آخر أخبار الرياضة، العمق الرياضي، الكرة المغربية، حوارات

أمغار: الإلتراس عودتنا بتفاعلها الدائم مع القضايا الاجتماعية والسياسية

حولت جماهير الأندية بالمغرب مدرجات الملاعب الرياضية إلى ساحة للصدح بتردي الأوضاع الاجتماعية بالمغرب كالفقر والبطالة وغيرها، عبر أغاني أنتجتها المجموعات المشجعة للأندية.

جريدة “العمق” أجرت حوارا مع أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش مولود أمغار، لتسليط الضوء على الاهتمامات الجديدة للجماهير المغربية، فكان الحوار على الشكل التالي:

كيف تنظر للتوجه الجديد للإلتراس في المغرب وتطرقهم للقضايا الاجتماعية؟

الرياضة لم تكن مفصولة يوما عن السياسة، ومحاولة الفصل بينهم هي محاولة لوضع الحدود والخطوط الحمراء، غير أن هذه العلاقة اتضحت بشكل جلي في الدول العربية والمغاربية في زمنية “الربيع الديمقراطي”، وخصوصا في مصر حيث لعبت الإلتراس دورا محوريا في نجاح ثورة 25 يناير.

أولا من خلال قدرتها على الحشد والتنظيم، ثانيا من خلال قدرتها على المواجهة المباشرة مع السلطة، ثالثا من خلال تفاعلها مع الأحداث ومشاركتها في صناعة المواقف العامة، هذه القدرات هي التي سمحت للإلتراس بأن تصبح جزءا لا يتجزأ من صناعة المشهد السياسي بمصر.

الدور الذي تلعبه الإلتراس اليوم بالمغرب ليس جديدا ولا غريبا عنها، حيث إنها لم تكن يوما مفصولة عن واقعها، لأن الإلتراس عودتنا بتفاعلها الدائم مع مجموع القضايا الاجتماعية والسياسية التي نكون محط نقاش عمومي بالمغرب، وتصريف موقفها من مجموع ما يطرأ في المغرب يكون إما عبر “شعارات” أو “تيفو” أو “أغنية”.

الجديد اليوم أن هذه المجموعة الفرعية التي تتميز بتقاسم أعضائها لثقافة فرعية مشتركة، أصبحت تحظى أكثر من ذي قبل بمتابعة جماهيرية وإعلامية كبيرة. وهذا يرجع في نظرنا إلى سببين رئيسيين، أولهما أن الإلتراس اليوم لا تتقف فقط عند عتبة التفاعل مع الأحداث، لأنها تنتج مواقف واضحة من مجموع ما يطرأ بالمغرب، وثانيهما أن الإلتراس استطاعت أن تجعل من النقد والمعارضة جزءا من هويتها، ومن ممارساتها التشجيعية داخل الملاعب، وذلك في إطار صراعها من السلطة من جهة، وفي إطار تنافسها مع “الإلتراسات” الأخرى من جهة ثانية.

هل هذا دليل على فقدان الثقة في الطبقة السياسية؟

إن أكبر الإشكاليات التي يعاني منها المغرب اليوم، هو أن السياسة أصبحت تمارس خارج المؤسسات التقليدية، ويرجع هذا كما هو واضح في سؤالك إلى فقدان الثقة في النخب السياسية من جهة، وإلى ضعف المعارضة المؤسساتية من جهة أخرى. هذا الضعف المزدوج هو ما يدفع بفئات اجتماعية عريضة إلى التفاعل مع النقد والمعارضة التي تصدر عن مجموعات غير مؤسساتية مثل الإلتراس. وربما أصبح المتتبعون والمشاهدون ينتظرون في كل مباراة تيفو أو شعار أو أغنية، تعلن من خلالها إلتراس معينة بشكل رسمي عن موقفها اتجاه ما يحدث بالمغرب وذلك أكثر مما تنتظره من حزب سياسي أو نقابة.

والأكثر من ذلك اليوم لغة الإلتراس وشعاراتها وأغانيها أصبحت لغة التعبير عن الغضب والسخط الاجتماعي، بحيث أضحت تستخدم بشمل شائع من طرف الحركات الاحتجاجية وتجعلها جزءا من عملية التعبئة والحشد من جهة، وجزأ من عملية توسيع دائرة المتعاطفين معها.

في نظرك هل هذه الشعارات ستؤثر على المسؤولين، أو بالأحرى هل يصل صداها؟

لا يمكن على أي حال أن نحدد درجة تأثيرها على المسؤولين أو مؤسسات الدولة، ولكن ما يمكن قوله في هذه الحالة هو إن خطابات ولغة الإلتراس التي تأخذ شكل أغاني أو شعارات، أصبحت تحظى بمتابعة فئات اجتماعية عريضة لا يمكن حصرها فقط في الفئات الشعبية، وقوة خطابها يرجع إلى قوة دلالته الاجتماعية والسياسية؛ وأيضا إلى أسلوبه الذي يتميز بالعمق والبساطة، بحيث يمكن للجميع فهمه واستيعابه وفي الوقت نفسه تبنيه، لأنه يحمل في ذاته عن موقف جماعي.

هل التوجه الجديد -الأغاني- سيزيد من رقابة الدولة على هذه المجموعات؟

أمام تنامي الخطابات والشعارات النقدية للإلتراس، يكون من العادي جدا للمسؤولين في الدول غير الديمقراطيةأن يتحذوا بعض القرارات وأن يقوموا ببعض الإجراءات، التي من شأنها التخفيف من حدة خطابات الإلتراس والتقليل من حمولتها السياسية، وكذلك الحد من نطاق انتشارها، وإضعاف قدرتها على التأجيج والحشد. وقد يصل الحد بهم إلى حل الإلتراس واعتقال جماهيرها كما وقع في مصر.

كيف تقرأ “فبلادي ظلموني” لجماهير الرجاء، و”قلب حزين” لجماهير الوداد؟

تتميز أغاني الإلتراس وخصوصا الأغنيتين التي ذكرت بقدرتها على اختزال واقع مركب ومرير في قالب فنيا بسيط، يعبر عن لسان حال الأكثرية داخل المجتمع المغربي بلغة وتعبيرت تجد فيها فئات اجتماعية عريضة نفسها.

أعتقد أن الإلتراس اليوم أكثر من أي وقت مضى تحاول من خلال هذه الأغاني التي تعتبر من أهم أدوتها التشجيعية، أن تكون صوت من لا صوت لهم من المقهورين والمظلومين والمهمشين داخل المجتمع. بمعنى آخر، تعتقد مجموعات الإلتراس أن مهمتها اليوم تتمثل بالدرجة الأولى في الكلام بالنيابة عن “الشعب” والدفاع عن الحقوق المادية والمعنوية للفئات المحرومة والمستضعفة، التي لا صوت لها ولا تجد من يدافع عنها.

وأعتقد كذلك أنها تحاول أن تميز نفسها كمجموعة عن باقي أعضاء المجتمع وعن المؤسسات الحزبية والنقابية…… وغيرهما، بتقاسم أعضائها لثقافة وقيم، تدفعهم إلى رفض كل أشكال الظلم والتسلط التي يمكن أن تطال أفراد المجتمع، ويظهر هذا بشكل جلي في مساندتهم الدائمة لكل الحركات الاحتجاجية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *