سياسة

خبراء يدعون بمراكش للتصالح مع الطبيعة والتصدي لسرعة التوسع العمراني

شدد متدخلون في ورشات قمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بإفريقيا، التي تحتضنها مدينة مراكش منذ الثلاثاء الماضي، على ضرورة التصدي للوتيرة السريعة للتوسع العمراني في المدن الإفريقية على حساب المناطق الفلاحية، ودعوا إلى “التصالح مع الطبيعة”، وإيقاف “تهديد تحويل المدن إلى فضاءات غير ملائمة للعيش”.

كما أكد مجموعة من الخبراء أن التخطيط والتدبير الحضري يشكلان تحديا تنمويا رئيسيا لإفريقيا، التي من المتوقع أن تشهد أسرع معدل للنمو الحضري في العالم بحلول 2050.

وقال ممثل مدينة جوهونسبوغ بجنوب إفريقيا فالنسيا نتومي كومالو، في مداخلة له في الورشة التي ناقشت موضوع “من أجل تجاوز مشكل فقدان الفضاءات الخضراء في المجال الحضري بإفريقيا”، إن الإفراط في التعمير أضحى يلقي بظلاله على رفاهية سكان المدن الإفريقية، ما يخلق إشكاليات معقدة، مؤكدا على ضرورة وضع سياسات واضحة المعالم من أجل التصدي لهذه الظاهرة.

وأضاف كومالو أن حلولا منسقة على كافة المستويات أضحت حاجة ضرورية من أجل تحقيق تنمية شاملة ، تتيح الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتضع “الرفاهية البيئية” للمواطن الإفريقي في صلب الانشغالات.

عمدة مدينة الرباط محمد الصديقي من جانبه، اعتبر أن الأمر يتعلق فعلا بمشكل يمس مجموع القارة الإفريقية، مبرزا الأهمية القصوى التي تكتسيها الفضاءات الخضراء في المدن، كما استعرض تجربة مدينة الرباط التي تندرج ضمن المدن الخمس الأكثر خضرة في العالم، مشيرا إلى أن عاصمة المغرب على استعداد لتقاسم تجربتها وخبرتها مع المدن الإفريقية، ومؤكدا أن البعد البيئي والإيكولوجي للرباط تعزز بتدشين منتزه الحسن الثاني بقلب المدينة وليس بمحيطها.

من جهته، حذر الباحث في جامعة كاب كوست بغانا كولان أدجي منصح، من تقليص دائرة المساحات الخضراء والتدمير الهائل للأشجار بسبب العامل الديمغرافي، معربا عن أسفه لكون المساحة الخضراء المخصصة لكل مواطن في بعض البلدان الإفريقية لا تتجاوز متر مربع فقط.

وقال إن ضغوط التوسع الحضري تستدعي التزاما لا لبس فيه من الجميع، وحوارا صريحا مبنيا على الإجماع، والانخراط الفعال للمواطن في أي مسلسل لاتخاذ القرار في هذا المجال، داعيا إلى الإنتقال إلى “حكامة جيدة تقوم على التعاون” من أجل حماية التنوع البيولوجي في المدن الأفريقية.

وفي سياق متصل، أكد مدير النادي لوران بوسارد، في مداخلة له بورشة أخرى حول موضوع “السياسات الحضرية في إفريقيا” على ضرورة مكافحة “الفقر الإحصائي” في بعض بلدان القارة، على اعتبار أن البيانات الإحصائية الموثوقة والتي يتم تحديثها بانتظام أضحت ضرورية لتدبير النمو السكاني والتخطيط للسياسات الحضرية.

واعتبر أن التخطيط والتدبير الحضري يشكلان نتيجة ذلك رهانان تنموية من الدرجة الأولى. ومن جهته اعتبر فيليب هينريغس  الخبير الاقتصادي بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن فهم”التعمير ومحركاته ودينامياته وتأثيراته ضروري لوضع سياسات محلية ووطنية وقارية، سياسات دقيقة وشاملة متوجهة نحو المستقبل .

ويلتئم في إطار الدورة الثامنة لقمة “أفريسيتي”، المنظمة تحت رعاية الملك محمد السادس، أكثر من 5 آلاف مشارك، من ممثلي تدبير الشؤون المحلية بإفريقيا، وشركاء ينتمون لمناطق أخرى من العالم، ووزراء مكلفون بالجماعات المحلية والسكنى والتنمية الحضرية والوظيفة العمومية، إلى جانب السلطات والمنتخبين المحليين والمسؤولين عن الإدارات المحلية والمركزية، ومنظمات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص.

ومن شأن هذه القمة، التي ستتواصل إلى غاية 24 نونبر الجاري، أن تكرس المكانة المحورية لإفريقيا المحلية في تحديد وتفعيل سياسات واستراتيجيات التنمية، والاندماج والتعاون بإفريقيا، فضلا عن اقتراح آفاق جديدة من أجل مساهمة أكبر للجماعات الترابية بالقارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *