منوعات، وجهة نظر

الدولة والأمازيغية

تنفس الفاعلون في المجال الثقافي الأمازيغي الصعداء، بعد دسترة الأمازيغية كلغة رسمية ثانية، إلى جانب اللغة العربية، واعتبروا بأن المغرب قطع مع عهد طويل بائد، تم فيه طمس الهوية الأمازيغية للبلاد، مع ما رافقه من تصنيف للمكون الأمازيغي ضمن التراث اللا مرغوب فيه، وتهميش لساكنة المناطق الناطقة بالأمازيغية، لاعتبارات سياسية ممنهجة وايديولوجية ضيقة.

واليوم وبعد مرور أزيد من 7 سنوات على إقرار الدستور، و 17 سنة ونيف على خطاب أجدير، لا زالت القوانين المتعلقة بالأمازيغية هي آخر اهتمامات الدولة، وهنا لا أقول الحكومة، لأننا نعلم أنها قضية سيادية أكبر من أن يقرر فيها المجلس الحكومي أو أغلبية البرلمان.

فلماذا هذا التماطل ولماذا هذا التأخر غير المفهوم في تنزيل مقتضيات الوثيقة الدستورية؟ و تفرض وجوبا أن يتم إخراج القوانين التنظيمية خلال الولاية، التي تلي مباشرة إقرار الدستور، وقد مرت عليها أزيد من سنتين ونصف.

والحالة هاته، فما مجموعه 17 قانونا تنظيميا تم إصدارها بعد تمام مناقشتها والموافقة عليها…إلا أن القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الأمازيغي للبلاد لا زال مقبورا، وكذلك الشأن بالنسبة للقانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة…فإلى متى ستتهرب الدولة من التعاطي الجاد والمسؤول مع جزء أساس من مقتضيات الوثيقة الدستورية التي صوت عليها المغاربة بأغلبية 99.999؟

مؤشرات أخرى بمجرد تسليط الضوء عليها، ستسطع حقيقة الحجم الكبير للظلم الذي تتعرض له الثقافة واللغة الأمازيغيتين، ومعهما ساكنة الأرياف الأمازيغية، ومن أهم هذه المؤشرات، غظ الدولة طرفها عن الجرائم الكبرى التي يمارسها الرعاة الرحل بأراضي وممتلكات ساكنة الأطلس الصغير، والتهميش الممنهج الذي تتعرض له هذه الساكنة، ومعها ساكنة الريف والأطلس المتوسط والأطلس الكبير.

فواقع الحال يعكس بجلاء أن أصوات الجمعيات الثقافية الأمازيغية غير مسموعة، وأن الأدب الأمازيغي مغيب رغم أنه موجود، وأن السينما الأمازيغية مهمشة ولا تلقى الدعم من الجهات الداعمة الرسمية ومن المركز السينمائي المغربي، رغم أنها قطعت أشواطا مهمة واستثنائية، وأن الأغنية الأمازيغية مقصية، رغم أن لها تاريخ متعدد لا يمكن البثة نكرانه.

ومما يفيض الكأس مرارة هو تعنت الدولة أمام مطلب رمزي بسيط، وهو تخصيص رأس السنة الأمازيغية 13 يناير كيوم للاحتفال الوطني، هذا المطلب الذي لطالما رفعته هيئات سياسية ونقابية وحقوقية وجمعوية وكذلك مؤسساتية عبر العريضة التي تقدم بها النائبان البرلمانيان الحسين أزوكاغ وعبد الله الغازي، ووقعها معهما قرابة ثلث أعضاء مجلس النواب…فهل من ملتقط للإشارات؟

آخر الأخبار التي أتتنا من الجيران، هي أن ليبيا وقبلها الجزائر قررتا الاحتفال بشكل رسمي برأس السنة الأمازيغية، فمتى سيتم التنزيل الفعلي لما جاء في خطاب أجدير ل 17 أكتوبر 2001، وتفعيل مقتضيات الفصل الخامس لدستور 2011 ومصالحة المغاربة مع جزء أصيل ومهم من هويتهم المشتركة الفارضة للوجود؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *