مجتمع

تطوان تودع الشاعر أخريف .. والسلطات توقف “عيد الكتاب” (صور)

ودَّعت مدينة تطوان، عصر اليوم الإثنين، الكاتب والشاعر والروائي محسن أخريف الذي توفي أمس الأحد، بصعقة كهربائية مفاجئة أثناء إمساكه الميكروفون لتناول الكلمة بإحدى ندوات البرنامج الثقافي لعيد الكتاب بتطوان في دورته الواحدة والعشرين.

ففي جنازة مهيبة شارك فيها حشد كبير من زملائه الأساتذة والكتاب والروائيين والشعراء، شُيِّع جثمان أخريف بالمقبرة الإسلامية ابن كيران بتطوان، بحضور عدد من المسؤوليين المحليين، على رأسهم المدير الجهوي لوزارة الثقافة، ومدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين والمدير الإقليمي للتعليم ومسؤولين بالجماعة الحضرية لتطوان.

وعمَّت حالة من الحزن على ملامح المشيعين من أصدقائه وعائلته، فيما ظل والده يذرف الدموع طيلة مراسيم الدفن والعزاء، خاصة وأن رحيل رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بتطوان ورئيس رابطة أدباء الشمال، داخل تظاهرة ثقافية يقصدها مئات الزوار كل عام، شكَّل صدمة لدى الرأي العام المحلي والوطني.

وفي نفس السياق، قررت السلطات المشرفة على تنظيم النسخة الـ21 من عيد الكتاب بساحة الفدان الجديد بتطوان تحت شعار “الكتابة وأسئلة القراءة”، وقف ما تبقى من فعاليات هذه التظاهرة الثقافية السنوية وإغلاق أبوابها قبل يومين من موعد انتهائها، وذلك بعدما تم إخلاء ساحة العرض منذ مساء أمس.

وعاينت جريدة “العمق” وضع حواجز حديدية على محيط المعرض لمنع الزوار من دخوله، اليوم الإثنين، وإغلاق كافة أروقته، فيما فتحت عناصر الأمن تحقيقا في الموضوع لمعرفة ظروف وملابسات الحادث.

وفي تصريحات لجريدة “العمق” أثناء دفن الراحل، رثى عدد من الأساتذة والروائيين المغاربة الشاعر محسن أخريف، معبرين عن صدمتهم لوفاته بتلك الطريقة، مبرزين الدور الذي قام به الروائي في خدمة الأدب وتكريس ثقافة القراءة ونشر الوعي عبر إبداعاته في الشعر والقصة والرواية وغيرها من الأجناس الأدبية، واصفين إياه بـ”شهيد الكتاب”.

تفاصيل الفاجعة

وفي تفاصيل الحادثة، كشف مصدر حضر الواقعة، أن الراحل تعرض لصعقة كهربائية بمجرد إمساكه الميكروفون لتناول الكلمة، أثناء لقاء ثقافي داخل خيمة مُخصصة للندوات بمعرض الكتاب بتطوان، حيث سقط على الأرض فورا وهو يصارع الموت وسط صدمة الحاضرين، مشيرا إلى أن أسلاك الميكروفون كانت تلامس الأرضية المبللة بسبب الأمطار.

وأوضح المصدر لجريدة “العمق”، أن الشاعر محسن أخريف سارع لأخذ الكلمة عبر مكبر الصوت خلال فقرة تقديم قراءة في كتاب حول الديمقراطية التشاركية، وذلك من أجل تهدئة الأوضاع بسبب متدخِّل أثار الجدل في كلمته، غير أنه لم يكن يعلم أن إمساكه بمكبر الصوت كان سيكون آخر لحظاته في الحياة.

واستغرب المصدر غياب سيارة الإسعاف عن معرض الكتاب رغم قيمة هذه التظاهرة الثقافية، مشيرا إلى أن تأخر وصول الإسعاف إلى عين المكان زاد من غضب زملاء الراحل، علما أن محسن أخريف كان من بين الذين قصوا شريط افتتاح “عيد الكتاب” الذي انطلق يوم 16 أبريل الجاري، وكان من المفترض أن ينتهي غدا الثلاثاء.

وتساءل المصدر ذاته بالقول: “المعرض يقصده مئات الزوار، ومن ضمنهم الأطفال، فكيف سيتم التدخل لتقديم الإسعافات الأولية إذا وقعت حالة معينة، ونحن نعلم أن تواجد سيارات الإسعاف والإطفاء ضروري في مختلف التظاهرات التي تعرف توافد العديد من المواطنين تفاديا لأي طارئ”.

مسيرة اللقاء المذكور فاضلة الوزاني التهامي، كشفت تفاصيل ما وقع بالقول: “كنت أسير الجلسة، وكان مكبر الصوت بيدي وكنا على وشك الانتهاء، فوجئت بالشاعر محسن أخريف يتقدم بسرعة ليمنع متطفلا من إفساد اللقاء، تناول المكبر وقبل أن يقدمه، تجمد ثم سقط على ظهره فوق الزرابي المبللة يصارع الموت”.

وأضافت في تدوينة لها: “مر كل شيء بسرعة، ولم نكن نعرف؛ لم نكن نعرف أن الموت كان يطوف حول خيمتنا، ينتظر من يخطو فوق الماء ليضمه إليه، لا أنعيك أخي محسن أخريف بل أنعي نفسي.. لا أبيك بل أبكي نفسي وأنا أرى روحك تلبي نداء الملائكة على بعد خطوة مني.. نحن مجرد موتى تترصد المنون خطواتنا في كل لحظة.. فليرحمنا الله.. ولروحك الطيبة السلام”.

يُشار إلى أن محسن أخريف، هو شاعر وكاتب مغربي من مواليد مدينة العرائش عام 1979، حاصل على الدكتوراه في الآداب، صدرت له في الشعر “ترانيم للرحيل” سنة 2001، وديوان “مفترق الوجود” في 2019، و“حصانان خاسران” التي فاز خلالها بجائزة القناة الثانية الوطنية، و“ترويض الأحلام الجامحة” عام 2012.

كما صدر للراحل في صنف الرواية، وهو أستاذ العربية بثانوية أم المؤمنين خديجة بتطوان، “شراك الهوى” سنة 2013 ضمن جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب، وفي القصة أصدر “حلم غفوة” سنة 2017، حيث حصل على الرتبة الثالثة لجائزة الشارقة للإبداع العربي عام 2017.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • شهابي عمر
    منذ 5 سنوات

    تغمد الله الفقيد برحمته الواسعة وعزاءنا لاسرته المكلومة ، أستغرب كون الاعلام الرقمي لم يول الحادث المأساوي ما يستحقه من الاهتمام إلا بعض الإستثناآت كجريدة العمق مشكورة على ما تبدله من مجهودات،ولا حول ولا قوة إلا بالله.