مجتمع، مغاربة العالم

لأول مرة.. المغربي الحاصل على جائزة ألطف سائق بلندن يكشف أسراره

حاوره: إكرام بختالي ومحسن رزاق

حكى أحمد سرحاني في حوار مصور مع جريدة “العمق” المغربي تفاصيل هجرته إلى بريطانيا في سن مبكرة قصد متابعة دراسة الحقوق باللغة الفرنسية، وذكر الصعوبات التي حالت دون تحقيق حلم الدراسة، وذكر مسار اشتغاله في مطاعم لندن قبل أن يعمل سائق حافلة هناك، ويحصل من خلالها على شهرة عالمية واسعة لم يفكر فيها يوما، بسبب فوزه مرتين بجائزة “ألطف سائق باص” بعاصمة الضباب، كما ذكر أيضا أسباب عدم السماح لزوجته سارة بالالتحاق به.

“السائق اللطيف” ابن من مدينة الدار البيضاء، محب التصوير وعاشق أفلام الكرتون، بفضله تغيرت شروط العمل في مهنة سائق الحافلة ببريطانيا، كان يشتغل في أولى أيامه لما كان طالبا في المطاعم ليلا حتى يتسنى له حضور فصول الجامعة نهارا، وقد حصل بسبب عفويته وابتسامته الدائمة في وجه الركاب على صفة السائق الأكثر لطافة في لندن.

أولا؛ كيف انتقلت من العمل بالمطاعم إلى سياقة الحافلة؟

بالصدفة، خلال اشتغالي في أحد المطاعم، رأيت إعلان معلقا على إحدى الحافلات بالعاصمة البريطانية، يطلبون فيه سائق حافلة، فقلت لما لا أتقدم لهم بحكم أنني أملك رخصة السياقة، فاتصلت بهم ليتم قبولي في وقت وجيز، ومنذ ذلك الوقت وأنا أشتغل مع نفس الشركة لمدة تفوق الرابع عشرة سنة.

نريد أن نعرف متى كانت أول مرة حصلت فيها على جائزة “ألطف سائق”؟

بعد سنتين مباشرة بعد التحاقي بالشركة، حصلت على جائزة “ألطف سائق حافلة” سنة 2007 على مستوى بريطانيا، وذلك في إحدى الإحتفالات التي تقام على شرف سائقي الحافلات، جزاء على حسن تعاملهم مع الركاب أو مساعدتهم لهم، أما بخصوص الجائزة الأخيرة التي حصلت عليها السنة الماضية، فقد كانت بفضل إقدام أحد الطلبة البريطانيين على تصوير فيلم قصير بين فيه تعاملي مع الزبناء، بعدما كان قد لاحظ ذلك منذ أن كان يركب معي في الحافلة في صغره.

والآن ذاع ذلك الفيلم الذي قام به الطالب، وأصبح يعرض في أحد المتاحف الكبرى للنقل في بريطانيا، دون أن تدخل فيه أي تعديلات أو إضافات جمالية أو مؤثرات صوتية، وتستعمله وزارة النقل في التوعية والتربية الطرقية للسائقين.

كيف كان شعورك وأنت تستلم الجائزة لأول مرة ؟

التعامل الذي قدمته لزبناء شركتي خلال عملي كان بسيطا جدا إلا أنه كان جديدا بالنسبة للمجتمع الإنجليزي، إذ كنت أتصافح مع الزبناء وأسأل عن أحوالهم، وأقدم لهم أحيانا حلويات للصغار والكبار، دون أن أحجب الإبتسامة عن كل الركاب طيلة اليوم واحدا واحدا رغم وجود باب يفصل السائق عن الركاب.

بطبيعة الحال شعوري كان كله فرح وسرور، لأني قمت بشيء لم يسبقني به أحد، كما اعتززت كثيرا بإعلان إسم عربي أمام الملأ في حفل التتويج، وتكسير نمط ذكر أسماء أنجلوساكسونية، وهذا بالنسبة لي إنجاز رائع، لأن ظهور إسم من بيئة أخرى من شأنه أن يغير تمثلات الناس عن دينه ومغربيته وعروبته.

ماذا تعني لك سياقة الحافلة ؟

إنها أحسن مهنة في العالم بالنسبة لي، لأنني أجد فيها راحتي، ليس من ناحية الأجرة، لأنه يمكن أن تكون غنيا لكن لست سعيدا، إني أحب مهنتي لأنها تخول لي التواصل المباشر مع أناس جدد ومختلفة بدينها وجنسها وأعراقها من العالم بأسره، مع إتاحتها إمكانية مساعدة الناس، فكيف ستشعر حين تتوقف لأحد الزبائن بعيدا عن محطة الوقوف رأيته يجري لملاحقة الحافلة، وهو يشكرك طلية الرحلة؟

سارة، كيف ترين ابتعاد زوجك عنك ؟

عدم وجود زوجي بجانبي يترك في نفسي فراغا كبيرا، لأنني مثل كل النساء أحتاج لتواجده بجانبي، لكن لي يقين بالله أن يوما ما ستتصلح الأمور، وأتمنى من المسؤولين قليل من اللطافة لأنني أنا وإبني في حاجة له، وهو أيضا يحتاجنا خاصة وأننا الآن ننتظر مولودا جديدا.

ما السبب وراء عدم قبول طلب إلتحاق زوجتك بك ؟

الأمر يتعلق بموضوع الهجرة التي تشغل بال كل الدول ورؤسائها، مع خصوصية بريطانيا التي خرجت مؤخرا من الإتحاد الأوروبي، وأدخلت قوانين صارمة في قانون الهجرة، منها اجتياز امتحان اللغة الإنجليزية هنا في المغرب بعدما كان يجتازه المتزوجون في بريطانيا بعد دخولهم أرضها.

لقد تقدمت زوجتي سارة للإمتحان المرة الأولى والثانية والثالثة ولم تتوفق فيه، بالرغم من تمكنها من اللغة الإنجليزية بحكم دراستها و التحدث بها خلال عملها السابق في مجال الفندقة في العاصمة الحمراء، مما أدى إلى قلقنا وتفكيرنا في البحث عن دولة أخرى للاستقرار كتركيا أو إسبانيا، أما المغرب فيصعب علي بحكم سني الذي سيحتم علي إعادة حياتي من جديد وإيجاد عمل آخر يليق بي وبعائلتي.

إذا طلبنا منك توجيه رسالة لسائقي الحافلات بالمغرب ؟

أولا أدعو لهم بالصبر والقدرة على قيامهم بالعمل المسنود لهم، لأن الاشتغال في المغرب كسائق حافلة أمر صعب جدا، لكن احثهم على الإبتسامة رغم صعوبتها وسط واقعهم، تذكروا فقط الصحة التي وهبكم إياها الله مع إشراقة كل صباح، وقارنوا أنفسكم مع الناس الذين لا يملكون شيئا. صحيح أن الأمور السلبية أكثر من الإيجابية وتأثرعلى نفسية الإنسان لكن تجبنوا الوقوع في هذا الفخ، واعملوا فيما تحبون كي تحبوا ما تعملون حتى لو كانت البيئة لا تساعد على ذلك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *