارجية تسعى لتمرير الانقلاب العسكري بأي صورة.

عرض ملكي!

ويؤكد نجل مرسي أن محاولات إخضاع والده وإجباره على الاعتراف بالانقلاب العسكري مستمرة، وبلغت حد عرض أحد الملوك الراحلين عليه ترتيب إقامة له ولعائلته خارج مصر، وهو الأمر الذي رفضه بشكل قاطع، لافتا إلى أن إصرار والده على رفض الانقلاب يعكس بالضرورة رفضه جميع إجراءاته المتخذة خلال هذه المرحلة.

ولا تكاد تتوفر معلومات واضحة عن أوضاع الرئيس وأحواله الصحية والمعيشية نتيجة “العزل التام” في محبسه ومحاكماته التي يكون خلالها في قفص زجاجي عازل للصوت، بينما يتوقع عبد الله أن يكون مكان الاحتجاز في أحد ملاحق سجن طره حيث كان لقاؤه الثاني ببعض أفراد أسرته.

كما يؤكد أنه لم يتسن للأسرة لقاءه منذ اعتقاله إلا مرتين، الأولى في نوفمبر 2013 بسجن برج العرب، والثانية في يونيو 2017 بملحق طره عقب اشتراط واضح من قبل الأمن بأنه “ليس مسموحا للرجال بالزيارة”، لافتا إلى أن الزيارتين حضرها ممثلون للأمن ولم تتجاوز كل منهما نصف ساعة.

كما يشير إلى أن والده محروم من التفاعل مع المستجدات الاجتماعية المهمة التي حدثت خلال الأعوام الخمسة الماضية، ومنها أنه رزق بثلاثة من الأحفاد لم ير أيا منهم، وربما ليس لديه علم ببعضهم. كما لم يسمح له بأخذ العزاء في حماته التي هي بمثابة والدته الثانية، ولا يُعلم هل وصله نبأ وفاتها أم لا.

ويتساءل عبد الله عن موقف “الشرفاء والوطنيين” في الجيش المصري وكذلك القوى السياسية والحقوقية مما يتعرض له الرئيس على يد قادة الانقلاب، وما يتعرض له الوطن من “بيع للأرض وهتك للأعراض واعتقال وتصفية للعشرات خارج إطار القانون، وما يعانيه الشعب من أزمات اقتصادية وتدهور للحياة المعيشية”.

إغراء وترهيب

بدوره يقول المستشار أحمد سليمان وزير العدل المصري في عهد مرسي إن الأخير تعرض لمغريات وضغوط مقابل إعلانه التنحي، لكنه “رفض التفريط فى حاضر مصر ومستقبلها لمن يخطّط للقضاء عليها وإذلال شعبها”.

وأشار سليمان في حديثه للجزيرة نت إلى أن الأمر بدأ منذ اختطافه واعتقاله ثم استعانتهم بمسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي حينها كاثرين آشتون لإقناع الرئيس بالتسليم بالواقع والإقرار بالانقلاب، وبعدها بدؤوا مرحلة تلفيق القضايا وتشكيل دوائر مخصوصة من قضاة كثير منهم له ملفات فساد وانحراف لمحاكمته.

وعدد وزير العدل الأسبق بعض الانتهاكات التي يتعرض لها مرسي خلال هذه الفترة، ومنها الحيلولة دون التقائه بمحاميه، ومحاكمته خلف أقفاص زجاجية عازلة للصوت، ومنع أسرته من زيارته خلافا لكل القوانين المحلية والمواثيق الدولية، وتلفيق قضايا لعدد من أبنائه، وتعمد إهمال رعايته الصحية ورفض علاجه على نفقته الخاصة خارج السجن.

أما مسؤول الملف المصري بالمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا مصطفى عزب، فيقول إن مرسي ربما يكون المعتقل الوحيد الذي حرم خلال خمس سنوات من التواصل مع أسرته بشكل كامل حيث لم تتواصل أسرته معه مباشرة إلا مرتين فقط، مؤكدا أنه يتعرض لمعاملة قاسية في محبسه.

ويشير عزب في حديثه للجزيرة نت إلى أن مرسي من أوائل المعتقلين السياسيين وهو في عداد المختفين قسريا منذ الانقلاب، حيث تم احتجازه في مكان مجهول ولا يعلم مكانه بدقة حتى الآن، بينما حقوقه في محاكمة عادلة مهدرة حيث يحاكم أمام محاكم استثنائية (دوائر الإرهاب) يترأسها قضاة منتقون بعناية لإدانته.

ورغم إدانة المقرر الخاص المعني بالاعتقال التعسفي السلطات المصرية في ما يتعلق باحتجاز مرسي تعسفيا، فإن عزب يرى أن كل الإدانات في هذا الإطار لم تتجاوز مساحة التعليقات الدبلوماسية دون ضغط حقيقي يدفع النظام المصري لوقف الانتهاكات بحق مرسي وأسرته.

المصدر: الجزيرة نت + وكالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *