وجهة نظر

حالنا هنا بكلميم واد نون

اعجب لسكان مدينتنا واقليمنا وجهتنا وحضورهم المنقطع النظير للحفلات والرقصات ومهرجانات البذخ والتبذير بدون عائد ،وعلى أنغام وأد نسمات التغيير والديموقراطية في توقيف مجلس جهة منتخب _بعلاته وزلاته-وتحت الصدمات المتتالية لواقع حال المستشفيات المتعفنة والمشاريع المتوقفة والمدارس والمعاهد المفقودة.

وما يصدم أكثر هو أن جل الحضور شباب ومنهم المتلعمون الذين لن توقفهم أثناء المناقشة والجدال بخصوص واقع الحال وضرورة التدافع والترافع من أجل التغيير ووقف نزيف هدر المال العام في ما لا يفيد.

أستحيي عندما أُسأل عن مميزات منطقتنا وما تزخر به من أشكال وأنماط ومآثر تاريخية وأرصدة ثقافية،وأول ما أجابه به في أنحاء البلاد من تمثلات وقناعات تكونت لدى الناس هو أن جهتنا وخصوصا مدينة كلميم هي مرتع للفساد وبقرة حلوب لمن هب ودب لا تُذكر في الإعلام الوطني والدولي إلا في جناح الفضائح والكوارث الطبيعية والبشرية.

نعم نحن الجهة الاولى في معدل البطالة ونحن الجهة الوحيدة التي يسيرها مجلس غير منتخب ونحن الجهة التي لا تكاد ترى مشاريع لتشغيل الشباب فيها …

منشآت بالمليارات، سمعنا انها بمعايير دولية وسمعنا كذلك انها لم تُسلّم الى الآن بعد سنوات من بدأ الإشتغال عليها بل أصبحت أجزاء منها مساكن للكلاب الضالة.

كل يوم ومنذ سنين تُنشر مقالات عن ميزانية الانعاش والمتنعمين من اداريين ومنتخبين منها،والأمر لا يتعلق بدريهمات بل بأرقام خيالية لا ندري من المسؤول عن صرفها ولا من يستفيد ولا من يتدخل لتسجيل شخص دون آخر ولا معايير الاختيار ،في ضرب واضح للشفافية وحق الشعب في المعلومة…ولعل وقفات المعطلين من حملة الشواهد العليا ومعهم المعاقين والأرامل واليتامى..لخير دليل على تخبط القطاع وحاجته للإصلاح.

اذا تحدثت عن السكن وتوسع المدن لإعطاء فرصة للمواطن من اجل منزل لائق وأقل تكلفة جوبهت بلوبي العقار الذي ماطل ولا يزال من أجل تثمين وبيع أملاكه كيف وبما شاء .

واذا دخلت غمار العمل الجمعوي من أجل توعية الشباب ومساعدة المحتاجين ونشر ثقافة البذل والعطاء فعليك بجيبك وجيوب الخيرين ولا تعوّل على دعم أو مساندة رسمية بل بيروقراطية وسيرواجي مادمت غير محسوب على تيار من تيارات التحكم والريع.

إن المآثر والمنشآت التاريخية -التي تشهد على عظمة اجدادنا وانخراطهم في بناء الانسان و تشييد العمران- تركت لحال سبيلها فلا إكودار (جمع اكادير وأكويدير) رممت ولا المساجد أصلحت ولا والقصور والسواقي (الخطارات) والطرقات أعيد لها الاعتبار،من كلميم وافران والنواحي الى افني والاخصاص والجوار ثم آسا والزاك والطنطان.

حال شباب جهتنا اليوم لا يمكن ان نحسد عليه رغم بعض الصحوة والمبادرات و النجاحات هنا وهناك ،الا ان المتتبع لابد ان يسجل زيادة في تعاطي المسكرات والمخدرات وتطور اساليب الاجرام وبشاعتها وتدني مستوى الاحترام والتحضر،ولا جدال في أن السبب هو نذرة المؤسسات والبرامج المختصة لاحتضانهم وتوجيههم وصقل مواهبهم نظرا لاشتغال المسؤولين بجمع المال وتكديس الثروة والجاه، وتقاعس المثقفين وانعزالهم واستمرارهم في لعن الظلام، مما اعطى الفرصة لاصدقاء السوء والمجرمين وأباطرة المخدرات والمتطرفين لملء الفراغ واللعب بفكر وعقول فلذات الاكباد من أجل المال والمتعة والخرافة.

إننا اليوم أمام مرحلة دقيقة ومفصلية تحاول فيها قوى الردة والنكوص العودة الى المشهد وحلحلة ما يثار من شبهات حولها في الدوائر الرسمية بالطرق المعتادة اولا ثم بتلميع وتحسين صورتها الملطخة بالتقرب والتودد وسياسة الجزرة بالمهرجانات والكارطيات والضحك على الذقون بمساعدة الأقلام المأجورة والصحف الصفراء الخنوعة وبإسكات الأصوات الحرة بشتى السبل والوسائل.

لعلنا اليوم في أمسِّ الحاجة مما مضى الى تكاثف الجهود من مفكرين ومثقفين وجمعويين وسياسيين ورياضيين بدون ضرب ولاجرح وبدون اقصاء ولا عزل من أجل اعادة الاعتبار للمنطقة عموما عن طريق لمّة واحدة تكون مهمتها رسم خارطة طريق محددة الأهداف والوسائل والمدد لإخراج الجهة من ويلات الجهل والتشرذم ،وانا على يقين أن الفكرة تجول في أذهان الكثيرين إلا ان الحال لم يسعف لإخراجها للوجود وبما الأوان قد حان والكأس قد فاض فإن أي تأخر سيكلف غاليا، وسيُؤتى على تبقى من الإخضرار أما اليابس فقد ضاع.

كان الله في عون بلداتنا من اللاتنمية وفي عون الغيورين عليها من الاختلاف التفرقة وفي عون شبابها من الادمان والمستقبل المبهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *