المغرب العميق، مجتمع

روبورطاج : معاناة تلاميذ أزيلال .. محن بسبب المنح

ليس من الضروري في شيء أن تكون من سكان منطقة دمنات، لتكتشف حجم معاناة تلميذات وتلاميذ ينحدرون من المناطق الجبلية المجاورة، يفترشون الأرض لساعات طوال أمام الإعداديات والثانويات في انتظار ساعة دخولهم إلى الحجرات الدراسية، بسبب بعد مقرات سكناهم بعشرات الكيلومترات واستحالة ولوجهم إلى الأقسام الداخلية.

تبدأ معاناة هذه الفئة من التلاميذ مباشرة بعد إحاطة أبائهم علما بغياب أسماء أبنائهم ضمن لوائح الممنوحين، ليضطر الآباء للتنقل بين المؤسسات لعلهم يجدون مقعدا لأبنائهم في مؤسسات يختارونها، حيث يشكل القرب من مقر إقامة أحد الأقارب العامل الرئيس في الاختيار.

محن في غياب المنح

عمر مواطن ينحدر من جماعة سيدي يعقوب ضواحي دمنات، قال في تصريح لجريدة “العمق”، إنه اضطر للبحث عن مؤسسة بديلة عن تلك التي فرضت على ابنه بالرغم من عدم توفرها على القسم الداخلي، مشيرا أن ذلك كلفه حرمان ابنه لما يزيد عن أسبوعين من الدراسة.

وأشار في التصريح ذاته إلى أن غياب القسم الداخلي وتعقيد مسطرة الانتقال جعلته يفكر أكثر من مرة في وضع نهاية للمسار الدراسي لابنه، قبل ان يتوسط له أحد الأشخاص لدى مدير مؤسسة وسط دمنات الذي مكنه في النهاية من تسجيل ابنه فيها.

عمر نموذج لعدد كبير من الآباء الذين يبحثون في كل الاتجاهات ويطرقون أبوابا عدة قصد تمكين أبنائهم من متابعة الدراسة والحيلولة دون مغادرتها في سن مبكرة.

مواطن اخر ينحدر من جماعة تفني بأزيلال، اختار أن ينقل معاناته للمسؤولين عبر جريدة العمق، مستغربا الطريقة التي توزع بها المنح على أبناء المنطقة، مشيرا إلى ان الولاءات السياسية هي التي تتحكم فيها، وأضاف أن معظم تلاميذ وتلميذات الجماعة ينحدرون من أسر فقيرة وإن لم تتدخل الجهات المعنية فسيكون مصير أبنائنا وبناتنا هو الانقطاع النهائي عن الدراسة.

مطالبة بالتدخل

عمر الكتي، ناشط جمعوي، أشار في تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن عددا كبيرا من المتعلمين الحاصلين على شهادة نهاية الدروس الابتدائية والمنحدرين من دواوير جماعة تفني، يواجهون المجهول ومهددون بالانقطاع عن الدراسة بسبب عدم استفادتهم من المنحة التي يمكن أن تخفف عن آبائهم بعض مصاريف متابعة الدراسة.

وأوضح أن معاناة هذه الفئة تشكك في توفر الإرادة الصادقة لدى الجهات المختصة لترجمة الخطابات الرسمية الرامية لتشجيع أطفال العالم القروي على التمدرس وخصوصا الفتاة القروية، وفق تعبيره.

وأضاف أن هناك محاولات لاحتواء المشكل تقوم بها جهات لم يذكرها بالاسم، والتي تهدف إلى توفير سيارتين للنقل المدرسي، إلا أنها، بحسب ماصرح به، لا تشكل الحل الأنسب لهؤلاء التلاميذ بسبب بعد دواويرهم بعشرات الكيلومترات عن المؤسسات الإعدادية والثانوية وبسبب وعورة المسالك الطرقية المؤدية إلى هذه الدواوير، مطالبا الجهات المعنية بتوفير القسم الداخلي لهؤلاء التلاميذ والتلميذات أو دمجهم في دور الطالب.

من جانبه، أشار محمد التادوسي، ناشط جمعوي بجماعة واولى بأزيلال إلى معاناة أبناء منطقته بعد نجاحهم من السلك الابتدائي، مشيرا إلى أنهم يفاجئون بعدم ورود أسمائهم ضمن المستفيدين من المنح الدراسية، مما يدفعهم إلى مغادرة جماعية لمقاعد الدراسة ويتوجهون مباشرة إلى العمل في سن لا يسمح بتشغيل الأطفال بحسب القانون المغربي.

وأوضح المتحدث ضمن تصريحه لجريدة “العمق”، أن معظم هؤلاء التلاميذ ينحدرون من أسر معوزة يصعب عليها كراء سكن لأبنائهم وسط مدينة دمنات، وإن حدث وتمكن بعضهم من كرائه فإن الأبناء لا يستطيعون التوفيق بين متطلبات الدراسة والقيام بشؤون البيت، داعيا مسؤولي جماعة واولى إلى المشاركة في إيجاد حل جذري لمعاناة هؤلاء التلاميذ.

محاولات لاحتواء المشكل

في المقابل، قال رئيس جماعة تفني في تصريح لجريدة “العمق”، إن الجماعة تعمل بتنسيق مع مختلف المصالح المعنية بقطاع التعليم لايجاد الحل الأنسب لتمكين متعلمي الجماعة من متابعة دراستهم بالسلكين الإعدادي والثانوي، وأضاف أن الجماعة ستشرع في إصلاح الطرق المؤدية إلى بعض الدواوير لإعطاء انطلاقة لسيارتين ستخصصان لنقل المتعلمات والمتعلمين إلى مؤسساتهم.

كما أشار مصدر من مديرية التعليم بأزيلال، بعد عدم تمكننا من ربط الاتصال برئيس مصلحة الشؤون التربوية بمديرية التعليم بأزيلال المكلف بملف المنح الدراسية، إلى أن مصالح المديرية تسابق الزمن من اجل احتواء كل الحالات غير الممنوحة بالاقليم من خلال عقد اجتماعات يومية بمقرات مختلف دوائر الإقليم، بهدف إيجاد حلول آنية للمتعلمين سواء عن طريق توفير وسائل النقل أو ضمان مكان بدور الطالب، خصوصا أن الأقسام الداخلية بالإقليم ممتلئة بالكامل، وفق تعبيره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *