سياسة، ملف

هكذا أشهر المغرب البطاقة الحمراء في وجه 10 دول بسبب الصحراء

أظهرت الأزمة الأخيرة بين الرباط والرياض، أن المغرب لا يمكنه التساهل مع أي دولة كيفما كانت مكانتها في العالم وكيفما كانت قوة علاقاته معها، ومستعد لقطع العلاقات معها، إذا ما صدر عنها أي موقف يمس بالثوابت الوطنية خصوصا وحدته وسيادته على أقاليمه الجنوبية.

ورفع المغرب الورقتين الصفراء والحمراء في وجه عدد من الدول بسبب مواقفها المعادية للوحدة الوطنية، والمشككة في سيادة المغرب على صحرائه التي تعتبرها المملكة “خطا أحمرا”، آخرها السعودية، وإيران، وقبل سنوات الجزائر، ومصر، وليبيا، وفنزويلا، وكوبا، والسويد، وجنوب إفريقيا، والموزمبيق.

الأزمة مع السعودية والإمارات

أثار التقرير المستفز والمعادي للوحدة الوطنية الذي بثته قناة “العربية” المقربة من الدوائر الرسمية السعودية مؤخرا، بعد أن أظهرت خريطة المملكة مبتورة عن صحرائها، ردا على الخروج الإعلامي لوزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة على قناة الجزيرة، (أثار) أزمة بين الرياض والرباط.

واستدعت الرباط، الأسبوع الماضي، سفيريها بكل من الرياض وأبو ظبي من أجل التشاور، بخصوص المستجدات الأخيرة على مستوى العلاقات بين البلدين، خاصة بعد بث قناة “العربية” لتقرير معاد للوحدة الوطنية.

وقال سفير المغرب بالسعودية مصطفى المنصوري، في تصريح لموقع “Le360″، إن استدعاءه يرجع إلى قيام قناة العربية التلفزيونية التي وصفها بأنها مقربة من مراكز القرار في السعودية ببث تقرير مصور يخالف ويضر بالموقف المغربي في قضية الصحراء المغربية.

قطع العلاقات مع إيران

قرر المغرب قطع علاقاته مع إيران شهر ماي 2018 على خلفية صلة حزب الله اللبناني بجبهة البوليساريو، حيث طلبت الرباط من السفير الإيراني المغادرة بعد حصولها على معلومات كشفت دعما ماليا ولوجستيا وعسكريا قدمه الحزب للبوليساريو.

وفي هذا السياق، قال بوريطة إن “إيران ترغب في استخدام دعمها للبوليساريو لتحويل النزاع الإقليمي بين الجزائر والجبهة الانفصالية من جهة، والمغرب من جهة ثانية، إلى وسيلة تمكنها من توسيع هيمنتها في شمال وغرب إفريقيا، وخاصة في الدول الواقعة بالساحل الأطلسي”.

واعتبر الوزير في حديث للموقع الإخباري الأمريكي “بريتبار”، أن “البوليساريو” ليست سوى جزء من “نهج عدواني” لإيران اتجاه شمال وغرب إفريقيا، مشيرا إلى أن الجبهة الانفصالية تعد منظمة “جاذبة” بالنسبة لطهران وحزب الله، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية “لاماب”.

التوتر مع مصر

وتعود فصول الأزمة بين المغرب والقاهرة، بسبب مواقفها المعادية للقضية الوطنية إلى صيف 2014، حيث لم يمض أكثر من شهر على تولي عبد الفتاح السيسي الحكم، حتى التقى بزعيم البوليساريو محمد عبد العزيز على هامش القمة الأفريقية في غينيا.

وتلا ذلك لقاء وفد من إعلاميين مصريين بممثلين عن جبهة البوليساريو في الجزائر، وإصدار كتاب “الصحراء بعيون مصرية”، قبل أن يقوم وفد من الجبهة برئاسة “خطري أدوح” بزيارة رسمية إلى شرم الشيخ للمشاركة في الاجتماعات المشتركة للبرلمانيين العرب والأفارقة.

وقبل كل ذلك، رفضت مصر التوقيع على طلبٍ، تقدمت به 28 دولة عربية وأفريقية للقمة الأفريقية في كيجالي، في يوليوز 2014 بشأن سحب عضوية “الجمهورية الصحراوية” من الاتحاد الأفريقي، وهي القمة نفسها التي تقدمت لها المغرب بطلب العودة إلى المؤسسة الأفريقية بعد قطيعة استمرت أكثر من 32 عاماً، بسبب قبول عضوية البوليساريو.

ورد المغرب على استفزازات القاهرة آنذاك، بتقرير بث على القناتين الأولى والثانية بشكل متزامن، وصف حكم السياسي بـ”الانقلاب على الرئيس الشرعي والمنتخب محمد مرسي”، قبل أن يقوم وزير الخارجية المصرية بزيارة إلى الرباط قدم فيها ضمانات للمملكة بأن مصر ستساند المغرب في قضية الصحراء المغربية.

أزمة دبلوماسية مع السويد

ودخلت العلاقات المغربية السويدية في أزمة دبلوماسية غير مسبوقة، في شتنبر 2015 بعد اعتراف برلمان السويد رسمياً بالبوليساريو.

وسارع عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة، آنذاك إلى عقد اجتماعات مع زعماء الأحزاب السياسية والنقابات، للإعداد لخطة عمل للتحرك الدبلوماسي، للرد على ما صدر من السويد.

ورد المغرب آنذاك على قرار البرلمان السويدي بإلغاء سلطات الدار البيضاء تدشين المركز التجاري لشركة إيكيا” السويدية، في أول استثمار للشركة السويدية في داخل المغرب.

كوبا وفنزويلا

وقطع المغرب علاقاته مع كوبا منذ 1980 خلال فترة حكم الراحلين الملك الحسن الثاني والرئيس الكوبي فيديل كاسترو، بسبب الدعم الذي قدمته هافانا لجبهة البوليساريو، قبل أن يعين رئيس كوبا ميغيل دياز كانيل، غشت من العام الماضي 2018 سفير له في المملكة المغربية برتبة سفير مفوض فوق العادة، وهي أعلى مرتبة مقارنة بالسفير العادي، بعد قطيعة دامت لأزيد من 37 عاما، كما زارها الملك محمد السادس وقضى بها عطلة خاصة.

وقطعت الرباط كذلك علاقاتها مع فنزويلا منذ 2009، التي تعتبر من أشد الداعمين لجبهة البوليساريو، ورد المغرب على المواقف المستفزة لنظام مادورو بهجوم دبلوماسي ضد على هامش الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها شوارع كاراكاس في 2017.

وفي أواخر يناير الماضي، أبدى المغرب تأييده لرئيس الجمعية الوطنية الفنزويلية، خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيسا مؤقتا للبلاد، وقال بلاغ للخارجية إن وزير الخارجية ناصر بوريطة أبلغ غوايدو “دعم المملكة المغربية لكل التدابير المتخذة من أجل الاستجابة للتطلعات الشرعية للشعب الفنزويلي للديمقراطية والتغيير”.

ونقل البلاغ عن خوان غوايدو تأكيده خلال هذه المباحثات على “إرادته لاستئناف علاقات التعاون بين المغرب وفنزويلا على أسس سليمة وواضحة، ورفع المعيقات التي حالت دون تطورها”.

الجزائر وليبيا

التوتر والخلاف والمواجهة العسكرية وفي أفضل الأحوال الفتور أهم ما ميز علاقات المغرب والجزائر، وذلك بسبب دعم هذه الأخيرة لجبهة البوليساريو الانفصالية والتي آوتها بمخيمات تندوف، وكانت أول دولة اعترفت بهذا الكيان الوهمي.

وأدى الدعم العلني الذي قدمته الجزائر لجبهة البوليساريو إلى إندلاع مناوشات عسكرية بين البلدين عام 1976، ومؤخرا تفاقمت الأزمة بيت الرباط والجزائر، عقب اتهام المغرب للسفارة الإيرانية في الجزائر بدعم الجبهة الانفصالية.

ودعا الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء بتاريخ 6 نونبر 2018 إلى إنشاء آلية سياسية للحوار والتشاور بين المملكة وجارتها الجزائر، مضيفا أن الغرض من الآلية المقترحة تحقيق ثلاثة أهداف وهي: “طرح القضايا الثنائية العالقة على الطاولة بشفافية ومسؤولية والتعاون الثنائي بين البلدين في المشاريع الممكنة، بالإضافة إلى كيفية التنسيق حول بعض القضايا الكبرى المطروحة كمشاكل الإرهاب والهجر”.

أما العلاقات المغربية الليبية، فقد تميزت في عهد الراحل معمر القذافي، بموجة من الشد والجذب، وشكل نزاع الصحراء المغربية، نقطة الخلاف الأبرز في العلاقات بين الحسن الثاني والقذافي حيث كان هذا الأخير، من أبرز داعمي جبهة البوليساريو منذ قيامها في 20 ماي من سنة 1973، وعمل على مدها بالمال والسلاح، ووفر لها دعما دبلوماسيا في الخارج إلى جانب الجزائر التي احتضنتها فوق أراضها.

جنوب إفريقيا والموزمبيق

ولا تخفي جنوب إفريقيا والموزمبيق دعمهما لجبهة البوليساريو، وهو ما يفسر العلاقات المتوترة بين الرباط وهذين البلدين منذ سنوات.

ويواصل المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا تأييده لجبهة “البوليساريو” الانفصالية، معرقلاً جميع المحاولات الإيجابية، التي تقودها أطراف من داخل بريتوريا لطي صفحة العداء بين المغرب وجنوب إفريقيا.

واستدعى المغرب سفيره من جنوب أفريقيا في 2004 بعد أن اعترف رئيسها السابق ثابو مبيكي بالبوليساريو، قبل أن يتم تعيين يوسف العمراني المكلف بمهمة في الديوان الملكي بمهمة بالديوان الملكي سفيرا بجنوب أفريقيا العام الماضي.

مواقف صارمة

وفي هذا الإطار، اعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، خالد يايموت، أن قضية الصحراء “اعتبار أساسي وثابت كلاسيكي في السياسة الخارجية للمغرب”، مضيفا أن نشوب أزمة بين المغرب وأي دولة بسبب موقفها من القضية الوطنية هو “سياسة تقليدية ينهجها المغرب”.

وقال يايموت في حديث لجريدة “العمق”، إن “إذا كانت لدى المغرب علاقات دبلوماسية جيدة، أو  نوع من التعامل الدبلوماسي المعتاد مع أي دولة، واعترفت بالبوليساريو، فإنه بعد هذه العلاقات يحدث نوع من التوتر”، مشددا على أنه “في الغالب تكون مواقف المغرب صارمة دبلوماسيا واقتصاديا تجاه تلك الدول”.

وأضاف المحلل السياسي، أن الثابت أن المغرب عندما تعترف أي دولة بالبوليساريو أو يكون لها موقف سلبي من قضية الصحراء فإن رد فعل المغرب يكاد يكون أوتوماتيكيا وهو ثابت في السياسة الخارجية في المغرب منذ الثمانينات.

وأردف يايموت، أن المغرب أخذ مبادرات جديدة مع بعض الدول رغم أنها تعترف بالبوليساريو لكنه يسعى إلى تحسين العلاقة معها خصوصا في وسط إفريقيا وشرقها، وحتى مع بعض دول جنوب أسيا، موضحا أن المغرب يرى أن هذه الدول من الممكن أن تسحب اعترافها بالبوليساريو أو تقلل من العلاقات معها.

وحتى مع دول أوروبية فقد يحدث في بعض المرات نوع من التوتر، يضيف يايموت، إذ يعتبر المغرب أن استقبال برلمان أي دولة لوفد من جبهة البوليساريو يقوم برد فعل بالرغم من أنه في علاقة عادية مع تلك الدولة.

وبحسب يايموت، فموقف المغرب لن يتنازل عليه، مضيفا أن “كل الدول في العلاقات الدولية لها ثوابت معينة تتعامل فيها في المنظومة الدولية وعندما يتم المس بهذه التواثب فإن ردود الأفعال في الغالب تكون عنيفة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *