مجتمع

معاناة الجالية.. ميناء المتوسط يقر بالتقصير ونشطاء يطالبون بالمحاسبة

أقرت إدارة ميناء طنجة المتوسط للمسافرين، بكشل ضمني، بوجود تقصير في تدبير عملية عودة أفراد الجالية إلى بلدانهم، معلنة تصنيف الأسبوع المنصرم من 27 غشت إلى 2 شتنبر الجاري، ضمن “الخانة السوداء” بقائمة الترميز الخاصة بتوقعات عملية العبور 2018، مشيرة إلى أن الميناء سجل حركة استثنائية في تاريخه بعدما ارتفعت نسبة عبور المسافرين والسيارات إلى 202 بالمائة.

واعترفت إدارة الميناء أن الاكتظاظ الشديد داخل وخارج الميناء، تسبب في تشكيل طوابير طويلة من السيارات على امتداد كيلومترات بالطريق الوطنية والطريق السيار المؤدية إلى الميناء، فيما طالب نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بتدخل الحكومة وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك من أجل محاسبة المسؤولين عن معاناة الجالية في الميناء، معتبرين أن المشاهد التي توثق لأفراد الجالية وهو يفترشون الطرقات لأزيد من 20 ساعة من أجل انتظار موعدهم لركوب البواخر، هي “مشاهد تدين إدارة الميناء والوزارة الوصية وتسيء إلى صورة البلاد”.

يأتي ذلك بعدما عاش الآلاف من المغاربة المقيمين بالخارج، الأسبوع المنصرم، ساعات عصيبة أثناء عودتهم إلى بلدان الإقامة عبر الميناء المتوسطي، وذلك بسبب الاكتظاظ غير المسبوق و”الاختناق المروري” داخل الميناء وفي كل المنافذ الطرقية المؤدية إليه، الأمر الذي اضطرت معه المئات من الأسر إلى افتراش الأرض وانتظار دورها لدخول بوابة الميناء، فيما حددت إدارة الميناء ساعات الانتظار في 18 ساعة على الأقل.

اكتظاظ غير مسبوق

وأوضحت إدارة الميناء في بلاغ لها، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أنها سجلت عبور 56 ألف و955 عربة و275 ألف و139 مسافرا خلال الأسبوع الماضي، بارتفاع عام قدر بـ190 في المائة، و202 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من سنة 2017، مرجعة السبب في تزامن عيد الأضحى مع نهاية العطلة الصيفية وبداية الدخول المدرسي.

وأضافت أنه خلال مرحلة العودة من عملية “مرحبا” التي انطلقت منذ 5 يونيو المنصرم إلى غاية 2 شتنبر الجاري، سجل الميناء مغادرة 678 ألف و783 مسافرا و181 ألف و962 عربة، بنسبة ارتفاع بلغت 45 في المائة، و20 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة الماضية، غير أن حركة النقل أصبحت سلسة منذ أول أمس الأحد، مع مدة عبور لا تتجاوز الساعتين، وفق البلاغ.

وأشارت إدارة الميناء إلى أن نفاذ التذاكر الذي طال مختلف نقط العبور البحرية والبرية نحو أوروبا، تسبب في توجيه السيارات نحو ميناء طنجة المتوسط، الشيء الذي تسبب في ازدحام بالطريق الوطنية 16 المحاذية للميناء، وعلى مستوى الطريق السيار الرابط بين مدينة طنجة والميناء على مدى عدة كيلومترات.

وكشف البلاغ أن سلطات الميناء وضعت “مخططا عاجلا بهدف معالجة صفوف الانتظار التي تشكلت خارج الميناء، واستيعاب هذا التوافد غير الاعتيادي، كما تم التكفل ومواكبة كافة المسافرين المتواجدين داخل باحات الميناء طيلة ساعات الانتظار، عبر توزيع قنينات الماء والخبز وتقوية المرافق الصحية والرعاية الطبية”.

واعتبر الميناء أنه بالرغم من التوافد الكثيف على مناطق ما قبل الإركاب، فقد تمت معالجة عملية رسو البواخر “في ظروف جيدة”، في حين تم تحقيق رقم قياسي في عدد الرحلات البرية ليوم 29 غشت المنصرم بـ 48 رحلة، لافتا إلى أن ذلك تحقق بالرغم من الطاقة الاستيعابية المحدودة لميناء الجزيرة الخضراء الإسباني.

تفعيل نظام تبادل التذاكر بين شركات الملاحة البحرية سلفا، مكن من معالجة تدفق السيارات حسب ساعة وصولها إلى الميناء، يضيف بلاغ الإدارة، مشددا على أن عملية العبور بالميناء جرت بالتنسيق مع مؤسسة محمد الخامس للتضامن على مدار 24 ساعة طيلة الأسبوع المنصرم، من أجل معالجة هذه الظروف غير الاعتيادية، مشيرة إلى أن عملية عودة الجالية مستمرة إلى غاية 15 شتنبر الجاري.

معاناة وغضب

وعاشت موانئ ومعابر مدن الشمال، اختناقا حادا بسبب الإقبال الكبير عليها من طرف أفراد الجالية المغربية العائدين إلى بلدان الإقامة، حيث سجل الأسبوع الماضي حركية استئنائية في عدد المسافرين الذين عبروا موانئ طنجة المتوسط، وطنجة المدينة، وسبتة المحتلة.

وشهدت الطريق الرابطة بين مدينة طنجة والميناء المتوسطي اختناقا مروريا حادا امتد لكيلومترات طويلة، بسبب التدفق الكبير للسيارات في اتجاه الميناء، وهو ما أدى إلى امتلاء كافة نقط العبور البحرية والبرية من طنجة في اتجاه القارة الأوروبية، فيما تجاوزت مدة انتظار المسافرين لدورهم في الإركاب 18 ساعات بالميناء المتوسط.

كما عاينت جريدة “العمق” “اختناقا مروريا” على مستوى المعبر الحدودي باب سبتة بسبب امتلاء المنفذ الطرقي المؤدي إلى المدينة المحتلة بسيارات المسافرين، وهو ما أدى إلى توقف حركة السير من مدينة الفنيدق إلى معبر باب سبتة مع طوابير طويلة من السيارات ظلت متوقفة لساعات، حيث بقيت حركة السيارات بطيئة.

وأدى التدفق الكبير لأفراد الجالية على موانئ ونقط العبور بالشمال، إلى تكدس السيارات في طوابير طويلة على الطرقات المؤدية للموانئ والمعابر، اضطر معها المسافرون إلى النزول من سياراتهم لساعات في انتظار تحرك السيارات، فيما عبر عدد منهم عن غضبهم واحتجاجهم من استمرار هذا الوضع لساعات خاصة في ظل الحرارة ووجود أطفال ومسنين ومرضى معهم، كما عاينت “العمق” إطلاق منبهات السيارات بقوة تعبيرا عن الغضب.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، صور ومقاطع فيديو توثق معاناة المسافرين على الطرقات وتحت حرارة الشمس المفرطة وفي غياب المرافق الصحية، خاصة على مستوى الطريق المؤدية إلى الميناء المتوسطي، في حين اعتبر بعض المسافرين لجريدة “العمق”، أن هناك أسباب أخرى تؤدي إلى هذا الوضع إضافة إلى التدفق الكبير للمسافرين، على رأسها “الارتباك” في عملية رسو الباخرات، ما يجعل عددا منها يظل متوقفا في مياه الميناء في انتظار رسوه في المكان المخصص له، مطالبين سلطات الحدود بطنجة وسبتة وإسبانيا بتسهيل الإجراءات الإدارية على مستوى المعابر لمرور الجالية بسلاسة.

نداء واعتذار الوزير

الاكتظاظ غير المسبوق بميناء طنجة المتوسط، دفع كاتب الدولة المكلف بالنقل محمد بوليف، إلى توجيه نداء خاص للمسافرين عبر ميناء طنجة المتوسط أو طنجة المدينة، ملتمسا منهم البقاء والاستراحة في باحات الاستراحة أو المحطات بالطريق السيار، لكون جميع المنافذ للميناءين ممتلئة، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل جاهدة لكي يعبر الجميع نحو الضفة الشمالية.

وأوضح الوزير أن فترة انتظار الكثير من المسافرين طالت نظرا للعدد الهائل من مغاربة العالم وغيرهم الذين يوجدون بالطريق نحو ميناءي طنجة المدينة وطنجة المتوسط، موجها نداءً إلى “الذين لم يغادروا منازلهم بعد أن يتابعوا المعطيات المرتبطة بمستوى الاكتظاظ لكي يقرروا توقيت انطلاقهم”.

وأضاف في تدوينة له: “بسبب هذا العدد الهائل، نجتهد من جهتنا لإيجاد حلول، ومنها باخرة إضافية، وهو ما تم، لكن هناك صعوبة في الجانب الشمالي لمسايرة هذا الوضع الاستثنائي”، لافتا إلى أن فرق الوزارة عقدت لقاء طارئا مع الجانب الإسباني لإيجاد حلول سريعة وآنية لتقليل وقت الانتظار في الموانئ، مردفا بالقول: “نعتذر لكل الذين يعيشون ظروفا صعبة خلال فترة رجوعهم، والتي يعلم الجميع أنها استثنائية، ونعمل ما بوسعنا لتيسير سفرهم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *