أدب وفنون

من باميان إلى تدمر .. معرض في سلا ينقل الزائر إلى قلب التراث العالمي

تحتضن مدينة سلا على مدى شهر ونصف، معرضا فريدا يهتم بالتعريف بالثرات العالمي، وهو المعرض الذي تحتضن فعالياته مبنى الوكالة لتهيئة ضفتي نهر أبي رقراق في الفترة الممتدة بين 30 أكتوبر و14 دجنبر المقبل، وذلك تحت عنوان “مواقع خالدة من باميان إلى تدمر .. رحلة إلى قلب مواقع التراث العالمي”.

وتم أمس الأربعاء افتتاح فعاليات المعرض بحضور وزير الثقافة والاتصال محمد الأعرج، والذي اعتبر في كلمة بالمناسبة أن المعرض دليل على الاهتمام الذي يوليه الملك لحماية التراث الثقافي والتراث المادي واللامادي، مرحبا في تصريح للصحافة، بأهمية هذا الحدث الثقافي الذي يسلط الضوء على المعالم التاريخية والمواقع الأثرية التي تحتل مكانا متميزا ضمن التراث العالمي.

وأبرز الأعرج أن هناك رعاية ملكية لهذا التراث العالمي الانساني باعتباره تراثا مشتركا يقوم على مجموعة من المبادئ والمرتكزات المتمثلة في التعايش والتسامح، مضيفا أن هذه التظاهرة تأتي في سياق محاربة التطرف والارهاب الذي يستهدف تدمير هذا التراث الثقافي العالمي الانساني خصوصا ما شهدته العراق وسوريا.

وأفاد الوزير بأن هناك “مرتكزات للمملكة في حماية الموروث الثقافي من خلال تواجد المغرب في منظمة التربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وهذا يندرج ضمن تحمل المسؤولية خصوصا في حماية هذا الموروث الثقافي العالمي الانساني”.

من جانبها، أكدت مديرة الوثائق الملكية بهيجة سيمو، أن “هذا المعرض يسائلنا على وجه الخصوص حول أهمية المواقع الأثرية في المغرب وأماكن أخرى ويدعو إلى ترميم هذا التراث المشترك بين البشرية”، مضيفة أنه  “وراء الحجارة والآثار التي تحكي عن عبور القرون، تظهر لنا المواقع الأثرية عبقرية الإنسان وتاريخ الإنسانية”.

وأكدت سيمو خلال ندوة صحفية لتقديم هذا المعرض أن احتضان هذه التظاهرة بالمغرب يحمل أكثر من دلالة، حيث يعتبر دعوة للتمسك بالقيم الراسخة والمتوارثة في المغرب جيلا بعد جيل كالتسامح والانفتاح والتعايش والمثاقفة بين شعوب الأمم والحضارات المختلفة.

وأضافت أن هذه التظاهرة تعتبر محطة للمساءلة حول إعادة التفكير في التراث المغربي وصيانته باعتباره جزءً لا يتجزء من التراث العالمي، مشيرة إلى أن المغرب غني بالمواقع الأركيولوجية الخالدة والتي قليلا ما توجد مثلها في أماكن أخرى.

كما أن هذا المعرض، تضيف بهيجة السيمو، يمثل دعوة للتأمل في هذا التخريب الذي يسود التراث الكوني سواء عن طريق الحروب والصراعات أو بفعل الانسان حيث هناك شبكة للبيع والمتاجرة في التحف بطرق غير شرعية.

وتابعت أن المعرض “يدعونا إلى اكتشاف وإعادة اكتشاف روائع المواقع الأثرية الأركيولوجية المتواجدة اليوم في مناطق النزاع، وباميان، وخورسباد، وتدمر، والمسجد الأموي بدمشق وقلعة الحصن، وهي مواقع للتراث العالمي بافغانستان والشرق الأوسط”.

وأفادت بأنه تمت اضافة إلى هذه المواقع الخالدة تحف من التراث المعماري المغربي المنتمي إلى مواقع عاصرت أزمنة هذه الحواضر المذكورة مثل وليلي وبناصة وشالة وجامع القرويين، وفي ذلك، تضيف مديرة الوثائق الملكية، دعوة الزائر للاطلاع على الحقب نفسها في فضاءات مختلفة كالغرب الاسلامي والشرق الأقصى.

كما سيقف الزائر، تضيف سيمو، على تحف عاصرت أزمنة هذه المواقع لتكون دليلا على مظاهر التلاقح الثقافي بين الغرب الاسلامي والشرق الأقصى من جهة وبين الحضارات المسيحية والاسلامية وامتدادات تأثيرها من جهة ثانية.

وفي سياق آخر، قال مدير متحف اللوفر جان لوك مارتينيز، إن معرض “مواقع خالدة” يعكس الاهتمام المشترك بين المغرب وفرنسا حيال الحفاظ على تراث الإنسانية وتعزيز حوار الثقافات.

وقال مارتينيز في كلمة له تضمنها الكتاب التعريفي للمعرض “إن هذا الأخير يربط بين الماضي والحاضر، والحقيقي بما هو افتراضي، ويعد بالنسبة لنا جميعا فرصة لاستكشاف هذه المواقع الأثرية الرائعة والمساهمة في التوعية بالمخاطر التي تحدق بها”.

ويستحضر المعرض، المنظم تحت رعاية الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أربعة مواقع ذات دلالات عميقة (خورسباد، وتدمر، والجامع الكبير بدمشق، وقلعة الحصن)، كما أضيفت إلى هذه المواقع الخالدة تحف من التراث المعماري المغربي.

ويتيح المعرض الذي تشرف عليه مديرية الوثائق الملكية ومتحف اللوفر ومجموعة المتاحف الوطنية- القصر الكبير بباريس، بدعم من اليونسكو، للزوار الإطلاع على هذه الحواضر المذكورة مثل وليلي وبناصة وجامع القرويين، لتكون دليلا على مظاهر التلاقح الثقافي بين الحضارات المسيحية والإسلامية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *