منتدى العمق

في إعلام العبث

سألني فاعل جمعوي: هل تعتقد أن وسائل الإعلام تنقل حالة العرب بشكل دقيق للعالم ؟ ولعله سؤال تقليدي متجاوز، والأجدر أن يُسأل قبل خمسين عاماً على الأقلّ، لأن التطور الكبير للمؤسسة الإعلامية في العالم، وتنامي ظاهرة السياحة في مختلف بقاع العالم، وازدهار مواقع التواصل الاجتماعي إثر الثورة التكنولوجية الكبيرة والمذهلة التي شهدها العالم في العقود الأخيرة، أدّى إلى تلاشي الحدود السياسة إعلاميا وفكريا، وأصبحنا أمام إعلام عالمي / كوني، قبل أن كنا أمام إعلام قَبَلي وبعده وطني محدود في بقعة جغرافية ضيقة.

ولذلك فالإعلام العربي – بتناقضاته وتشظياته وتعدد أنماطه – يقدم صوراً مختلفة ومتنوعة عن حالة العرب، فلم تعد المؤسسة الإعلامية منحصرة في الإعلام الرسمي للبلاد، والتي يُنفق عليها النظام أموالاً طائلةً قصد خدمة أهدافه الواضحة أو المخفية، بل أصبح المواطن العادي في مواقع التواصل الاجتماعي يلعب دور الإعلامي، ويقدم صورته الخاصة لحالته باعتباره مواطنا عربيا، وبالرغم من قلة الإعلام المعارض وندرته إلا أنه (هو الآخر) يقدم صورته الخاصة؛ وبالتالي فإن الدقة أمر لا يمكننا الحديث عنه في ظل هذا التشظي الواضح والكبير للمؤسسة الإعلامية العربية، ولعل هذا الأمر كفيل بتبرير القولة الشهيرة: ” الإعلام هو فنّ صناعة الخداع “.

ومع تركيز بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة على جانب الربح، تفوقَ الجانب التجاري على الجانب المهني الصِّرف، والمتمثل في البحث عن الحقيقة وقولها للرأي العام (الحَكَم)، وبالتالي أصبحت النتيجة هي تقديم الواقع على شكل مسرحية من مسرحيات تيار العبث (اللامعقول)؛ فالعرض مبهمٌ، والمتلقي لا يستوعب شيئاً.

* طالب باحث من المغرب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *