مجتمع

إطلاق حملة وطنية لمقاطعة محترفي التسول.. وهيئة: التصدق عليهم مشاركة في الجريمة

أطلقت هيئة جمعوية مهتمة بحماية الطفولة، حملة وطنية لمقاطعة محترفي التسول بشوارع المملكة، وذلك تحت شعار “كافحه ولا تكافئه”، معتبرة أن الصدقة يجب أن تذهب للأيتام والمرضى والعاجزين وطلاب العلم وكل من “تحسبهم أغنياء من التعفف”، مشددة على أن منح الأموال لـ”مافيا التسول” يُعد مشاركة في جريمة كبيرة.

وأعلنت الجمعية الوطنية لحماية الطفولة، أن حملتها تأتي من أجل وضع حد لهذه الظاهرة التي “بدأت في إنتاج جيل يتَّكِل على مد اليد ويحارب ثقافة العمل”، مشيرة إلى أن “واقع الشارع المغربي ينطق بتفشي وتنامي ظاهرة التسول، ونظرا لكون الجهات الرسمية المخوّل لها محاربة الظاهرة في حاجة إلى انخراط الجميع”.

وطالبت الجمعية السلطات المعنية بتوفير مراكز خاصة بإيواء وإدماج الأطفال ضحايا التسول، داعية المواطنين إلى عدم منح الصدقة لـ”محترفي التسول مهما ألحّوا، ومحترفي النّصب بدعوى الحاجة مهما تفنّنوا”، لافتة إلى أن هدفها الأسمى هو رؤية “شوارع الوطن جميلة ولا أحد يمد يده إليك متسوّلا”، وفق تعبيرها.

دراسة اجتماعية

رئيس الجمعية الوطنية لحماية الطفولة لحلو عز العرب، أوضح في تصريح لجريدة “العمق”، أن هذه الحملة هي السادسة من نوعها التي تشرف عليها الجمعية، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تأتي بناءً على مجموعة من الدراسات التي قامت بها جمعيته، وانطلاقا من الشكايات والمضايقات التي يتعرض لها المواطنون من طرف “محترفي التسول”.

وأوضح عز العرب أن الدراسة الاجتماعية التي أنجزتها الجميعة حول الظاهرة، والتي شملت 1000 متوسل ومتسولة، كشفت أن %92 منهم ممتهنون للتسول ولا يريدون تغيير وضعيتهم رغم وجود وظائف توفر دخلا شهريا يصل إلى 3000 درهم، مضيفا أن %8 من المتسولين المشمولين بالدراسة يوجدون في بداية التسول ولم يصلوا بعد لمرحلة الامتهان.

وكشف المتحدث أن الفئة التي تمثل %8 من العيِّنة، استطاعت وقف التسول بعد حملات التحسيس التي قامت بها الجمعة، وإدراكهم للمقاربة الجزرية القانونية في الموضوع، خاصة بعدما اطلعوا على حالات تم تقديمها للعدالة إثر متابعتها قضائيا من طرف الجمعية المذكورة، مقدرا أعداد المتوسلين بالمغرب بـ140 ألف شخص.

حنان ليس في محله

المسؤول الجمعوي شدد في تصريحه للجريدة، على أن الهدف الأول من الحملة هو توعية المواطنين بأهمية توقفهم عن منح الصدقة لغير مستحقيها، وترسيخ ثقافة العمل في المجتمع عوض التكاسل والتسول بفعل سهولة ربح الأموال عبر هذ الظاهرة، لافتا إلى أن هناك متسولين يجنون حوالي 2000 درهم يوميا، متسائلا بالقول: “كيف يمكن إقناع هذه الحالات ببناء مستقبلها بمهنة شريفة وهم يحصلون على مبالغ طائلة يوميا؟”.

واعتبر عز العرب أن حنان وعاطفة المواطن تجاه محترفي التسول ليست في محلها، منبها إلى أن “منح الصدقة مثلا لسيدة تتسول رفقة أطفال في حالة استعباد، هو مشاركة في الجريمة، خاصة وأنهم يتحايلون على المواطنين باستغلال الأطفال كأداة للاستعطاف”، مشيرا بالقول: “تأتينا اتصالات من المستشفى تفيد بتعرض أطفال متسولين لعاهات مستديمة وأمراض بسبب ظروف التسول”.

وتابع قوله: “بهذا السلوك يصبح الأطفال الذكور مشاريع مجرمين، والبنات مشاريع أمهات عازبات، لأنهم يُحرمون من عيش طفولتهم بشكل طبيعي، ومعاناتهم تجعل ملامحهم أكبر من أعمارهم، خاصة بفعل ظروف الطقس وتعرضهم للبرد وأشعة الشمس يوميا، يجب وضع حد لهذه الظاهرة والتوقف عن المشاركة في هذه الجريمة بمبرر الحنان”.

وشدد على أن عملية الصدقة يجب تقييمها باستمرار من طرف المتصدقين، مشيرا إلى أن الأولوية في الصدقات هي إعطائها لمستحقيها خاصة للمقربين والمحتاجين الذين لا يسألون الناس، علما أن الدولة تحاول الإسهام في دعم الفئات المعوزة عبر عدد من البرامج التنموية، على رأسها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وصندوق التكافل الاجتماعي وغيرهما، بما يساهم في ترسيخ ثقافة العمل، وفق تعبيره.

معطيات صادمة

الفاعل الجمعوي المذكور، كشف لـ”العمق” عن وجود حالات صادمة لاستغلال الأطفال في ظاهرة التسول المنظم، مشيرا إلى أن جمعيته رصدت كراء طفلات لمحترفي التسول وفق 3 فترات في كل يوم من طرف “مافيا” منظمة ومحترفة، وذلك مقابل 100 درهم عن كل فترة، قائلا: “نرصد فتاةً صغيرة مع سيدة متسولة كل الصباح، ونجدها مساءً مع سيدة أخرى، وفي الليل تنتقل إلى امرأة ثالثة”.

وحذر المتحدث من أن هذا الظاهرة تشكل “مشروعا خطيرا منظما من طرف مافيات وشبكات محترفة”، داعيا السلطات المعنية إلى إحداث مراكز استعجالية خاصة بحماية الأطفال ضحايا التسول، مع إيجاد مكان لهم في مؤسسة مناسبة بعد ذلك، ريثما تقوم النيابة العامة بمتابعة الجاني ثم تأهيله ليصبح أهلا للأبوبة والأمومة”، منبها إلى أن “أجيالا تضيع باسم الفقر والحاجة، وهي في الحقيقة باسم العبودية”.

وبخصوص الإجراءات القانونية لردع الظاهرة، دعا عز العرب إلى الاقتداء بالدول المتقدمة للتأكد من نسب الأطفال لأمهاتهم وآبائهم المتسولين عبر فحص الحمض النووي، وقياس مستوى إدمانهم على الظاهرة، ثم وضعهم في مؤسسات رعاية خاصة بهم ريثما تتم متابعة الجاني، مسجلا أن النيابة العامة بالمغرب تتابع المتسولين المحترفين في حالة سراح، وهو ما يجعل جمعيته تحضر الجلسات لوحدها دون الطرف الآخر، فيما يتم إصدار الأحكام غيابيا.

وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية بسيمة الحقاوي، كانت قد دعت إلى ضرورة التفكير في زجر استفحال ظاهرة التسول بالمدن المغربیة، مشيرة إلى أن التجربة الإندونيسية تقوم على معاقبة المتصدقين على المتسولين، مشددة على أن الدوافع الأساسية للتسول تتجلى في عوامل اقتصادية واجتماعية أو نفسية بقصد حب استكثار المال، داعية إلى إحالة الحالات النفسية على العلاج وليس على السجون.

وأوضحت الحقاوي خلال جلسة بمجلس المستشارين، يوم 4 يونيو الجاري، أن الظاهرة استفحلت مع توافد الأفارقة والسوريين، معتبرة أن القانون وحده غير كافٍ للحد من الظاهرة، لافتة إلى أن العقوبة المنصوص عليها في القانون الجنائي تنص على معاقبة المتسولين من شهر إلى 6 أشهر، وتصل إلى سنة عند استعمال الأطفال، وفق تعبيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    حرام و الله العظيم الى حرام وهاد االاولاد الصغار في الشارع اانهار كله و مرات نجدهم حتى في الليل

  • غير معروف
    منذ 5 سنوات

    يجب محاربة بعض مخادعين