وجهة نظر

بيان من أجل الشفافية

تتسم الحياة السياسية والاقتصادية المغربية بالغموض والالتباس، حيث تدخل أشياء كثيرة ضمن أسرار الدولة أو الخواص، بينما هي في الواقع معطيات ينبغي أن تكون متاحة للجميع، وسبب هذا الغموض الفساد العام، وانعدام ربط المسؤولية بالمحاسبة. فقد طالبتُ السيد عبد الإله بنكيران بتوضيح مقدار ما تنفقه الدولة على رئيس حكومة بالمغرب، وكان جوابه أن دعاني إلى بيته لكي يطلعني ـ بيني وبينه ـ على التفاصيل، بينما هدفي أن تصير هذه المعطيات في متناول الجميع تناقش في وضح النهار.

ولقد كان للسجال الذي جرى بيني وبين السيد بنكيران فضل إعادة طرح موضوع المداخيل والرواتب والمعاشات الاستثنائية للنقاش، بعد أن طمسته الحكومة التي خذلت المواطنين بإقرار وتأبيد ما طالب المجتمع بإنهائه، وأعتقد بأن أفضل ما يمكن أن نخلص إليه في هذا النقاش كله هو ما يلي:

ـ أن الأمر لا يتعلق بخصومة شخصية عندما تثار قضايا الرواتب والمداخيل والمعاشات، بل يتعلق الأمر بإشكالية كبرى هي تدبير المال العام، ومعضلة الريع في الحياة الاقتصادية المغربية.

ـ أن الخلط بين الجانب الإنساني وبين عقلانية التدبير الاقتصادي والمالي لموارد الدولة هو من علامات التأخر والتخبط الكبيرين. وأن اعتبار الأعطيات والهبات الريعية أسلوبا لرعاية الأوضاع الإنسانية للمسؤولين السابقين إنما ينتهي إلى تكريس الاستبداد والتخلف وشرعنتهما وتطبيع العلاقة معهما. كما يؤدي إلى استنزاف الموارد المالية للدولة بدون أية مردودية .

ـ أن قيام الحكومة بقهر المواطنين والتضييق عليهم من أجل تدارك العجز  المالي وتحقيق التوازنات الاقتصادية على حساب الفئات الهشة، وفي نفس الوقت الاستمرار في إغداق أموال الريع على مسؤولين سامين سابقين بمبالغ كبرى، هو أسلوب آن الأوان أن ينتهي بسبب تداعياته السلبية على حياة الطبقة المنهكة من المواطنين، والتي أضرت بها الزيادات المتلاحقة على وجه الخصوص.

ـ أن احتجاجات التجار الصغار مثلا بسبب الفاتورة المرقمنة يعكس شعورا عاما بانعدام العدالة الضريبية، حيث لا يمكن أن يشعر المواطن بقيمة أداء الواجب الضريبي في غياب المساواة بين الجميع، ومن تم يجب وضع حد للتملص الضريبي الذي ما زال يُعدّ امتيازا لفئات معينة تحقق أرباحا خيالية، وتغتني بسرعة على حساب المال العام.

ـ ندعو إلى تخصيص موقع إلكتروني خاص يسمح لجميع المواطنين بالاطلاع على رواتب ومداخيل وتعويضات وامتيازات الموظفين، جميع الموظفين بمختلف فئاتهم، حتى يكون الجميع على بينة من أسلوب تدبير المال العام والتصرف فيه، وذلك أسوة بالعديد من البلدان  الديمقراطية التي تحترم مبدأ الشفافية بين الدولة ومواطنيها.  

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *