مجتمع

بعد قبولهما بجامعة فرنسية.. رفض منح الفيزا لطالبتين مغربيتين بسبب الحجاب

تبخر حلم طالبتان تحتلان الرتب الأولى بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس، في متابعة دراستهما بإحدى الجامعات الفرنسية، بعد رفض منحهما تأشيرة الدخول إلى الأراضي الفرنسية بسبب ارتدائهما الحجاب، رغم عدم وجود أي وثيقة أو قرار يفرض ذلك، وهو ما خلف حالة صدمة لدى أقاربهن، خاصة وأنهما أديا مصاريف الدراسة والإقامة بفرنسا مسبقا بعدما تم انتقاؤهما للدراسة هناك.

وكشفت الطالبة كوثر الديوري المقبلة على السنة الخامسة والأخيرة بالمدرسة الوطنية العليا للفنون والمهن بمكناس، أن شركة “TLS Fes” المكلفة بتلقي ملفات التأشيرة لدى القنصلية الفرنسية بفاس، رفضت تسلم ملفها وملف زميلتها أسماء من نفس المؤسسة، بذريعة “عدم قبول صور النساء بالحجاب في تأشيرات الإقامة الطويلة للدراسة”.

وأوضحت المتحدثة في اتصال لجريدة “العمق”، أنها انتظرت لشهور موعدها مع القنصلية أول أمس الثلاثاء، من أجل القيام بإجراءات طلب تأشيرة السفر لإتمام الدراسة بفرنسا، بعد أن تم انتقاؤها رفقة زميلتها في إحدى الجامعات الفرنسية باعتبارهما حاصلتين على الرتب الأولى في تخصصهن بمكناس، مردفة بالقول: “كنت قد بدأت أستعد لهذه التجربة التي كنت أظنها ستكون رائعة بكل تفاصيلها، لكن شاء الله أن يختار لنا طريقا مغايرا ولآخر اللحظات”.

وأضافت أن الموظف المكلف بمراجعة الوثائق الأصلية للملف، طلب منها تغيير الصور بأخرى تظهر فيها بدون حجاب، وذلك في أول مرحلة لدراسة الملف بـ”TLS Fes”، مشيرة إلى أنها تلقت هذا الطلب بصدمة، “خاصة أنهم لم يخبروننا بهذا المعطى وليست هناك وثائق رسمية على فرض إزالة الحجاب في الصور، فقط يجبرونك على ذلك في آخر لحظة دون علم مسبق بذلك”.

وأشارت إلى أنها واجهتهم بأن موقعهم الرسمي يتضمن صورا للفيزا بالحجاب، وأنه لا يحق لهم إجبار أي فتاة على نزع حجابها من أجل أخذ الصور، غير أنهم أصروا على عدم تسلم ملفها إلا بوجود صور بدون حجاب، معتبرين أن هذه قوانين جديدة للقنصلية خلال هذا العام.

وتابعت قولها: “أدخلوني لقاعة انتظار مرتين، وأرسلوا لي موظفين ومسؤولين من أجل إقناعي بخلع حجابي لأخذ الصور، وأن هذا الإجراء سيسرع من إتمام عملية تسليم الملف، وأن الصور لن يراها إلى القليل من المسؤولين المكلفين بذلك”، مشيرة إلى أنها أكدت لهم أن إزالة حجابها هو آخر ما يمكن أن تفعله، وأنه بإمكانها رفع دعوى قضائية ضد هذا الإجبار غير المعلن مسبقا.

إصرار الطالبة كوثر على رفض أخذ صور بدون حجاب، دفع أحد المسؤولين بالشركة المرتبطة بالقنصلية إلى تخييرها بين الحجاب أو الدراسة في فرنسا، موضحة بالقول: “موظفة ردت علي باستفزاز: قومي برفع دعوة قضائية إن استطعت، وبعد أن طلبت منها الوثائق التي تدل على فرض إزالة الحجاب في الصور؟ ارتبكت ونادت على رجل آخر لكي يقنعني، هذا الأخير خاطبني بوضوح: أتفهم مبادئك لكن عليك أن تختاري بين حجابك وفرنسا، وإن لم تزيليه فالملف مرفوض ولن يدرس”.

كوثر الديوري انسحبت من مقر الشركة واتصلت بوالديها، قبل أن تقرر ترك هذه التجربة والتمسك بحجابها، مشيرة إلى أن نفس الشيء حدث مع زميلتها التي كان موعدها مع القنصلية في اليوم ذاته، مردفة بالقول: “أنهيت الاتصال بوالديّ وجلست في الرصيف ودمعي يسيل، يا مغيث أغثني، وقلت لنفسي حينها تيقني أن الله لن يتركك أبدا إن ناديته بإخلاص، هناك تذكرت وقوفي أمامه يوم الحشر ماذا سأقول لربي إن أزلته؟ لم أجد جوابا مقنعا يقيني من هول الموقف، هناك قررت بكل ثقة: لم ولن أزيله أبدا”.

واسترسلت بالقول: “قبل رجوعي لكي أعلن قراري، أردت أن اخبر صديقتي أسماء بهذا الخبر لكي لا تصطدم به وحدها أمامهم بعدي، ناديتها وهي في قاعة الانتظار: بكل أسف يا حبيبتي أجبروني أن أزيل الحجاب، قلت لها سأنتظرك حتى تدخلين، ومن فضله علينا أن يسر لنا الموعد معا لكي نثبت بعضنا، جاء موعدها ودخلت لمراجعة ملفها ثم اخبروها بنفس الخبر، في تلك اللحظات جلسنا وشددنا بيدي بعضنا، قررنا هناك وبيقين تام أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، قمنا وقلنا لهم قررنا أن نسحب ملفاتنا، أظن أننا تركنا لهم درسا لم يعهدوه أبدا”.

والمستغرب في هذا التعامل، تضيف الديوري، هو أن القنصلية هي من لها صلاحية قبول أو رفض ملفات التأشيرة، وليس شركة “TLS Fes” التي تقوم بمهمة تسلم الملفات فقط وإرسالها إلى القنصلية، لافتة إلى أنها كانت تريد تقديم شكاية إلى القنصلية، لكن “TLS Fes” لم تمنحها أي وثيقة تثبت أنها دفعت ملفها، وفق تعبيرها.

الديوري ترى أن ما حز في نفسها هو قبولها رفقة صديقتها في جامعة فرنسية رغم حجابهما، وأدائهما مصاريف الدراسة والإقامة والكراء، في حين يتم منعها من التأشيرة بسبب الحجاب، معتبرة أن ما قامت به شركة “TLS Fes” يُعد تدخلا في الحياة الشخصية للمواطنين، لافتة إلى أن موظفي هذه الشركة يتعاملون مع المرتفقين بعقلية فرنسية، ويخطابون المحجبات بالقول: “اخلعي الحجاب للصور أو انسحبي”.

وأوضحت أن أساتذتها بالمدرسة الوطنية للعليا للفنون والمهن بمكناس، تضامنوا بشكل مذهل معها، وقرروا البحث لها ولزميلتها عن منح دراسية في دول خارج أوروبا، بالنظر إلى مستواهما العلمي الذي مكنهما من احتلال المراتب الأولى بالمؤسسة.

كوثر الديوري التي كانت تتحدث لـ”العمق” دون أي علامات تأثر مما تعرضت له، اعتبرت أن “ما قع كان رسالة من عند الله، مفادها أننا اجتزنا جميع المراحل، وبقيت مرحلة أخير تتمثل في التأشيرة، وهنا أراد الله أن يختبر مبادئنا، فاخترنا الثبات على المبادئ بتوفيق الله”، حسب قولها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *