سياسة

المجلس الوزاري يجسد أولويات المرحلة التنموية الجديدة عبر 4 مسارات إصلاحية

الملك محمد السادس

في سياق تنزيل التوجيهات الملكية التي أطلقها الملك محمد السادس بمناسبة افتتاح السنة التشريعية وعيد العرش 2025، انعقد المجلس الوزاري اليوم الأحد، ليؤكد أن المملكة دخلت فعليا مرحلة جديدة تتطلب “تعبئة جماعية ومسؤولية مشتركة”، وتستوجب تسريع التنفيذ الميداني لسياسات عمومية تضع المواطن في صلب التنمية.

ولم يكن المجلس الوزاري الأخير مجرد محطة للمصادقة على مشاريع اعتيادية، بل كان ترجمة عملية للرؤية الملكية الرامية إلى تأسيس “جيل جديد من برامج التنمية الترابية المندمجة” قوامها العدالة المجالية والنجاعة في الأثر. وقد تجسد هذا التوجه عبر أربعة مسارات إصلاحية واضحة في قرارات المجلس.

المسار الأول

يشير مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب والأحزاب السياسية، الذي صادق عليه المجلس، إلى أن الإصلاح المؤسسي هو المدخل الضروري لتنجيع التنمية الترابية. فعبر منع المدانين من الترشح وتشديد العقوبات على التلاعب الانتخابي، تسعى الدولة إلى إفراز نخب تحظى بالشرعية والثقة، قادرة على تفعيل النموذج التنموي الجديد بصدق وضمير أخلاقي، وهو ما يتوافق مع دعوة الخطاب الملكي إلى تحمل “المسؤولية الأخلاقية” قبل الحديث عن التشريع.

ويرى مراقبون إلى أن إرساء نخب نظيفة هو الخطوة الأولى نحو تجاوز مشكلة “الأنانية الحزبية والسياسية” التي ينتقدها الخبراء، والتي تعيق التنمية من خلال تهميش المناطق غير المصوتة وتوجيه المشاريع بناءً على المصالح الضيقة، كما لوحظ في المناطق الجبلية تحديدا.

المسار الثاني

شكل تحفيز الشباب (دون 35 سنة) والنساء محورا مركزيا، إن الدعم المالي غير المسبوق للشباب (75% من مصاريف الحملة) وتخصيص الدوائر الجهوية حصرياً للنساء، ليس مجرد تمييز إيجابي، بل هو استثمار في كفاءات جديدة لقيادة المرحلة التنموية القادمة.

وهذا يتناغم مع رؤية الجهوية المتقدمة كـ “خيار استراتيجي لا رجعة فيه”، حيث تمثل الجهات الإطار الأمثل لتنزيل برامج تنموية مندمجة تقوم على تثمين الخصوصيات المحلية. إن تمكين الشباب والنساء في البرلمان والأحزاب هو ضمان لترسيخ العدالة المجالية وتقريب القرار التنموي من المواطن.

المسار الثالث

تعكس المصادقة على مشروعي المرسومين العسكريين، خاصة المتعلق بالمديرية العامة لأمن نظم المعلومات، وعي الدولة بأن التنمية في عصرها الجديد تتطلب “درعا سيبرانيا” قويا.

كما أن إقرار تعويض تحفيزي لاستقطاب الكفاءات المؤهلة في مجال الأمن السيبراني هو خطوة استباقية لتأمين البنية التحتية الحيوية للبلاد، وحماية المشاريع التنموية والمالية الكبرى من أي تهديد رقمي خارجي، وهو ما يضمن استمرارية النجاح في “ورش الإدماج الاقتصادي والاجتماعي” للشباب.

علاوة على أن إصلاح المدرسة الملكية لمصلحة الصحة العسكرية وإحداث “مجلس البحث العلمي” يضمن ملاءمة المنظومة الصحية العسكرية مع الإصلاح الصحي الوطني، ويؤكد أن التنمية تقتضي مقاربة شمولية تبدأ بالتحصين العسكري وتنتهي بالإدماج الاجتماعي.

المسار الرابع

يكرس تنزيل آلية “الدفع بعدم دستورية قانون” وتعديل القانون التنظيمي للمحكمة الدستورية مبدأ الأمن القانوني وسيادة الدستور، مما يضمن أن الإصلاحات التنموية تتم في إطار قانوني يحمي الحقوق والحريات.

وفي الجانب الدولي، تعكس المصادقة على 14 اتفاقية دولية، واستضافة مقرين دائمين لمنظمات أفريقية، حرص المملكة على تثبيت مكانتها كقاطرة للتنمية والشراكة على الصعيدين القاري والدولي، مما يعزز مناخ الاستثمار والمقاولة، ويخدم بشكل غير مباشر ملف “إحداث مناصب الشغل للشباب ضمن مقاربة إنتاجية جديدة”، باعتباره تحديا وطنيا محوريا.

في غضون ذلك جسّد المجلس الوزاري الأخير الرؤية الملكية التي تربط التنمية بالعدالة المجالية، وتجعل التخليق السياسي، والاستثمار في الشباب، والتحصين السيبراني، مدخلاً لتحقيق الأهداف التنموية الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *