سياسة

علاقة القضاء بالصحافة.. موضوع ندوة من داخل محكمة بسيدي قاسم (فيديو وصور)

شهدت المحكمة الإبتدائية بسيدي قاسم، أمس الثلاثاء، نقاشا مستفيضا بين نخبة من رجال القانون وصحفيين من منابر إعلامية مختلفة، في ندوة علمية حملت عنوان “القضاء والإعلام.. أي سبيل لعلاقة متفاعلة؟”، وذلك في إطار انفتاح المحكمة على هيئة الصحافة والإعلام.

للقضاء والإعلام مبادئ مشتركة

وقال رئيس المحكمة الابتدائية بسيدي قاسم إدريس المداوي، في مستهل هذه الندوة، إن لكل من القضاء والاعلام مبادىء مشتركة، أبرزها الاستقلالاية والحياد والتجرد والكشف عن الحقيقة.

وأوضح المداوي أن القضاء والصحافة “لهما نفس الأهداف في ما يخص الحريات والحقوق والمساوات والإنصاف، وتحقيق ولوج سلس وعادل للمواطن لمرفق العدالة”.

استعمال المعلومات لأغراض مشروعة

حسن فرحان عن رئاسة النيابة العامة، اعتبر أن “الفلسفة العامة التي تقوم عليها القوانين الناظمة لحرية الصحافة هي تحقيق التوازن بين الحق في البحث عن الخبر ونشره وبين ضرورة الحفاظ على المصالح المحمية المتصلة بحقوق الآخرين وسمعتهم وحميميتهم، أو بالأمن والنظام العامين أو الآداب والأخلاق العامة”.

وأوضح فرحان في معرض حديثة عن “الخبر الصحافي بين الحق في الحصول على المعلومة ونشرها وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات”، أن “القانون سمح باستعمال المعلومات التي تم نشرها، شريطة أن يتم ذلك لأغراض مشروعة، وألا يتم تحريف مضمونها، ما قد يؤدي إلى الإساءة أو الإضرار بالمصلحة العامة”.

وأشار إلى أنه للقوانين المتعلقة بالحق في الحصول على المعلومة وبحرية الصحافة مجموعة من الاستثناءات تعتبر بمثابة حدود تؤطر ممارسة هذا الحق”، موضحا أن “الأمر يتعلق بكل ما له صلة بالحياة الخاصة للأفراد، وكذا الحقوق المرتبطة بمصالح الهيئات والمؤسسات”.

الصحافة مهنة كباقي المهن

عبد الله البقالي رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، استعرض بعض الإشكاليات التي تواجه تعريف الصحافي الذي تتجاذبه مدرستان مختلفتان، الأولى مهنية تمثلها الاتحادات الصحفية الدولية والعربية والإفريقية والتي تؤكد على أن الصحافي مهني، وأن الصحافة مهنة كغيرها من المهن.

وأوضح في مداخلته على أن الصحافة ضمن المدرسة الأولى تستوجب التوفر على مؤهلات أكاديمية وحرفية واضحة ودقيقة لممارستها، أما المدرسة الثانية فتمثلها المنظمات الحقوقية الدولية والتي تدرج الصحافة  ضمن حرية التعبير والنشر، مما يجعلها ليست حكرا على المهنيين، وهو ما أظهر مصطلح الصحافي المواطن.

وأضاف البقالي في موضوع “سؤال تخليق الممارسة الصحفية”، أن الصحفي إذا لم يكن ينتمي إلى هيئة ترتكز على ميثاق أخلاقية المهنة فإنه يصعب الحديث عن منتوج إعلامي مهني دقيق.

وانتقد رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية “لجوء السلطة القضائية إلى القانون الجنائي أو الإرهاب لمتابعة الصحافيين بدل قانون الصحافة والنشر”، وفق تعبيره.

القضاء لا يطاله التجديد

من جانبه، اعتبر محمد لغروس مدير جريدة “العمق”، أن “عملية التأثير بين الاعلام والقضاء هي متبادلة بين الطرفين”، موضحا أنه “لا يمكن الحديث عن هذا التأثير دون استحضار طبيعة النظام”.

وأبرز  لغروس أن “أي ضعف على مستوى الثقافة القانونية لا محالة سيخلق مشكلا بين السلطة القضائية والسلطة الرابعة”، مشيرا إلى “بعض التقييدات التي أصبح الصحفي مقيدا بها كإلزاميته في بعض الحالات إلى كشفه للقاضي عن مصادره الخاصة”.

وأشار مدير جريدة “العمق” إلى أن “القضاء لا يطاله التجديد الذي يطال مجال الإعلام الذي استفاد من الثورة التكنلوجية، ما يجعله  منظومة منغلقة وتسير بوثيرة بطيئة”.

وخلص لغروس في مداخلته حول موضوع “تأثير الإعلام على القضاء”، إلى أنه “إذا كان العدل أساس الملك فالإعلام عين القضاء وسلطة تمتنعه بنوع من التوازي والتمييز”.

المعلومة الجيدة تطرد المعلومة الرديئة

عبد الهادي الطالبي قاضي بمحكمة مكناس، يرى “أن هناك خيط رفيع بين الشخصية العامة والخاصة” موضحا أنه “يحق للصحفي اقتحام حياة الشخص العام في ما يتعلق بمهامه العامة  ونشاطه المهني، لكن عندما يتعلق الأمر بحياته  الخاصة ومن ماله الخاص فنكون أمام المس بالحياة الشخصية”.

ودعا الطالبي إلى “وجود مقاربة تشاركية وتزويد الصحفيين بالمعلومات الحقيقية”، معتبرا أن “المعلومة الجيدة تطرد المعلومة الرديئة”، منبها إلى أن “الحرية المطلقة هي مفسدة مطلقة”.

النموذج المطلوب هو الصحفي المسؤول وليس الصحفي الحر

من جهة أخرى  قال نور الدين لشهب خلال مداخلته بعنوان “القضاء وسؤال التنمية – الصحافة الجهوية نموذجا”  أن “الصحافة الجهوية تساهم في التعريف بالإمكانات الاقتصادية لمختلف الجهات أمام المستثمرين،  ويصبح  هذا الدور  مؤثرا  بشكل أكبر في حالة خضوعه التام  للمقتضيات القانونية”، مشيرا إلى أن  “النموذج المطلوب في المشهد الصحفي المغربي هو الصحفي المسؤول وليس الصحفي الحر”.

و أوضح  لشهب  “الدور الذي تلعبه الصحافة الجهوية في التنمية، من خلال رصد الأخبار الجهوية التي لا تجد لها موقعا في الإعلام الوطني”. مبرزا التنوع الثقافي في العديد من المجالات والتي تعتبر رمز غنا المغرب وفق تعبيره.

وفي ختام هذه الندوة العلمية التي عرفت مشاركة شخصيات قانونية وعددا من الإعلاميين المهتمين، تم تكريم كل من إيمان المالكي، الناطقة الرسمية باسم محكمة النقض، وسعاد المومني، صحفية ورئيسة قسم التكوين بالقناة الثانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *