مركز: اعتماد الدارجة في المقررات قرار “ملغوم” وتمييع للمعرفة
وصف المركز المغربي لحقوق الإنسان اعتماد وزارة التعليم لمصطلحات عامية في المقررات الدراسية بالقرار “الدخيل” و”الملغوم”، وأنه يضرب قواعد التعلم ويعبث بالمعرفة اللغوية ويصيبها في الصميم، كما اعتبره” “تمييع للمعرفة اللغوية لدى النشء”.
وهاجم المركز الحقوقي الخطوة التي أثارت نقاشا واسعا بالتزامن مع الدخول المدرسي الجديد، واعتبر في بيان صادر عن مكتبه الوطني توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن هذه الخطوة “تركت وقعا خطيرا على الأطر التربوية وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والنخب المغربية خاصة، وعلى الرأي العام المغربي عامة.
وشدد على أن استعمال ألفاظ دارجة في مقررات التعليم الأساسي، وإدراج عبارات توحي إلى سلوكيات حميمية مبادرة غير صائبة، تحمل في طياتها نزوعا نحو تمييع المعرفة اللغوية لدى النشئ، ونشر ثقافة اللاعفة في صفوف التلاميذ، مما قد يرقى إلى محاولة تخريب قيم المجتمع ونشر الميوعة والانحلال الخلقييين، فضلا عن بواعث السخرية والتهكم التي واكبت المبادرة، على حد وصفه.
وقال المركز “إن إقدام وزارة التربية الوطنية والتعليم والعالي وتكوين الأطر على هذه الخطوة تصرف غير مفهوم، خاصة وأن أصواتا من داخل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أكدت أن الهندسة اللغوية التي تضمنتها رؤية إصلاح التعليم لا تتضمن على الإطلاق استعمال الدارجة، مما يطرح سؤالا حول الجهة التي تتحكم في اتخاذ قرارات مصيرية، خارج المؤسسات الدستورية والديمقراطية مثل هكذا قرار”.
واستنكرت الهيئة الحقوقية في بيانها القرار التي قالت عنه أنه “دخيل” و”ملغوم”، وأنه “يعكس منحى خطيرا يتسم بالتسيب والفوضى في تنفيذ خطة إصلاح فاشلة من بدايتها”، كما طالب وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بإيقاف العمل بالمقررات الحالية، واعتماد المقررات السابقة، إلى حين إعادة الملف إلى المجلس الأعلى للتعليم، للنظر في الموضوع وبلورة تصور يتلاءم ومتطلبات الإصلاح المنشود، الذي يراعي إرادة الشعب المغربي وطموحاته في الإصلاح.
إلى ذلك، تساءل عما وصفه بـ “غياب الديمقراطية التشاركية في مثل هذه القرارات المصيرية، وعن السر في إقصاء خبراء تربويين، يزخر بهم المغرب، ولهم باع طويل في مجال التربية والتكوين والتأطير”، كما عبر في الوقت ذاته عن رفضه لـ”الإملاءات الصادرة عن أية جهة، تتنافى ومقتضيات الدستور الواضحة في هذا الشأن”.
وقال المركز المغربي لحقوق الإنسان “إن الدارجة المغربية تتخذ أشكالا متعددة في مختلف المناطق والجهات، كما أن المغرب يزخر باللهجات المروية زخرا، مما يحتاج إلى اهتمام تراثي وثقافي، وهذا لن يتأتى بتمييع مقررات التعليم الأساسي بعبارات دارجة يطلع عليها الطفل المغربي ويعرفها منذ نعومة أظافره، حيث أن لغة التعليم لغة مكتوبة، لها ضوابط وقواعد محددة، تستلزم التعلم والتمكن، وهذا هو دور المدرسة والمدرس”.
واعتبر أن فرض عبارات دارجة على المدرس، لإلقائها على تلاميذه، خاصة وأنه ملزم بإعادتها مرات عديدة على مسامعهم، قد تمس بشخصيته الاعتبارية أمام تلامذته، ويصبح موضع سخرية، مما يعتبر مسا بكرامة الأستاذ وإهانة لوضعه الاعتباري ولهيبته داخل القسم.
وختم المركز الحقوقي بيانه بدعوته الأطر التربوية وجمعيات آباء وأولياء التلاميذ، والمجتمع المدني بصرورة التعبئة، للتصدي للسياسات الخاطئة، التي تروم تخريب القدرات المعرفية والقيم الاخلاقية للنشء، على حد تعبيره.
اترك تعليقاً