منتدى العمق

هل ألغت الحكومة العمل بالعقود؟

واهم من يظن أن الدولة قد قامت بحل ملف الأساتذة المتعاقدين، وأن الأساتذة قد رضوا بحلول الدولة الواهية وعادوا إلى أقسامهم وسيظلوا في عملهم إلى أن يحصلوا على تقاعدهم الهزيل. وواهم من يظن أن الموسم المقبل وباقي المواسم ستمر مرور الكرام أو كما يقال “مرور الكيران”. ولكن جميل جدا أن نعود بالتاريخ إلى الخلف بخطوات وبالضبط إلى سنة 2016، إذ أعلنت الوزارة الوصية عن مباراة ولوج المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين بعد أن تم تخصيص 8000 منصب بميزانية الدولة لتلك السنة، إلا أن توالي احتجاجات الآباء خلال ذلك الموسم بعد أن اكتظت الأقسام والتي بلغت70 متعلما وأكثر بالفصل الواحد، دفع بأصحاب القرار إلى طرح حلول غير معقولة.ومادام المسؤولون يشتغلون وفق منطق “القوالب” تم استغلال المرسوم رقم 2.15.770 الصادر يوم 9 اغسطس 2016 والذي يحددشروط وكيفيات التشغيل بموجب عقود بالإدارات العمومية. فقام كل من وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار ووزير المالية محمد بوسعيد، بتوقيع المقرر المشترك 7259 يوم 7 أكتوبر 2016، واللذين جاءا بدين جديد بجانب الوظيفة العمومية، وقاما بضرب المادة الأولى لقانون الوظيفة العمومية بعرض الحائط، والتي تنص على أن ولوج سلك الوظيفة العمومية حق لكل مواطن ومواطنة، فأعلنا عن مباراة تشغيل بالعقود دون أن يخضع الناجحون (11000 منصب) لأي تكوين في المجال، وكأنهم مجرد حراس أمن بالمدارس التربوية. ونعود مرة أخرى لـ8000 منصب التي تم الإعلان عنها آنذاك، ونتساءل جميعا باستغراب، ما محل تلك المناصب من الإعراب ما دام أن مناصب الأساتذة المتعاقدين لا تدخل في إطار ميزانية الدولة؟ أين طمست تلك المناصب ولأي وزارة تم تحويلها؟!

إن السياسة الاقتصادية المتوحشة، التي تحاول الدولة فرضها على الشعب المغربي إرضاء لطلبات صندوق النقد الدولي، حتى تحصل على مزيد من القروض وتفكك الدرهم المغربي بشكل سريع، لن تجعلها في مصاف الدول المتقدمة وتنافس بذلك اليابان وسويسرا ولم نبتعد عن قارتنا، إذ إن الدولة المغربية ليست قادرة على الوصول إلى ما وصلته إيثيوبيا.

إن الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد خرجوا للشارع مرارا وتكرارا، وفي كافة فصول السنة، واتهموا بأنهم لا وطنيون ولا يهتمون بمصلحة التلميذ وجميع الأوصاف القدحية لازمتهم إبان فض معتصماتهم السلمية. لكن، ولسوء حظ الدولة، صادفت أن وظفت جيلا من أصحاب النفس الطويل، لم يرعبهم برد الليل، ولا تهديدات العزل ولا إجراءات وقف الأجور التي عرفتها مجموعة من الجهات، لا لشيء سوى إيمانهم بعدالة قضيتهم وأنه لا سبيل لتحقيق أي مطلب وانتزاعه ممن طغوا في البلاد، إلا بالنضال وبمزيد من النضال.

نحن نعلم كافة خطط الدولة لردع نضالات الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد، وقد انطلقت أول خطة بأكاديمية العيون الساقية الحمراء، والتي تقضي بإجراء تكوينات لفائدة معطلي الجهة في علوم التربية وتقنيات التدريس، وذلك بحجة استعدادهم لمباريات التعليم، إلا أننا نعلم أنه إجراء لتعويض كل أستاذ مضرب خلال الموسم المقبل. وإذا لم تستطع كبح نضالات الأساتذة ستلجأ لخطط أخرى لزرع الرعب والخوف في نفوس المحتجين كما وقع بعدة مناطق بالبلاد (الحسيمة، جرادة…)، لأن سياسة المخزن واحدة لا تتغير ولا تشهد أي تطور.

سيعود الأساتذة للنضال بساحة المعركة وبنفس جديد وروح قوية، إيمانا منهم بمشروعية حقوقهم وسيرا على خطى الشهيد عبدالله حجيلي الذي اغتالته القوى “الأمنية” بدم بارد، والتي بدل أن تقوم بتصفية شوارع الرباط وسلا وفاس وووو… من المجرمين وتصفية البلاد بأكملها من الفاسدين – المفسدين الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد، شرعت في تصفية تصفية أجساد المواطنين الشرفاء العُزَل.

إن الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد لا يمكن أن يُضحَك عليهم بالمصطلحات الزائفة، تارة يسمون بالأساتذة المتعاقدين وتارة بالأساتذة الموظفين بموجب عقود، ثم تنتقل الدولة لتسميهم بموظفي الأكاديميات إلى أن تغطي التعاقد بغطاء التوظيف الجهوي العمومي فتسميهم بأطر الأكاديميات. كل ذلك يدل على تخبط الدولة المغربية في هاته السياسة الرجعية وهي التي ستدفع بالبلاد نحو الجحيم في القادم من الأيام. كما أن الأساتذة لن يرضوا بـ”الميني – حل” وفاء لروح الشهيد الذي كان يضحي بماله ووقته من أجل الدفاع عن حق أبناء المغاربة في تعليم ووظيفة عموميتين، ووفاء لكافة زملائهم الذين لقوا الرفيق الأعلى.

على الشعب المغربي بكافة فئاته وأطيافه، بعيدا عن الحزازات القبلية أو السياسية أو الإيديولوجية… أن يعي بأن الحكومة “غادية به للخسران”، وأن نهج العمل بالعقود في مختلف القطاعات الاجتماعية ما هو إلا تمهيد لخوصصة جميع الميادين وجعل لوبيات القطاع الخاص تنهش في جيوبنا وتقتل روحنا رويدا رويدا، وأن كل تلك الصور الزهرية التي تُنشَر عبر الإعلام الرسمي ما هي إلا كذب في كذب، وأنه لا سبيل للعيش في كرامة وحرية إلا بالخروج للشارع ورفع شعار “لا للظلم، لا للحگرة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *