وجهة نظر

البطنة والفطنة وخطاب الملك.. !؟

صادف عيد الأضحى لهذه السنة (2018)، الذكرى 65 لثورة الملك والشعب بالمغرب… وهي المناسبة التي خصها الملك محمد السادس بخطابٍ بَشرَ فيه الشعب المغربي بثورةٍ جديدة.

إن “بلادَنا على أبوابِ ثورةٍ جديدة”؛ يقولُ الملك… وإن أمرَ هذه الثورة الجديدة “يتعلق بتطبيقِ الجهويةِ المتقدمة”، في سياقِ اللاتمركز الإداريوتفعيلِ بعضِ مقتضيات دستور 2011.

سوف أكتفي بخصوصِ ملفوظِ هذا الخطاب بهذه العباراتِ القليلةِ التي وُضعتْ بين مزدوجتين، سيما وأن إعلامنا العمومي قد شرعَ في إنجازِ البرامجِ الحوارية المعلومة على أرضيةِ الخطاب، حتى قبل أنْ ينهي الملك خطابه…!

وهذا الأمر، بقدرِ ما سرني في إطارِ جاهزيةِ إعلامنا لمواكبةِ الحدث، بقدرِ ما أخافني في سياقِ ما أعرفه عن آفاتِ التطبيل، أو ما نعرفه جميعاً عن حكايةِ “البطنة التي تذهب الفطنة”…!

جميلٌ أنْ يُفتحَ هذا النقاش على ضوءِ خطابِ الملك وهذه “الثورة الجديدة” المبشرِ بها، وعلى نطاقٍ أوسع… أما فيما يتعلقُ بإعلامنا العمومي، فقد حان الوقت تزامناً مع هذا الحدث، بأن يغادرَ الأستديوهات نحو مواقعِ تواجدِ كل الناس وصوبَ مختلفِ القوى الحيةِ والكادحةِ في أعماقِ الأريافِ وأحياءِ المراكزِ الحضاريةِ ودواويرِ الجماعات وأقاليمِ الجهات،مستجوباً ومحاوراً الناس، مسائلاً ومصوراً الواقع كما هو، هنا وهناك…

إن برنامجاً مباشراً يومياً مثلاً، ينجزُ ويصورُ بأحياء المدنِ وبالدواوير ومختلفِ مناطقِ مغربنا العميق، يحاورُ فيه الإعلامَ الوطني شرائحَ وقوى المجتمعِ المختلفة، في أمورِ مسؤولياتِ المنتخبين والمنتخبات، في القضايا التي تندرجُ ضمن مهامِ المجالسِ المنتخبةِ والحكومةِ والسلطاتِ والمواطنِ عموماً، وفي شؤونِ البطالةِ والفسادِ والكهرباءِ والماءِ والطرقِ وغيرها… إن برنامجاً أو أكثر من هذا القبيل، لأحسن بكثير من قرفِ أحاديثِالأستديوهات والوجوهِ المألوفةِ والمصنوعةِ وغيرها… ومما لا شك فيه، أن الحرية والكفاءة والصدق مواصفاتٌ مطلوبةٌ في برامج من هذه الطينة البناءة.

ماذا، لو كنتَ مسؤولاً أو كنتِ مسؤولة؟ عنوانٌ قد يصلحُ لمثل هذه البرامجِ المباشرةِ الحية… قد يصلحُ لتعريةِ الكثير من مواقعِ الفسادِ والاستهتارِ والكذبِ وسوءِ الفهمِ في واقعِ الناسِ الملموس… وقد يصلحُ للتحسيسِ والتوعيةِ والتعبئةِ البشريةِ والوطنيةِ أيضاً…

وإن هذا، لا يعني أبداً الاستغناءَ عن برامجِ النقاشِ والحوار، المُحَضرةِ جدياً وأدبياً وعلمياً، والمفتوحةِ في وجه المختصين حقيقةً وكل أراء المجتمعِ المختلفة، بعيداً عن الإخوانياتِ والحميميات والرياء، وعن التمييعِ والضحالةِ والإقصاء…

أضعُ فكرةَ “برامج القرب” والتفاعلِ مع الواقعِ المغربي الحي هذه، بين يدي قنواتنا الثلاث المحسوبةِ على الدولة، لعلها تفيد… وإنني أحلم!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *