وجهة نظر

المنع الحارق

بمناسبة اليوم العالمي للأم هناك من يحتفي بها ويغدق عليها من معين الحب ….، وهناك من يوجعها قصدا وينهل من نهر “العقوق” حد الاكتفاء ولا حول ولا قوة إلا بالله .

المنع الحارق

ليست هذه حكاية من نسج الخيال،بل صورة قاتمة لواقع أم مكلومة منعت قصرا من ممارسة أمومتها، أم ، لا حول ولا قوة لها أمام مصاب جلل هو فراق قصري نزع منها متعا أولها متعة العيش والأمل،وبكلمة، ممنوعة هي من الاقتراب منه،من تقبيله ،من تمشيط شعره ، ممنوعة من التحدث الى مهجة الروح وفلذة الكبد “علي” أقدس الأحباء وبؤبؤ العين.

علي، من شاخت المسكينة حزنا على فراقه، ليغدو البيت العامر بقايا قبر مقفر، عقارب ساعة بطيئة بطأ الموت ……لا ضيوف ولا طعم لعيد ولا لمناسبة ….حتى القط الأليف ركن في زاوية من زوايا الغرفة الباردة معلنا حزنه على فراق صاحبه ، وكـأني به يبكي فراقه .

ولأنها ممنوعة منه ،ولأن جوارحها تنطق بالشوق اليه أخذت سيارتها صباح ثاني ايام هذا الشهر الفضيل فحامت حول مقر سكناه،
من يدري؟ لعل بذرة الخير فيه قد تتحرك امتنانا لها ،فيبادلها نظرة حنان ، أو حتى ابتسامة عرفان….وإن يكن عناقا أو انحناءة توبة فذلك المراد .

من يدري ؟فقد كان حنونا ومؤمنا أن مرض الربو الذي الم به وهو بعد رضيعا،كان حاجزا حال بين أمه واستكمال دراستها،،،،

وأنى لها أن تتركه وهو الغالي لمربية أو خادمة ؟ أن تلد من ينافسه في حبها ويحرك غريزة الغيرة فيه وهو الصغير العليل؟

كان وكان.. وحين اشتد عوده ، ارتبط بأندل أنواع النساء، ممن لا تتورعن و لا تخفن الله… فتننكر تنكر الجاحدين لكل شيءقبلها.

قلت، حامت الأم حول مقر سكناه ،و هي تمني نفسها بالتلاقي،ومابين انتظار وتصبر ،تضرعت بالدعاء للحنان المنان كي يرد اليها روحها به.

و بينما هي كذلك ها هو علي يمشي رفقة طفلة زوجته يمازحها، وكأني بالدنيا بسطت أجنحتها له..

لم تتمالك الأم نفسها ، فصاحت بأعلى صوتها :علي يا غالي !

وهرولت كي تلحق به …، التفت الغالي اليها بنظرة ازدراء ،فصب جام غضبه عليها: لا تلمسيني وإلا اتصلت بالشرطة….

توسلته حبا بالله، فكان منه الصد والجحود ،و القتل لذاكرة حبلى بمعاني الأمومة ،ولله ذر من قال : “الموت يبدأ بالذاكرة ، وموت الذاكرة أقسى أنواع الموت، ففي قبضته تعيش موتك وانت حي,,,”

وكان تنكيلا بأروع خلق الله وهو “قلب الأم”، كما كان تجسيدا لمعنى العقوق ، فأين أنت يا علي من وصايا الرحمان والنبي العدنان؟؟؟
أين أنت من هذا البيان؟ : واخضع لأمك وارضها فعقوقها إحدى الكبر

أين أنت من أم هي اليوم تحيى فارغة الفؤاد ،تكابد الحياة بين جرعات مرة من الأدوية المهدئة والجلسات النفسية ؟
آه يا علي لو أن لي بك قوة لنفذت فيك قصاص الرحمان، ولكني لا أمتلك سوى “حسبي الله ونعم الوكيل “و ” لا حول ولا قوة إلا بالله”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *